القلق يخيم على أهالي وادي الحمص بعد تدمير الاحتلال 100 شقة
بالرغم من انتهاء سلطات الاحتلال من هدم عشرات الشقق السكنية، في حي وادي الحمص بالقدس المحتلة، إلا أن تخوفات الكثير من سكان الحي لا تزال قائمة، خشية من إقدام الاحتلال على هدم منازلهم في إطار عملية ثانية، وهو ما من شأنه أن يشرد عشرات العائلات الجديدة، بعدما نفذت إسرائيل أكبر عملية “تطهير عرقي” تستهدف المدينة منذ العام 1967.
وعبر الكثيرون من سكان الحي الواقع في بلدة صور باهر شرقي القدس المحتلة، عن تخوفهم من تعرض منازلهم خلال الأيام القادمة لعمليات هدم مشابهة لتلك التي نفذتها قوات الاحتلال، الإثنين، التي شردت بموجبها عشرات العائلات، وألقت بهم في الشارع من دون تمكينهم من إخراج مقتنيات منازلهم التي جرى تدميرها بشكل كامل.
ولا تزال هناك شقق سكنية أنذرتها سلطات الاحتلال بالهدم، وأخرى تقع في مناطق قريبة من الجدار الفاصل، وهي حجة تذرعت فيها سلطات الاحتلال لتنفيذ مخطط الهدم، الذي يعتبر “جريمة تطهير عرقي” كبيرة، لم تشهدها المدينة المقدسة منذ احتلالها عام 1967.
ويقول أحد أصحاب المنازل المهددة بالهدم، وهو رجل مسن في العقد السادس: “القرار ليس بالهين”، لافتا إلى أنه وضع كل ما قام بتوفيره من مال لبناء منزله الذي يأويه وأفراد أسرته، ويتابع: “بالآخر يأتينا قرار الهدم”، لافتا إلى أن المنزل يعد “حلما” تمكنت أسرته من تحقيقه بعد تعب كبير.
ويؤكد أصحاب البنايات المهدمة أن عملية بناء المنزل كلفتهم عمل سنين، حتى تمكنوا من تشييد مأوى للعائلة، لافتين إلى أنهم تقدموا بكل الأوراق اللازمة للترخيص، وحصلوا عليها من السلطة الفلسطينية كون المنطقة التي يقيمون فيها مصنفة “أ”، غير أن سلطات الاحتلال رغم ذلك أوصلت إليهم مرارا قرارات الهدم، الذي حول حياتهم إلى جحيم، وجعل جل تفكيرهم اليومي يتجه نحو تخيل شكل الأسرة حين تصبح بلا مأوى وفي العراء، كما عبرت إحدى السيدات القاطنات في وادي الحمص.
ويجمع سكان الحي على أن عمليات الهدم والقرارات التي أصدرتها سلطات الاحتلال، لها أهداف سياسية، تسعى من خلالها إسرائيل إلى طرد السكان الأصليين من أراضيهم، ضمن مخطط تهويد وضم مدينة القدس المحتلة، وتوسيع الاستيطان.
وكان وليد عساف، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، قال إن عمليات الهدم هي الأكبر منذ العام 1967، لافتا إلى أنها تأتي ضمن مخطط لهدم آخر في المنطقة سيشمل حوالي 225 شقة أخرى. وأكد المسؤول الفلسطيني أن أعمال الهدم تهدف إلى “إيجاد منطقة عازلة لفصل القدس عن بيت لحم وعدم تواصلها مع الضفة الغربية”.
وكانت قوات الاحتلال أنهت في ساعة متأخرة من ليل الأحد عملية الهدم التي طالت 16 بناية سكنية، تحتوي على 100 شقة، يقطنها نحو 500 مقدسي.
وصبيحة الثلاثاء، تمكن سكان البنايات المدمرة من تفقد المكان، ومشاهدة منازلهم التي أصبحت أثرا بعد عين، عقب انسحاب قوات الاحتلال وآلياتها العسكرية من المكان.
