المتظاهرون يزيلون المتاريس في الخرطوم
بدأ مئات المتظاهرين الجمعة إزالة المتاريس والركام حول مكان اعتصامهم في الخرطوم، بعدما طالب المجلس العسكري الحاكم بإزالة الحواجز التي تعرقل حركة السير في بعض مناطق العاصمة قبل استئناف التفاوض حول العملية الانتقالية.
وحضّ المجتمع الدولي الجمعة على “استئناف فوري للمحادثات” في السودان بين المجلس العسكري وقادة المتظاهرين بهدف التوصل إلى انتقال سياسي “يقوده مدنيّون بشكل فعلي”، وفق ما أعلن مسؤول أمريكي في ختام اجتماع عُقِد في واشنطن.
واجتمع مساعد وزير الخارجيّة الأمريكي للشؤون الإفريقية تيبور ناجي مع ممثلين عن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والنروج “لتنسيق الجهود بهدف حضّ” الأطراف “على إيجاد اتفاق بأسرع وقت ممكن حول حكومة انتقالية” تكون “انعكاساً لإرادة السودانيين”.
وكتب ناجي على تويتر “رحّبنا مع شركائنا بالاتفاقات الأخيرة” بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة المدنية “في ما يتعلق بالمؤسسات الجديدة”.
وأضاف “عبّرنا أيضا عن قلقنا حيال أعمال العنف الأخيرة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين”، داعيا القادة العسكريين إلى “السماح بالتظاهرات السلمية وإلى محاسبة المسؤولين عن العنف”.
وأكّد أيضاً أن ممثلي البلدان الذين حضروا إلى واشنطن ناقشوا أيضا الدعم الذي سيُقَدّم إلى الحكومة المستقبلية بقيادة مدنيّة في السودان.
وعلّق المجلس العسكري الحاكم الأربعاء المباحثات مع قادة التظاهرات لمدة 72 ساعة، بعدما أكد أن الأمن تدهور في العاصمة حيث أقام المتظاهرون متاريس في شوارع عدة.
ويأتي قرار المجلس فيما كان مفترضاً أن يلتقي قادته مع زعماء التظاهرات لوضع التصور النهائي بشأن الفترة الانتقالية وتشكيل ثلاثة مجالس للسيادة والوزراء والتشريع خلال هذه المرحلة التي ستستمر ثلاث سنوات.
وهي أكثر مسألة شائكة في المباحثات الجارية لإعادة الحكم المدني للسودان بعد أن تولى الجيش الحكم في أعقاب إطاحة الرئيس عمر البشير.
وبدأ الاعتصام أمام المقر العام للجيش في السادس من نيسان/أبريل استمرارا للحركة الاحتجاجية التي انطلقت في كانون الأول/ديسمبر للمطالبة برحيل البشير، وقد أزاحه الجيش بعد خمسة أيام. ومذّاك، يطالب المتظاهرون المجلس العسكري بتسليم السلطة لحكومة مدنية.
ودعا الفريق عبد الفتاح برهان رئيس المجلس العسكري المتظاهرين إلى “إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام”، وفتح خط السكك الحديد بين الخرطوم والولايات ووقف “التحرّش بالقوات المسلّحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها”.
وفي الساعات الأولى يوم الجمعة، بدأ مئات المتظاهرين إزالة المتاريس مرددين هتافات ثورية في شارع النيل الرئيسي الذي أدى إغلاقه الى شلّ حركة السير في وسط الخرطوم أيّاماً عدّة.
وقال متظاهر غاضب فيما كان آخرون خلفه يزيلون حجارة وركاماً، “إذا لم تُلبّ مطالبنا، سنقوم بإعادة المتاريس”.
وظهر الجمعة، شهد شارع النيل مروراً انسيابيّاً بعد إزالة المتاريس، وهي المرّة الأولى التي يُفتح فيها أمام السيارات خلال هذا الأسبوع.
وأقام المتظاهرون المتاريس لممارسة ضغوط على المجلس العسكري الحاكم مع بدء التفاوض الاثنين. لكنّ المتاريس تسببت في صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن، حسب شهود.
وقال المجلس العسكري إنّ وجود متاريس في ارجاء الخرطوم أمر “غير مقبول أبداً”، لكنّ قادة المجلس سيسمحون باستمرار الاعتصام أمام مقرّ الجيش.
