“القضاة الأوائل”.. مجير الدين العسقلانى “المتحرى الدقيق”.. أحب العلم فبلغت رسائله مئة مجلد
نشأته القضائية وطدت لديه مبادئ العدل، جده كان أول قاض بأسرته، لكن لم يذكر التاريخ إنجازات للجد أو لأحد آخر من الأسرة من القضاة إنجازات، لان ما حققه الحفيد غطى على كل شىء، فكان يميل للتحرى عن الحقائق، والبحث عنها ، حتى يصل إلى مراده، إنه القاضى مجير الدين أبو على عبد الرحيم العسقلانى.
” العسقلانى” ولد عام 529 هجريا، كان محبا للعلم، كثيرا الرسائل، حيث قيل أنه لو جمعت مسودات رسائله لبلغت مائة مجلد، مما يدل على مدى المعرفة التى كان يمتلكها، وحبه للكتابة.
القاضى الشجاع كان لا يهاب الحكام، ومن المواقف الكفلية بأن تدل على ذلك، حينما عرض جيش الصليبيين على الوالى إطلاق سراح أحد الأسرى الكبار في الجيش، مقابل الحصول على فدية مالية كبيرة، ورفض القاضى الشجاع ذلك، بل وأعلن موقفه للحاكم صراحة ، لأن ذلك ضد مصلحة الإسلام والمسلمين.
موقف “العسقلانى” ، أدى إلى إقالته من القضاء، من قبل الحكام الفاطميين فى مصر، ومصادرة أمواله بالكامل، الأمر الذى أحزنه حزنا شديدا، لغياب العدل وأن كلمة الحق أصبحت بمثابة سيفا تقطع رأس صاحبها، لدرجة أنه توفى على إثر تلك المواقف معه.
من جانبه يقول الدكتور سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، جامعة الأزهر السابق ،عضو المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، فى تفنيده للطريقة التى يتعامل بها القاضى مجير الدين العسقلانى، إن فداء الاسير موجود فى القرآن الكريم، وبحكم الشرع فإن تبادل الأسرى مسموح به، كما أن الفتوى الشرعية تقول يتم استبدال الأسرى حسب ظروف الدولة.
وأضاف” قزامل”، أن القاضى مجير الدين العسقلانى من الممكن ان يكون قد رفض إطلاق سراح أحد الأسرى الكبار في الجيش الصليبي لان ذلك يؤدى إلى إضعاف الدولة وضياع هيبتها وبالتالى قد يكون القاضى على حق فى تكييف الواقعة حسب الزمان والمكان.
وأشار” قزامل”، إلى أن الأمر قد أسند له ليبدى فيه رأيه، فلا يستطيع أن يلومه أحدا فيه لأنا ذلك يضيع هيبة القضاء، موضحا أن ما حدث معه من جانب الحاكم يعد بمثابة إهانة للقضاء وأن بعض الأئمة رفضوا القضاء لهذا السبب مثل الإمام أبو حنيفة، لأن مهنة القضاء سامية يجب احترامها، ويحق لرئيس الدولة أن يقضى وفق مصلحة الدولة، لكن يجب أن يحترم رأى القضاء ولا يوبخه.