اللقاحات الأولية ربما تكون سلاحاً مضاداً! الرغبة في إنهاء الإغلاق تدفع الدول لاعتماد أدوية غير فعالة
كشف روبين شاتوك، البروفيسور في جامعة “إمبريال كوليدج لندن” والذي يقود حالياً الاختبارات التجريبية لأحد اللقاحات المعنية بعلاج فيروس كورونا، أن لجوء الدول لاستعمال لقاحات أولية لحماية الناس من التدهور الصحي في محاولة منهم لوقف الانهيار الاقتصادي، قد لا يقيهم من العدوى.
وعلى الرغم من أن توجيه ضربة قاضية للفيروس هو الهدف النهائي بطبيعة الحال، فإن اللقاحات المبكرة قد تكون قدراتها محدودة إلى حد ما، ويذهب شاتوك إلى أن “التوصل إلى لقاح يحمي من التدهور الحاد أو الأعراض الأشد التي يسببها الفيروس قد يكون أمراً جيداً جداً”، حسب تقرير نشرته وكالة Bloomberg الأمريكية.
الإغلاق الاقتصادي: إذ مع خروج الدول بحذر من عمليات الإغلاق الاقتصادي، يتطلع القادة بشدة إلى لقاح وقائي يتيح طريقة ما للعودة إلى حياة ما قبل الوباء. ومن ثم نرى مليارات الدولارات من الاستثمارات الحكومية يجري توجيهها للاستثمار في لقاحات قيد التطوير، سواء من شركات غير معروفة بدرجة كبيرة مثل CanSino Biologics Inc. الصينية أو من شركات عملاقة مثل شركة “فايزر” Pfizer Inc. الأمريكية وشركة “أسترا زينيكا” AstraZeneca Plc البريطانية.
وثمة لقاح تجريبي واحد على الأقل من بين اللقاحات الأسرع تقدماً قد انتقل بالفعل إلى مرحلة التجارب السريرية على البشر، وذلك بعد أن أظهر فاعلية في مواجهة حالات الإصابة الشديدة، وإن كان أقل فاعلية حيال العدوى، في الحيوانات. ويقول خبراء إن منتجاً كهذا ربما يستخدم على نطاق واسع إذا تمت الموافقة عليه، حتى ولو كان بقدرٍ ما، حتى يأتي لقاح أكثر فاعلية في السوق.
لكن متلقي اللقاح لا يزالون عرضة للإصابة بالعدوى
تطوير الأدوية: من جانب آخر، يقول مايكل كينش، خبير تطوير الأدوية والنائب المساعد بجامعة واشنطن في سانت لويس، إن للأمر عيوباً أخرى، إذ في حين أن لقاحاً كهذا قد ينطوي على إمكانية إنقاذ الأرواح، فإنه من جهة أخرى قد يقود بعض الدول المنهكة اقتصادياً إلى شعور بالرضا والاكتفاء به، ومن ثم “العودة التامة إلى الوضع الطبيعي، وعدم الإدراك بالضرورة أن متلقيه ما زالوا عرضة للإصابة”.
هذا في حين أن فيروس “كوفيد 19” يُعتقد أن عدواه تنتشر من أشخاص لا يظهرون أعراضاً، وقد يؤدي لقاح مضاد لأعراضه إلى إصابة أعداد أكبر من هؤلاء المصابين بالعدوى دون أعراض.
من الجدير بالذكر أن اللقاحات من بين الأسلحة الأشد فاعلية ضد الأمراض المعدية، وتمنع ما يصل إلى 3 ملايين حالة وفاة سنوياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ومع ذلك، فإن قليلاً منها، إن وجد أصلاً، فعال بنسبة 100% في جميع الأشخاص الذي يحصلون عليه. فعلى سبيل المثال، يعاني نحو 3% من الاشخاص الذين يتلقون لقاح الحصبة من درجة معتدلة من الإصابة بالمرض، ويمكن أن ينقلوه إلى آخرين خلال فترة الحضانة، حتى مع تلقي اللقاح وعدم ظهور أعراض شديدة.
عشرات اللقاحات: وفي غمار سعيهم لمواجهة التهديد المتزايد في أسرع وقت، يلجأ مطورو اللقاحات إلى تقنيات لم يسبق أن استخدمت بنجاح في البشر. وهناك أكثر من 130 لقاحاً مضاداً لفيروس “كوفيد 19” قيد التطوير، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
من جهتها، صرحت “إدارة الغذاء والدواء الأمريكية” عبر متحدثها مايكل فيلبيرباوم، أنها تدرس خيارات الاستعانة بلقاح يحول دون تطور المرض. إذ قال رداً على أسئلة: “من المحتمل أن نفكر في لقاحات تظهر قدرة على الوقاية من تطور المرض وتفاقم شدته، شريطة أن تدعم البيانات المتاحة فوائد متحققة للقاح. ومن ثم للحصول على الترخيص، قد لا نشترط أن يحمي اللقاح من العدوى”.
كذلك قال فيلبيرباوم إن هناك لقاحات مرخصة، مثل لقاح السعال الديكي، لم يثبت أنها تقي من الإصابة بالعدوى بمسببات المرض، ولكن ثبت أنها تحمي من أعراض الإصابة الشديدة به.