الفلسطينيون يمتلكون 13% فقط من أراضي القدس
يحتفل الفلسطينيون الليلة بأحد الشعانين وبدء أسبوع الآلام، مع تشييعهم لجثامين ستة عشر من أبنائهم قضوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مسيرة إحياء ذكرى يوم الأرض.
ومن جملة الآلام التي يعانيها الشعب الفلسطيني فقدان غالبية أراضي القدس، وفي هذا السياق، يرصد مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية ببيت الشرق في القدس خليل تفكجي، في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”، الوضع السابق والحالي للفلسطينيين على هذه الأراضي، وكيف سيطرت إسرائيل على الأراضي سواء في القدس أو الضفة الغربية.
13%من أراضي القدس يمتلكها الفلسطينيين
ويقول تفكجي، إن “الفلسطينيين اليوم أصبحوا يمتلكون 13 بالمئة فقط من أراضي القدس، بعدما كانوا يمتلكون أكثر من 90 بالمئة قبل النكبة”، موضحا أنه “في عام 1976 كان هناك يوم الأرض عندما بدأ الجانب الإسرائيلي في تلك الفترة بمصادرة المزيد من الأراضي وخاصة داخل حدود عام 1948. كنا نملك 96 بالمئة من الأراضي وفي يومنا هذا نملك فقط 4 بالمئة، وفي القدس كنا نملك 100 بالمئة واليوم أصبحنا نملك فقط 13 بالمئة”.
ويرى تفكجي أن “حقيقة ما يجري على الأرض سواء في الضفة الغربية أو داخل الخط الأخضر أو في القدس هو أن الجانب الإسرائيلي قد اتخذ قرارا حاسما هو السيطرة على الأرض وطرد السكان الفلسطينيين”، مؤكداً أن “إسرائيل استغلت قضية السلام للسيطرة على الأراضي، سواء في القدس أو داخل الضفة الغربية. واليوم الجانب الإسرائيلي يركز على نقطة رئيسية وهي ضم هذه الأراضي التي هي تحت سيطرته وإبقاء الفلسطينيين عبارة عن معازل محاطة بجميع الجهات”.
ذكري يوم الأرض
ويمضى تفكجي قائلا “يأتي ذكرى يوم الأرض ونحن لم نستطع وضع استراتيجية كيف الدفاع عن هذه الأراضي، وبالتالي الجانب الإسرائيلي كان لديه استراتيجية واضحة تماما وهي ما يجري الآن من تطهير عرقي والسيطرة على الأراضي، سواء كانت في منطقة النقب وهدم القرى الفلسطينية فيها، مثل “أم العراقيب، وأم الريحان، والفارسية، وسوسيا، ومسافر يطا”، فالجانب الإسرائيلي وضع مخططاته سواء لمدينة القدس عام 2020 أو عام 2050 أو في الضفة الغربية في قضية عزل هذه المناطق سواء عن طريق الجدار أو السيطرة على الأغوار، حيث يتم الطرح الآن على أن الأغوار ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية، وبالتالي حرمان الفلسطينيين من حوالي 27% من مساحة الضفة الغربية، وتعتبر هذه المنطقة ذات ثروة زراعية سياحية، مائية، واقتصادية”.
قتل 16 فلسطينياً
وشيع آلاف الفلسطينيين أمس جثامين 16 شابا قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مشاركتهم إلى جانب عشرات الآلاف بمسيرة العودة التي انطلقت قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل إحياءً ليوم الأرض، وقد قابلها الجيش الإسرائيلي بالقمع وإطلاق الرصاص، ما أدى لمقتل 16 فلسطينيا وإصابة 1416 فلسطينيا، بينهم مصابون بإصابات خطيرة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
كما تظاهر آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية، وانطلقوا بمسيرات صوب نقاط التماس، قابلها الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي، والمطاطي، وقنابل الصوت والغاز، ما خلف عشرات الإصابات، فيما نظم سكان المناطق العربية في إسرائيل، مهرجانا مركزيا في مدينة عرابة إحياء لذكرى يوم الأرض الذي يمثل خصوصية لدى الشعب الفلسطيني.
وحول عدد المستوطنات داخل مدينة القدس والضفة الغربية، يقول تفكجي “هناك خمسة عشرة مستوطنة اسرائيلية داخل مدينة القدس يسكنها 220 الف مستوطن إسرائيلي، وهي داخل حدود بلدية القدس التي تم توسيعها بعد عام 1967، وفي محافظة القدس ككل هناك اكثر من 27 مستوطنة إسرائيلية”.
