العنف ضد المرأة… من يحميني من قسوة الهيمنة الذكورية؟
يعتبر العنف من أقوي الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الإنسان، وتعد المرأة الكائن الضعيف في ظل المجتمع الذكوري الذي يمارس دائما هيمنته عليها بأشكاله المختلفة بدافع أنها تحتاج لمن يتولى أمر تأديبها سواء كانت الزوجة أو الأبنة أو الأخت، دائما ما نجد السلطة الذكورية في المجتمع المصري هي المسيطرة ودائما ما ترتكب جرائم العنف ضد المرأة.
يتنوع العنف ضد المرأة في الكثير من الأشكال من بينها العنف اللفظي والعنف النفسي والعنف الجسدي والعنف الجنسي والعنف الاقتصادي الذي يمنعها من المشاركة في إدارة الموارد المالية للأسرة ويحرمها من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، مما يؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمرأة، ويعوق تحقيق المساواة والتنمية والسلم ويمنع النساء من التمتع بحرياتهم.
ويؤكد التاريخ أن العنف ضد المرأة مظهر من مظاهر لعلاقات قوي غير متكافئة بين الرجل والمرأة مما يؤدي لهيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها والإحالة دون نهوضها.
وتحكي لنا السيدة “ش.أ” تجربتها المريرة وممارسة العنف ضدها من زوجها حيث تعرضت لعنف لفظي ونفسي وجسدي، وتقول ” تعرفت علي زوجي بالصدفة أثناء لقائي ببعض الأصدقاء وأنا في أخر عام من دراستي لعلوم الحاسب الآلي، ووجد فيه كل معني جميل للحب مما جعلني أصدقه وأوافق علي الزواج منه، ولكن بمجرد زواجنا وبدأ في إعطاء الأوامر ورفض تماماً نزولي لمجال العمل، وكنت دائما أبرر تصرفاته التي تزيد يوماً عن يوم ضدي بدافع الحب، ولكن وصل الحال بي لأكون مريضة نفسية وأذهب باستمرار لدكتورة أمراض نفسية لمتابعة حالتي، كان زوجي دائماً يقوم بإهانتي اللفظية ويقلل من قدرتي العقلية ويشعرني بإني لا أستطيع التفكير ولا يمكن أقوم باختيار شيء أو أقوم بفعل دون الرجوع إليه وإذا لم أفعل ذلك ينهال بالضرب المبرح ضدي، وكانت بداية حالة العنف الجسدي ضدي عند إحضار الفطار له ويجد البيض بارد فيقوم بضربي في ذراعي ثم تحول الأمر شيئا فشيء لضرب مبرح، جعلني أشعر بعدم الثقة والخوف، وعند ذهابي بتوصيل ابني للحضانة الذي عمره عامين أبكي بشدة ولا أريد تركه، خوفاً أن يبعد عني لأني كنت دائما أفكر في الطلاق من والده وأن يحرمني زوجي من أبني، ووصل بي الحال لأطلب الطلاق أكثر من مرة ولكن زوجي يرفض الطلاق وكل مرة اطلب منه الطلاق يقوم بضربي ويمنعني من زيارة أمي، إلي أن جاء اليوم وشجعتني صديقة بالوقوف جانبي أن ارفع قضية خلع واترك المنزل قبل رجوع زوجي من العمل وتركت له المنزل وأخذت أبني معي ورفعت قضية خلع وحتي الآن لم أطلق رسمي ومازالت القضية في المحكمة، ومازالت اتعالج نفسياً من العنف الذي وقع من زوجي ضدي”.
أصدر المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء بياناً وفقا لنتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف الاجتماعي ضد المرأة، بأن هناك 5 مليون و600 ألف امرأة يعانين من عنف على يد الزوج أو الخطيب سنوياً، وهناك 2 مليون و400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة لعنف على يد الزوج أو الخطيب، وأن مليون امرأة يتركن منزل الزوجية نتيجة العنف على يد الزوج، وتصل تكلفة السكن البديل أو المأوي عندما تترك النساء منازلهن بسبب العنف على يد الزوج تبلغ 585 مليون جنيه سنويا، وتتعرض نحو 200 ألف امرأة سنوياً لمضاعفات في الحمل نتيجة العنف على يد الزوج، لم يتعد عدد النساء اللائي يبلغن الشرطة بحوادث العنف 75 ألف امرأة.
ورود ياسين محمد مرشد نفسي وتربوي
وتوضح الأستاذة ورود ياسين محمد مرشد نفسي وضعية المرأة في المجتمع المصري والشرق الأوسط، وتقول “تعانى المرأة على الأخص في المجتمعات الشرقية من العنف بأنواعه المختلفة الجسدية والنفسية، والمجتمع يعلم المرأة أحياناً أن تكون سلبية وخاضعة، ما يجعلها تقع فريسة السلوك العنيف من الرجل والمجتمع على السواء “.
وتشير إلي أن ظاهرة العنف ضد المرأة كان ينظر لها من قبل الحكومات على أنها قضية خاصة وشخصية بين الأفراد وليس كمشكلة عامة خاصة بحقوق الإنسان تتطلب تدخلاً من مؤسسات الدولة.
ولم يتم الاعتراف بخطورة هذه الظاهرة عالمياً، الا بعد ديسمبر 1993 عندما تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة الجسدي منها والنفسي.
وتضيف ورود أن من مظاهر الاعراض الجسدية للعنف، الصداع المزمن ومن مظاهر الاعراض الجسدية، الصداع المزمن واضطرابات الجهاز الهضمي واضطرابات القلب والأوعية الدموية وآلام الحيض الشديدة…وغيرها.
بينما الأعراض النفسية تكون مثل الاكتئاب والقلق أو التفكير بالانتحار، وقد يؤدى العنف الى بعض السلوكيات مثل الإدمان على الأدوية المهدئة أو تعاطي المخدرات فى بعض الحالات.
كما يؤدى الى قطع العلاقات والعزلة أو الخوف من العلاقات الحميمة، ويؤثر بشكل سلبي نمط الحياة والعمل بصفة عامة.