الغرب يخشى ميليشيات إيران العربية أكثر من جيشها
الميلشيات الموالية لإيران تمثل التهديد الأكبر على المصالح الغربية المنطقة، بهذه الكلمات حذر جنرال أمريكي من استخدام طهران للميليشيات الموالية لها بالمنطقة في تنفيذ هجمات ضد الغرب مع تصاعد التوتر بين الطرفين.
فهذه الميليشيات المكونة في الأغلب من مقاتلين عرب شيعة هي سلاح إيران الأمضى وليس جيشها، فلماذا يصعب على الغرب التعامل مع هذه الميليشات وتعتبر صداعاً في رأسه.
وفي هذا الإطار، حذر الجنرال الأمريكي جيمس كونواي من أن إيران يمكن أن تطلق «موجة جديدة من الهجمات الإرهابية» على الغرب مع تصاعد مشكلة ناقلة النفط في الخليج، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة The Sun البريطانية.
وقال كونواي الذي قاد فيلق مشاة البحرية الأمريكية خلال حرب العراق، لصحيفة Daily Star Online البريطانية إنَّ إيران يمكنها حشد مجموعاتها الإقليمية بالوكالة لتنفيذ الضربات.
إنها قد تشن حرباً بالوكالة
ووصلت التوترات بين الغرب وإيران إلى نقطةٍ فاصلة بعد أن حاول الحرس الثوري الإيراني السيطرة على ناقلة نفطٍ بريطانية يوم الأربعاء، 10 يوليو.
ويُعتقد أنَّ هذه الخطوة العدوانية جاءت رداً على استيلاء بريطانيا على ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق، في الرابع من يوليو.
وأبلغ وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، السبت 13 يوليو 2019، نظيره الإيراني أن بريطانيا ستسهّل الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية المحتجزة (جريس1) إذا حصلت على ضمانات بأنها لن تتوجه إلى سوريا.
على الرغم من خلاف ناقلات النفط المتزايد، يعتقد الجنرال كونواي أنَّ هناك «فرصةً ضئيلة» لنشوب حربٍ واسعة النطاق بين الولايات المتحدة وإيران.
وبدلاً من ذلك، يعتقد الجنرال أنَّ الجماعات الإرهابية الإيرانية بالوكالة تشكل التهديد الأكبر.
إذ قال لصحيفة Daily Star Online البريطانية: «إنَّ النظام الإيراني في حالة حرب مع الشعب الإيراني، والمجتمع الدولي -من خلال الوكلاء مع الولايات المتحدة- على مدار الأربعين عاماً الماضية.
وأضاف قائلاً «ما يقلقني بشكلٍ مباشر هو الآتي: موجةٌ جديدة من الهجمات الإرهابية المدعومة من إيران على المدنيين، ومحاولة تعطيل إمدادات النفط العالمية. ولكن على المرء أن يدرك أن آيات الله ضعفاء، وأن هذه أعمالٌ نابعة من شعورهم باليأس».
بعد أن بدأت إيران تهدد بعواقب ما فعلته معها بريطانيا
وحذَّرت إيران من وجود «عواقب»، إثر استيلاء مشاة البحرية الملكية البريطانية على ناقلة النفط العملاقة الإيرانية «جريس 1″، والتي يُشتبه في أنَّها تنقل النفط الخام إلى سوريا.
وفي تهديدات جديدة، قال عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، لـ»وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية»: «هذه لعبة خطيرة، ونحن ننصحهم بعدم التورُّط في هذه اللعبة تحت تأثير أمريكا. نطلب منهم مرةً أخرى إطلاق سراح الناقلة على الفور، وهو الأمر الذي سيكون في مصلحة جميع الدول».
وهدَّدت إيران بالاستيلاء على ناقلةٍ بريطانية بهدف الانتقام، في حال عدم الإفراج عن الناقلة «جريس 1».
ووجه اللوم لإيران عن سلسلةٍ من هجمات الألغام البحرية المدمرة على ناقلات النفط ذات صلة بالولايات المتحدة في مضيق هرمز خلال الفترة الماضية.
وفي الشهر الماضي، ألغى دونالد ترامب غارةً جوية مخطط لها على أهدافٍ عسكرية إيرانية في اللحظة الأخيرة، رداً على إسقاط طائرةٍ أمريكية بدون طيار.
وكانت إيران تتجهَّز لمحاربة الغرب، في الوقت الذي تعاني فيه من إلغاء الصفقة النووية من قبل الولايات المتحدة.
وبدأت طهران الآن في تجاوز الحد الأقصى، المنصوص عليه في الاتفاق النووي لعام 2015، لتخصيب اليورانيوم، وهي مادةٌ أساسية ضرورية لصنع أسلحة نووية.
ويقول الخبراء إنَّ هذا قد يضع إيران، التي اتُّهِمَت بدعم الإرهاب في جميع أنحاء العالم، في طريقها لتصبح قوةً مسلحة نووياً خلال 12 شهراً.
وفي علامة على تصاعد التوتر، أعربت كلٌ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا -وجميعهم أطراف في الاتفاق النووي- عن قلقها إزاء الخطوة التي اتخذتها طهران.
