القيادة الفلسطينية تشرع باتصالات عربية ودولية لمواجهة مخطط ضم المستوطنات
شرعت القيادة الفلسطينية بإجراء سلسلة اتصالات سياسية، في إطار خطة التحرك لصد مخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهادف إلى فرض السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار ومستوطنات الضفة، خلال الستة أشهر الأولى من عمل حكومته الجديدة.
وفي هذا السياق، بحث الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، خلال اتصالات هاتفية، الموضوع مع كل من أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ووزير خارجية مصر سامح شكري، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي.
وتركزت الاتصالات، حسب بيان أصدره مكتب عريقات، على استمرار سلطة الاحتلال في ممارسة سياسات “التوسع والاستيطان والضم”، ومخاطر ذلك على أمن واستقرار المنطقة، وأهمية التعاون المشترك لمنع انتشار وتفشي وباء كورونا.
وتطرق عريقات في اتصالاته إلى جهود حشد الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” لتمكينها من استمرار تقديم خدماتها للاجئين في هذه الظروف الصعبة التي فرضت تحديات إضافية على الوكالة التي تواجه أساسا أزمة مالية ضاغطة.
كما جرى الاتفاق مع أبو الغيط، وشكري، والصفدي، وعريقات، على مواجهة إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تهدد وتقوض فرص تحقيق السلام العادل الهادف إلى تجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران للعام 1967.
وقد كشف النقاب في إسرائيل أن نتنياهو أبلغ قادة المستوطنات في الضفة الغربية، بما فيها الأغوار، أنه سيعمل على فرض السيطرة على تلك المناطق، وأنه توصل لتفاهمات مع حزب أزرق – أبيض بشأن قضية السيادة، وأن الحكومة ستعمل على تطبيقها في الأشهر الستة المقبلة.
من جهته، أكد الأمين العام للجامعة العربية أن إقدام إسرائيل على تنفيذ مخططات الضم لمناطق من الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء في الأغوار أو شمال الضفة أو غيرها “سيكون بمثابة لعب بالنار”، وقال إنه يمثل “دعوة مفتوحة لإشعال الموقف في وقت يحتاج العالم فيه لتركيز كافة جهوده وطاقاته لمواجهة الوباء العالمي الذي يُهدد الإنسانية بأسرِها”.
وقال أبو الغيط في بيان له عقب الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من عريقات: “إن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من استغلال الظرف العالمي الطارئ المتعلق بمواجهة وباء كورونا، من أجل توسيع البؤر الاستيطانية وفرض واقع جديد على الأرض، خاصة في القدس الشرقية ومحيطها، إنما يعكس غياباً للحد الأدنى من الشعور بالتضامن الإنساني في مواجهة الجائحة، وسعياً لتوظيف حالة الانشغال العالمي بمواجهة هذا الوباء من أجل تنفيذ مخططات اليمين الإسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية، خاصة في منطقة الأغوار”.
وأشار إلى أن جامعة الدول العربية رصدت خلال الفترة الماضية عدداً من المؤشرات التي تعكس “غياباً فاضحاً” للمعايير الإنسانية في تعامل سلطات الاحتلال مع المناطق الفلسطينية خلال أزمة الوباء العالمي، ومن ذلك ما يتعلق بأوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى إهمال سلطات الاحتلال لأوضاع الفلسطينيين في القدس الشرقية مقارنة باليهود في القدس الغربية، فضلاً عما تعرض له العمال الفلسطينيون في إسرائيل من معاملة غير إنسانية جراء انتشار وباء “كورونا” في إسرائيل.
جدير ذكره أن الرئاسة الفلسطينية أكدت رفضها القاطع لضم الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 أو أي جزء منها، وذلك في ردها على تصريحات نتنياهو بخصوص سياسة الضم والإعلان المتكرر عن قرب تنفيذها، سواء كان ذلك جزءا من المناورات السياسية أو تنفيذا لمخططات تتساوق مع “صفقة القرن”.
وشددت الرئاسة على أن الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية والتاريخية “لن تسمح بهذا العبث، وهكذا استخفاف بقرارات الشرعية الدولية والحقوق المشروعة لشعبنا”، وقالت إن ذلك “لن يحقق الأمن أو الاستقرار لأحد بهذه السياسة المدمرة والخطيرة”، مؤكدا أن الطريق الوحيد للأمن والاستقرار هو من خلال الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات مجلس الأمن وآخرها القرار 2334، ومبادرة السلام العربية، وجدول زمني محدود لإنهاء الاحتلال، كما ورد في خطاب الرئيس أمام مجلس الأمن في سبتمبر من العام 2019”.
وقالت الرئاسة الفلسطينية: “الشعب الفلسطيني لن يرضخ للاحتلال مهما كانت الظروف والمعاناة، وسيواصل نضاله وصموده على أرضه حتى قيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
عريقات يبحث هاتفيا مع ابو الغيط وشكري والصفدي اخر التطورات على الساحتين الفلسطينية والعربية
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عقد اجتماعين منفصلين عبر تقنية “الفيديو كونفرنس” والهاتف مع المفوض العام الجديد لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، ومع المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط لدى الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف، حذر خلالهما من خطورة الحديث عن اتفاق حول حكومة إسرائيلية، تؤيد ضم أجزاء من الضفة الغربية، مشيرا إلى أن العالم “يجب ألا يقف متفرجا على هذا المشهد الذي يقوّض القانون والقرارات الدولية، ويهدد بإنهاء حل الدولتين”.
وأكد اشتية على ضرورة حشد الدعم الدولي من أجل “الأونروا” لتتمكن من الاضطلاع بدورها الحيوي خلال هذه الأزمة.
وفي السياق، قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إن نتنياهو “سيكون واهماً إن اعتقد أن انشغال شعبنا بمكافحة وباء كورونا سيشغله عن الدفاع عن أرضه وعن حقوقه”.
وقالت في بيان لها: “لن يفيد نتنياهو كثيراً محاولاته استغلال الظرف الصعب لشعبنا لتمرير مشاريعه، فقد اعتاد شعبنا أن يجابه الصعوبات وأن يتحدى الكوارث، وهو لن يسمح لمشاريع نتنياهو بالمرور، خاصة وأن المعركة ضد كورونا أكدت له مرة أخرى أن وحدته الداخلية هي السلاح الأقوى لمواجهة أعدائه، إن كان كورونا من جهة أو الاحتلال من جهة أخرى”.
كما حذرت من خطورة ما تقوم به أحزاب اليمين الإسرائيلي، لاستكمال خرائط الضم في الضفة، لتطبيق خطة “صفقة القرن”.
والجدير ذكره أن خطة “صفقة القرن” الأمريكية، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 يناير الماضي، تؤيد ضم إسرائيل للمستوطنات والأغوار، وتلغي حق العودة وتشطب ملف اللاجئين.