العيد في الجزائر.. زواج و كوليرا ــــــ معمر حبار
أكرمني ربّي أن علّمت أبنائي ذبح الأضحية بعدما علّمتهم السّباحة والسّياقة حتّى أصبحوا أفضل منّي، و “أكرم” إبني هو الذي تكفّل هذا العام بذبح الأضحية، فكانت أحسن من الأعوام القادمة في انتظار أن يبلغوا الكمال والتمام.
رفضت طلب الجيران أن أمدّهم بأبنائي ليذبحوا الأضحية، وقد أعلمتهم أنّ أبنائي ليسوا المحترفين، وأنّ في الجيران من يذبح لأجل المال وقوت الأبناء ولا أرضى أن أكون أو يكون أبنائي سببا لقطع الأرزاق.
زرت اليوم الأوّل رفقة الزّوجة وأبنائي الأربعة و”ليد” و “أكرم” و”ملاك” و”شمس الدين” أخي الأكبر “عابد”، الذي زادت صحته تدهورا، وأسأل الله له الصّحة والشّفاء والعافية.
في اليوم الثّاني، بدأت الزيارة بالإمام الشيخ عمر مقدود، وقد جعلت زيارته كزيارة الوالدين لا يمكن بحال أن أتخلى عنها، وأسأل الله أن يوفّقني في الحفاظ عليها والمداومة عليها. وقد تحدّثنا في أمور فقهية واجتماعية، وممّا اقترحت عليه: فتح أبواب المساجد لـ: البنّائين، والتّجار، والأطباء، والمحامون، والقضاة، والإداريين، والأساتذة، واللاعبين، والكتاّب، وأصحاب الحرف، والأثرياء، وأصحاب المصانع، والسّينمائيين وغيرهم، قصد تقديم الفقه الخاص بكلّ وظيفة ولكلّ فئة وفي صورة جميلة حسنة تعتمد على الواقع والممارسة، وفي نفس الوقت يستفيد الإمام من أصحاب هذه الوظائف والمهن فيفتي عن علم ودراية وواقع وفاعلية، وهكذا يستمر رفع المستوى حتّى يمسّ المجتمع كلّه فيرتفع بالتالي المجتمع إلى أعلى مستوى. أقول للإمام: طبعا الأمر ليس بهذه البساطة، لكن، لنبدأ بما قدرنا عليه، وستظهر النتائج على مرّ الزمن، ويرتفع مستوى المجتمع تدريجيا.
زرت في اليوم الثاني ودائما رفقة الزوجة والأبناء أخواتي وإخوتي، وكانت فرصة للّقاء، وتجديد المحبّة، وتقريب القلوب، وزيادة الأواصر بين الكبار والصّغار. وطبعا زرت صهري وكانت فرصة ليلتقي الكبار ويمرح الصغار.
عيد و زواج
من الصدف الحسنة أنّ يوم عيد الأضحى بتاريخ 21 أوت 2018، تزامن مع مناسبة زواجي بتاريخ 21 أوت 1997، فكانت الفرحة فرحتان، فاغتنمت الفرصة واشتريت لزوجتي من دكان الحي: قارورة عطر، وقطعة صابون، وقطعة من الشكولاطة، وقارورة خاصّة بمرهم للزينة، ولم أنسى الأولاد باعتبارهم كانوا نتاج هذا الزواج السّعيد فاشتريت لهم قطع من المثلّجات يروون بها عطشهم. وأتعمّد ذكر هذه التفاصيل ليتّخذها العزّاب والمتزوّجون قدوة في إحياء الحب بين الزوجين، وإعادة إحياء ذكريات جميلة كانت سببا في سعادة الزوجين، وأنّ المحبة عطر يتجاوز السنوات إلى العقود، وأنّه كلّما امتدّ الزمن ظلّت الجمرة مشتعلة مادامت هناك أيادي ترعاها وتزيد في لهيبها.
كوليرا العيد
وددت لو استرسلت في الكتابة عن العيد ونحن في اليوم الثالث منه، لكن وأنا أخطّ هذه الأسطر استوقفتني الأخبار التي أتابعها الآن وعلى المباشر عبر الفضائيات العاصمية حول داء الكوليرا بالجزائر، فأفسدت هذه الأخبار الخطيرة والسّيئة فرحة العيد، ومما جاء فيها في انتظار الجديد:
88 حالة تحت العناية والمراقبة، و41 حالة مؤكّدة، ومسّت الكوليرا 4 ولايات كلّها متّصلة بالعاصمة، وهي: تيبازة، والبويرة، والبليدة، والعاصمة. وجاء في الأخبار أنّ آخر حالة من الكوليرا عرفتها الجزائر كانت سنة 1996، وها هي تعود بعد مرور 22 سنة. وقد تابعت ما ذكره الأطباء من وجوب الوقاية من غسل اليدين، وغسل الفواكه والخضر، و وجوب النظافة، وتعقيم المياه.
إنّه لمحزن أن أقول، أنّ الحج هذا العام 1439 هـ -2018 لم يشهد ولله الحمد قتلى وموتى في صفوف الحجاج وحجاج الجزائر فيما ورد من أخبار لحدّ الآن، ويبدو أنّ الكوليرا وهي مرض المتخلّفين والعراة والجوعى تؤدي دورها في نشر الهلع والخوف والموت، وكأنّه كتب على الجزائري أن يموت تحت الأقدام أو بالكوليرا سنة 2018، وهي الأمراض التي كنّا نعتقد أنّها اندثرت وإلى غير رجعة.
صح عيد كل الجزائريين، وصح عيد كلّ إخواننا العرب والمسلمين، وأسعد الله أيامكم، ومتّع الله الجميع بالأمن والصحة والعافية، ورحم الله موتى الجزائريين والمسلمين جميعا.