كما كانت محاولة الزوارق الإيرانية اعتراض السفينة البريطانية محاولة واضحة من طهران لوضع تهديداتها موضع التنفيذ.
حلفاء إيران في الشرق الأوسط هم سلاحها الأقوى
وبينما وسَّعت طهران من نطاق تواجدها بشكلٍ ملحوظ على مدار العقد الماضي، بدءاً من لبنان وسوريا، ووصولاً إلى العراق واليمن، وانتهاءً بقطاع غزة.
وتمكَّنت إيران من تطوير حلفاء أقوياء في البلدان التي مزقتها الصراعات بجميع أنحاء الشرق الأوسط.
ويُعَدُّ حزب الله هو أحد أبرز أعضاء «محور المقاومة»، وهو عبارةٌ عن جماعاتٍ مسلحة تضُمُّ عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة الذين ينتمون لطهران.
واستخدمت إيران تلك الجماعات في الماضي لضرب خصومها الإقليميين، ويمكنها حشدهم ضد الغرب في ظل استمرار التوترات.
ولكن في حال نشوب حربٍ كاملة بين الولايات المتحدة وإيران، يرى الجنرال كونواي أنَّ النظام الإيراني «لا يُضاهي الجيش الأمريكي».
ولذلك فالأفضل بالنسبة للإيرانيين هو استخدام الميليشيات التابعة لها في المنطقة.
وتكمن مواطن قوة حلفاء إيران في الأغلب أنهم متغلغلون داخل عدد من المجتمعات العربية التي يتعايش فيها السنة والشيعة مما يعني أن استهدافهم سيؤدي إلى خسائر كبيرة للمدنيين بلا جدوى عسكرية في الأغلب.
وبالنسبة لإيران فإن هذه الميليشيات هي سلاح فعال جداً وقليل الأعباء.
فقصف هذه الميليشيات أو فرض عقوبات عليها لن يضر إيران لأنها تتواجد في دول أخرى.
كما أن سقوط ضحايا من بين صفوف هذه الميليشيات لن يثير الرأي العام الإيراني لأن أعضاءها من غير الإيرانيين وغالباً من العرب أو الأفغان أو الباكستانيين، وكذلك تستطيع إيران التنصل من أعمال هذه الميليشيات وقتما تشاء.
ورغم أن إيران تمول هذه الميليشيات، ولكن هناك مؤشرات على أن مساحة التمويل الذاتي تزداد لهذه الميليشيات سواء عبر طرق شرعية أو غير شرعية.
ومكنت هذه الميليشيات من السيطرة على أربع عواصم عربية وتشييد إمبراطورية بأموال ودماء عربية، والآن هذه الميليشيات تلعب دوراً في حماية طهران نفسها باعتبارها السلاح الأصعب في تعقبه بين كل الأسلحة الإيرانية.
وفي هذا التقرير نعرض أهم حلفاء إيران في المنطقة وقدراتهم الرئيسية وطبيعة علاقتهم بإيران
أهم الميليشيات الموالية لإيران
حزب الله.. أنجح صادرات إيران الثورية
أنشأ الحرس الثوري الإيراني الميليشيا إبان الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينيات.
وهي اليوم من بين أكثر الجماعات المسلحة فعاليةً في المنطقة، إذ تمُدُّ نفوذ إيران ليصل إلى عتبة باب إسرائيل.
وفي ورقةٍ بحثية أصدرها معهد بروكينغز الأمريكي في وقت سابقٍ من هذا العام، وصف مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق جيفري فيلتمان الجماعة بأنَّها «أنجح صادرات» إيران الثورية، وأنَّها «أداةٌ متعددة الأغراض» لطهران.
وتشكَّل «حزب الله» لقتال إسرائيل بعد غزوها للبنان عام 1982.
إذ شنت الجماعة حرب عصابات استمرت 18 عاماً ضد القوات الإسرائيلية، مما أجبرها في نهاية المطاف على الانسحاب من لبنان عام 2000.
وبعد ست سنوات، حاربت الجماعة إسرائيل حتى وصلوا إلى طريقٍ مسدود في حربٍ استمرت لمدة شهر.
واليوم، تمتلك الجماعة مستودع أسلحة يحوي عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف التي يمكن أن تصل إلى أعماق إسرائيل، بالإضافة إلى آلاف المقاتلين المنضبطين للغاية والذين لديهم خبرة في الحروب.
قاتلت جماعة حزب الله إلى جانب القوات الحكومية في سوريا لأكثر من ست سنوات، مما أكسبهم المزيد من الخبرة في ميدان المعركة ووسَّع نطاق نفوذهم.
وفي الداخل، تتجاوز قوة الجماعة سلطة القوات المسلحة اللبنانية. وإلى جانب حلفائها، تتمتَّع الجماعة بسلطةٍ أكبر من أي وقت مضى في البرلمان والحكومة.