وأدّى المتظاهرون صلاة الجمعة أمام مقرّ الجيش، حيث جلس المصلّون على سجّاد ملوّن بينما احتمت النساء بمظلات كبيرة.
وقال محمّد اسماعيل مهندس كهرباء يبلغ 34 عاما من أم درمان وصل لكي يصلي الجمعة في الخرطوم “هذه ثاني صلاة جمعة في مكان الاعتصام”.
وأضاف بينما كان يغسل رأسه بالماء “لا تهمّني الحرارة (…) المهمّ أن ننتهي من هذا الأمر”، مشيراً إلى تسليم السُلطة للمدنيّين.
ووقف خطيب الجمعة فوق منصّة صغيرة أمام المصلّين وفوق رأسه علم السودان يحمله شخصان كمظلّة له.
وبسبب حرارة الشمس الخانقة، حمل صبية زجاجات مثقوبة كانوا يرشّون منها الماء على المصلّين.
وقال خطيب الجمعة “كلّ الاحترام لقوّات الجيش وقوّات الدعم السريع … هؤلاء شركاؤنا في هذه الثورة”.
وكان الفريق برهان طالب المتظاهرين في بيانه الأربعاء بأن يتوقّفوا عن “استفزاز” قوات الأمن، وقد دافع بشدّة عن قوّات الدعم السريع قائلاً إنّها “لعبت دوراً مهماً ومؤثّراً في أمن البلاد حرباً وسلماً”.
وحقّقت المباحثات بين الجيش وقادة الاحتجاج اختراقاً مهماً الاثنين، لكنّ أعمال عنف أودت بخمسة متظاهرين وضابط جيش.
واتّهم المتظاهرون قوّات التدخّل السريع شبه العسكرية بالمسؤوليّة عمّا حدث، لكنّ الفريق برهان قال “كان هناك عناصر مسلحة بين المتظاهرين أطلقوا النيران على قوات الأمن”.
وحمّلت الولايات المتحدة وبريطانيا السلطات السودانيّة مسؤولية أعمال العنف.
بدوره، وصف تحالف الحرّية والتغيير الذي يقود الاحتجاجات قرار تعليق المفاوضات بـ”المؤسف”.
وتعهّد المتظاهرون ممارسة ضغوط على المجلس العسكري عبر استمرار الاعتصام وحض المتظاهرين على البقاء في مكان الاعتصام أمام مقرّ الجيش.
ويصرّ المتظاهرون على فترة انتقاليّة يقودها المدنيّون وهو ما يُعارضه الجيش بقوّة حتّى الآن منذ الرضوخ لمطالب الاحتجاجات وإطاحة البشير.
وسجّلت المباحثات تقدّماً مهماً منذ الإثنين، وكان متوقّعاً أن تتطرّق الى تركيبة مجلس السيادة، أحد المؤسّسات الثلاث التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقاليّة التي اتّفق الطرفان على أن تكون مدّتها ثلاث سنوات.
وتشمل المفاوضات إنشاء مؤسّسات تتولّى مسؤوليّة التحضير لنقل كلّ السُلطات إلى المدنيّين.
وسبق أن توصّل الطرفان إلى اتّفاق على تشكيل مجلس سيادي وحكومة ومجلس تشريعي لإدارة المرحلة الانتقاليّة.
ويُتوقّع أن يتّخذ المجلس السيادي كلّ القرارات المرتبطة بالقضايا الوطنيّة. ويريد المجلس العسكري أن يكون المجلس السيادي برئاسة عسكريّة فيما يُصرّ المتظاهرون على أن يُشكّل المدنيّون غالبيّة أعضائه.
كما من المقرّر أن يُشكّل المجلس السيادي حكومةً مدنيّة انتقالية تحضّر البلاد لأوّل انتخابات في مرحلة ما بعد البشير.
وستكون الأشهر الستّة الأولى مخصّصة للتوصّل إلى اتّفاقات سلام مع حركات التمرّد في غرب البلاد والجنوب.
وحُددت هيكلية المجلس التشريعي أيضاً، ومن المتوقع أن يضم 300 عضو، 67% بينهم يختارهم تحالف قوى الحرية والتغيير. وتذهب بقيّة المقاعد إلى ممثّلين لقوى سياسية خارج هذا التحالف.