وجاء ذلك بعد أن رفضت محكمة الاحتلال التماسا قدمه أصحاب المنازل التي جرى تدميرها، لوقف تنفيذ القرار المخالف للقانون، خصوصا أن هذه المنطقة تقع ضمن المناطق المصنفة “أ” في الضفة الغربية، والتي تتبع إدارتها وسيادتها للسلطة الفلسطينية بموجب “اتفاق أوسلو”.
ويشار إلى أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال قامت الإثنين بمحاصرة الحي، ومنعت وصول المتضامنين والصحافيين إليه، بعد أن أعلنته منطقة عسكرية مغلقة، وقامت باستخدام آلات هدم ثقيلة وجرافات، وكذلك باستخدام الديناميت بتدمير العديد من البنايات السكنية.
وتخلل العملية قيام تلك القوات الكبيرة من جيش الاحتلال بالاعتداء على سكان البنيات المدمرة بالضرب المبرح، وبرش غاز الفلفل على وجوههم.
وقد لاقت جريمة قوات الاحتلال إدانات فلسطينية وعربية ودولية وحقوقية واسعة، لمخالفتها القوانين الدولية، وباعتبارها “عملية تطهير عرقي”.
ويشار إلى أن المنطقة التي شهدت هدم المنازل توجد ما بين مدينتي القدس المحتلة وبيت لحم، وغالبية سكانها من اللاجئين الفلسطينيين، الذين من المفترض أن يحظوا بحماية من الأمم المتحدة، لمنع تهجيرهم مرة أخرى.
وطالبت منظمة التحرير الفلسطينية، محكمة الجنايات الدولية، بفتح تحقيق عاجل في عملية هدم المنازل. وقال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية، إن القيادة الفلسطينية قررت وضع آليات لإلغاء كل الاتفاقيات مع إسرائيل.
والمعروف أن سلطات الاحتلال تستغل عمليات الهدم للمنازل، وكذلك عمليات طرد المزارعين من أراضيهم ومصادرتها فيما بعد، ضمن مشاريع مخطط لها مسبقا، وتهدف إلى توسيع نطاق المستوطنات، أو بناء أخرى جديدة على حساب الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي هذا السياق، كشف تقرير جديد لحركة “السلام الآن” الإسرائيلية، عن قيام سلطات الاحتلال بإنشاء 16 “بؤرة استيطانية” جديدة على أراضي الضفة منذ عام 2017.
وبين التقرير أن هذه البؤر الاستيطانية منتشرة في كل أنحاء الضفة الغربية، من جنوبي جبال الخليل وحتى الأغوار الشمالية، وفي الكتل الاستيطانية “غوش عتصيون” بين بيت لحم والخليل، و”ماطي بنيامين” من القدس حتى مستوطنة “أرئيل”.
وأشار إلى أن البؤر الاستيطانية الجديدة متنوعة في طبيعتها، بين الزراعي والسكني، وتمت إقامتها على أراض يزعم الاحتلال أنها “أراضي دولة” بشكل “غير قانوني”، بموجب قوانين الاحتلال.
وأوضح التقرير أنه يجري تثبيت هذه “البؤر الاستيطانية” التي تحظى بحماية سلطات الاحتلال، والتي تنشط فيها بشكل مكشوف، بينما تتجاهلها الإدارة المدنية الإسرائيلية، ونادرا ما يجري تطبيق القانون الإسرائيلي بشأنها، إلا بشكل محدود جدا.
وذكر المنظمة الإسرائيلية أن البناء على الأراضي التي يعتبرها الاحتلال “أرضي دولة” يتم بدون “تخطيط بناء مدينة”. ورغم أنه صدر قرار بهدم بعضها، إلا أنه لم ينفذ، وذلك لأن البناء غير القانوني على “أراضي دولة” يمكن ترخيصه بأثر تراجعي.