وعزز حزب الله هيبته العسكرية في البلاد إثر أحداث 7 مايو 2008 عندما اقتحمت قواته العاصمة بيروت واعتدت على السنة والدروز في المنطقة إثر قيام الحكومة التي كان يقودها أكبر تيار سني في البلاد هو تيار المستقبل بمحاولة تفكيك شبكة اتصالات الحزب.
ويقول حزب الله إنَّه لا يسعى إلى حرب أخرى مع إسرائيل، رغم خطابه الحاد، وإنه يستبعد الانضمام إلى أيّ مواجهة إقليمية -ليس في المراحل المبكرة على الأقل- ما لم يستفزه أحد.
وفقد حزب الله مئات المقاتلين في سوريا، مما تسبب في خسائر فادحة في المجتمع الشيعي الذي تستمد منه الجماعة معظم دعمها.
الحوثيون.. لم يُهزموا رغم ضراوة القصف السعودي
زحف المتمردون الشيعة في اليمن، الذين يُعرفون باسم الحوثيين، من الشمال واستولوا على العاصمة صنعاء في عام 2014.
ودخل تحالفٌ تقوده السعودية الصراع إلى جانب الحكومة في العام التالي.
وتسبَّبت الحرب منذ ذلك الحين في مقتل عشرات الآلاف من الناس، وأدَّت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وتعتبر السعودية أنَّ الحوثيين هم وكلاء إيران، في حين اتَّهم خبراء من الأمم المتحدة والغرب طهران بتوفير الأسلحة للمتمردين، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى التي أطلقوها على السعودية.
وتدعم إيران المتمردين ولكنها تنفي تسليحهم.
ولم يفقد الحوثيون الكثير من الأرضي منذ دخول التحالف في الحرب، واستهدفوا العاصمة السعودية الرياض بصواريخ بعيدة المدى.
وزعموا أنَّ هجوماً بطائرة بدون طيار أدَّى إلى إغلاق خط أنابيب رئيسي للنفط في السعودية، فردَّت السعودية بضربات جوية على العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها المتمردون، مما أسفر عن مقتل مدنيين.
ميليشيات العراق.. القوة التي قاتلت بجانب الأمريكيين وتهدد الآن بطردهم
عملت إيران على تدريب، وتمويل، وتجهيز الميليشيات الشيعية العراقية التي قاتلت ضد القوات الأمريكية في السنوات التي تلت غزو عام 2003، وأُعيد تجميعها لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد عقدٍ من الزمن.
وتشمل الجماعات «عصائب أهل الحق»، و «كتائب حزب الله»، و «منظمة بدر». ويقود الجماعات الثلاث رجالٌ لهم صلات وثيقة بقاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» لقوات النخبة، ومهندس الاستراتيجية الإقليمية لطهران.
وتندرج الميليشيات تحت مظلة قوات الحشد الشعبي في العراق، وهي مجموعةٌ من الميليشيات الشيعية التي اندمجت مع القوات المسلحة للبلاد في عام 2016.
ويتجاوز عددهم معاً أكثر من 140 ألف مقاتل تحت سلطة رئيس الوزراء العراقي، لكن كبار قادة قوات الحشد الشعبي العراقية متحالفون سياسياً مع إيران.
وقاتلت القوات الأمريكية وقوات الحشد الشعبي جنباً إلى جنب ضد مقاتلي الدولة الإسلامية، بعد أن دعا البرلمان العراقي الولايات المتحدة إلى دخول البلاد من جديد في عام 2014.
ولكن الآن وبعد انتهاء الحرب إلى حد كبير، يدعو بعض قادة الميليشيات القوات الأمريكية إلى المغادرة مرة أخرى، وهددوا بطردهم بالقوة إذا لزم الأمر.
المناضلون في غزة.. حلفاء مستقلون وليسوا أتباعاً
لطالما دعمت إيران الجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حكام حماس في غزة، وخاصةً جماعة «الجهاد الإسلامي» الأصغر.
وتدهورت علاقة حماس مع إيران إثر ثورات الربيع العربي عام 2011، ما أدَّى إلى خسارتها ملايين الدولارات التي كانت تصلها في صورة مساعدات شهرية.
وتُعاني الجماعة اليوم أزمةً مالية حادة. إذ لم يحصل موظفوها والعاملون في المصالح الحكومية داخل غزة على رواتب كاملة منذ سنوات.
ويُقال إنَّ طهران واصلت دعمها العسكري للجناح المسلح في «حركة حماس»، ولكن يبدو أن الجماعة تحصل على معظم مساعداتها من قطر، مما يستبعد أن تأخذ جانب طهران في نزاع إقليمي.
ويُنظر إلى «الجهاد الإسلامي»، وهي جماعة سنية أخرى، على أنها أقرب إلى إيران. لكنَّها لا تزال غير متشابكة بعمق مثل «حزب الله» أو الجماعات الأخرى.
وأطلقت «حركة حماس» و»الجهاد الإسلامي» مئات الصواريخ من غزة خلال معركةٍ مع إسرائيل في شهر مايو.
واتَّهمت إسرائيل «الجهاد الإسلامي» بإثارة العنف، الذي كان الأسوأ منذ حرب 2014. ولم تنكر الحركة الاتهامات الإسرائيلية.