145 مستوطنة إسرائيلية
أما الضفة الغربية فهي تضم ” 145 مستوطنة يزيد عدد سكانها عن 470 ألف مستوطن، ويجري الآن عملية زيادة لأعدادهم لتقديم مزيد من الأموال وجعل هذه المناطق ذات أفضلية قومية، بالإضافة للشروط المريحة للاستيطان داخل الضفة الغربية”، “كذلك يضاف إلى هذا العدد “وجود أكثر من 116 بؤرة استيطانية جزء كبير منها تتحول مع الزمن إلى مستوطنات دائمة”.
وحول قانون سحب الإقامة، اعتبر تفكجي القانون الذي يخول وزير الداخلية الإسرائيلي سحب الإقامة من المقدسيين في حال ثبت قيام أحدهم بأعمال تضر بأمن إسرائيل سبب من أسباب عملية تقليص نسبة السكان الفلسطينيين، داخل مدينة القدس، حيث قال ردا على سؤال حول القانون “هو ضمن السياسة الإسرائيلية لتقليص عدد السكان العرب داخل القدس، ففي عام 1973 وضعت إسرائيل “لجنة ليفني” التي قامت على أساس تقليص عدد الفلسطينيين إلى 22 بالمئة من إجمالي عدد السكان، لكن الفلسطينيين وصلت نسبتهم إلى 41 بالمئة العام الماضي”.
وتابع تفكجي “في عام 2040، وبحسب الرؤية الإسرائيلية، سيكون هنالك 55 بالمئة من إجمالي عدد سكان المدينة من العرب، بالتالي رئيس البلدية عربي والأغلبية عربية، إذا أين عاصمة الدولة العبرية، فمن ثم جاء جدار الفصل العنصري وأخرج من المدينة نحو 150 ألف فلسطيني يعيشون خارج حدود بلدية القدس”.
صراع ديموغرافي
وأردف الخبير الفلسطيني قائلاً “الآن الجانب الإسرائيلي يريد أن يقلص نسبة السكان العرب، لأن الصراع في القدس ليس صراعاً جغرافياً على الأرض، بل صراعاً ديمغرافياً بامتياز، على هذا الأساس تثار قضية سحب الهويات، فكان هنالك منذ عام 1967 حتى هذه الأيام أكثر من 15 ألف فلسطيني فقدوا هوياتهم المقدسية بحجج انهم يسكنون خارج حدود الدولة العبرية، أو يحملون جنسية أخرى”.
وواصل تفكجي “اليوم قضية سحب الهوية المقدسية [الإقامة الدائمة] بحجج أمنية هي سبب من أسباب عملية تقليص نسبة السكان الفلسطينيين داخل مدينة القدس، لأن الجانب الإسرائيلي يعتبر هذا الموضوع أن أي إنسان فلسطيني يوجه إليه أي اتهام يمكن أن تسحب هويته، وبالتالي أصبح القانون سيفاً مسلطاً على كل مقدسي انه يتهم وبالتالي يفقد حق الإقامة ويعني ذلك ليس له أي مكان داخل القدس أو الضفة الغربية ويجب ترحيله”.
وأقر الكنيست الإسرائيلي في مطلع الشهر الجاري قانونا يمنح وزير الداخلية صلاحية سحب الإقامة الدائمة من سكان القدس، في حال أدينوا بارتكاب جرائم تشكل مساسا بأمن إسرائيل.
يوم الغضب
يذكر أن القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية دعت إلى يوم غضب الجمعة الماضية لإحياء ذكرى يوم الأرض، من خلال المسيرات والفعاليات والأنشطة في القرى والأرياف، وتوسيع الحراك الشعبي في مناطق الاحتكاك اليومي، رفضا للجدار ومناطق التماس في قرى الجدار والاستيطان.
ويوم الأرض الفلسطيني هو يوم يُحييه الفلسطينيون في الثلاثين من آذار/مارس من كل عام، وتَعود أحداثه لآذار 1976 حينما قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات [الدونم يساوي ألف متر] من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة، وقد عم اضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب واندلعت مواجهات أسفرت عن مقتل ستة فلسطينيين وإصابة واعتقال المئات.
ويعتبر يوم الأرض حدثاً محورياً في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الإسرائيلي حيث أن هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.