العطش يزحف على دول عربية بداية من المغرب والعراق
فوجئ نزلاء الفنادق في في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا قبل أسابيع بهذه اللافتات على شاشات التلفزيون في الغرف: رجاء “الاستحمام لمدة 90 ثانية فقط”.
إنها أزمة المياه الحادة والمستمرة في جنوب أفريقيا ودول أخرى في العالم، والمرشحة للوصول لبلاد أخرى من بينها دول عربية.
أرجأت التدابير المحافظة الصارمة في جنوب إفريقيا، وصول المدينة للحظة يوم صفر المياه”، أي عندما تتوقف الصنابير عن العمل، لكن العشرات من البلدان الأخرى تواجه مخاطر مماثلة، مع ارتفاع الطلب وسوء الإدارة وتغير المناخ، وفقاً لتقارير صادرة عن معهد الموارد العالمية WRI.
نظام الإنذار المبكر بنقص المياه
هناك مخاوف جدية من حدوث أزمات للمياه في كل من المغرب، والهند، والعراق، وإسبانيا، وفقاً لمطوري نظام حديث للإنذار المُبكر عبر الأقمار الصناعية، يقوم برصد سدود العالم البالغ عددها 500 ألف سد.
هذا النظام المخصص للإنذار مبكر للمياه والأمن، يعمل على بنائه حاليا معهد الموارد المالية الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، مع الشركة الدنماركية “ديلتاريس” Deltares، والحكومة الهولندية وشركاء آخرين، ويهدف إلى توقع عدم الاستقرار الاجتماعي والأضرار الاقتصادية والهجرة عبر الحدود، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ومن المقرر طرح نموذج أوَّلي في وقت لاحق من هذا العام 2018، لكن تم الكشف عن صورة سريعة، يوم الأربعاء 11 أبريل 2018، أبرزت أربعة من السدود الأكثر تضرراً، والمخاطر المحتمل حدوثها.
المغرب: الانخفاض الأكبر منذ 10 سنوات
يظهر الانخفاض الأكبر في مخزون سد المسيرة، ثاني أكبر سد في المغرب، الذي تقلص بنسبة 60% في ثلاث سنوات، بسبب الجفاف المتكرر، والتوسع في الري، والظمأ المتزايد في المدن المجاورة مثل مدينة الدار البيضاء.
على الرغم من الأمطار الأخيرة، فقد صرَّح معهد الموارد العالمية أن المياه الآن في أدنى مستوى لها منذ عقد من الزمان.
وأضاف أنه في المرة الأخيرة التي استنفد فيها السد، انخفض إنتاج الحبوب إلى النصف، وتضرر أكثر من 700 ألف شخص. وسيزداد الضغط على هذا المصدر المائي في وقت لاحق من هذا العام، عندما يربطه مشروع جديد لنقل المياه بمدينة مراكش.
العراق: الإجهاد المائي وقلة الأمطار
وفي العراق، شهد سد الموصل انخفاضاً ممتداً، لكنه انخفض الآن بنسبة 60% عن ذروته في التسعينيات، نتيجة لانخفاض هطول الأمطار والطلب المتزايد والمنافسة في مشاريع الطاقة الكهرومائية التركية على نهري دجلة والفرات.
وكما هو الحال في سوريا، وكذلك في العراق بشكل متزايد، فإن الإجهاد المائي قد زاد من الصراع، وكان دافعاً لنقل وإعادة توطين السكان من المناطق الريفية.
الهند: أقل من المتوسط بمقدار الثلث
ازدادت التوترات في الهند وضوحاً بشأن تخصيص المياه لخزانين مرتبطين بنهر نارمادا. تركت نسبة الأمطار الضئيلة في العام الماضي 2017 السد الذي يقع على منبع نهر انديرا ساجار، أقل من المتوسط الموسمي بمقدار الثلث.
وعندما نُقل جزء من هذا النقص إلى سد ساردار ساروفار عند المصب، تسبب في ضجة، لأن هذا الأخير يُمثل إمدادات مياه الشرب لـ30 مليون شخص.
في الشهر الماضي، مارس/آذار 2018، أوقفت حكومة ولاية كجرات عمليات الري، وناشدت المزارعين بعدم زراعة المحاصيل.
إسبانيا: الجفاف يقلص مساحة السد
تُمثل المخاطر الاجتماعية خطورة أقل في الدول الصناعية الأقل اعتماداً على الزراعة، والأكثر مرونة من الناحية الاقتصادية. عانت إسبانيا من جفاف شديد أسهم في تقلص المساحة السطحية لسد “بُنديا” بنسبة 60% خلال السنوات الخمس الماضية. وقد أثر ذلك سلباً على توليد الطاقة الكهرومائية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، إلا أن الآثار الجانبية الزراعية جاءت محدودة، بسبب المساهمة الصغيرة للزراعة، التي تبلغ نسبتها 3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
..وقريبا يدفع الجميع فاتورة التغير المناخي
تقع جميع السدود الأربعة على خطوط العرض الوسطى، التي تُمثل النطاقات الجغرافية على جانبي المناطق الاستوائية، حيث يتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر حدوث الجفاف وطول أمده.
ومع تفحص المزيد من السدود والخزنات في الأشهر والسنوات المقبلة، يتوقع معهد الموارد العالمية ظهور المزيد من تلك الحالات المماثلة.
قال تشارلز أيسلند، من معهد الموارد العالمية “يُمكن أن تكون حالات الدول الأربع بمثابة نذير بالأشياء القادمة”.
وأضاف “يُمكن أن تواجه الكثير من المدن نفس المصير الذي تواجهه مدينة كيب تاون. وستزداد الأمور سوءاً على مستوى العالم، حينما يزداد الطلب على المياه وتبدأ آثار تغير المناخ في الظهور”.
وقال جيناديّ دونشيتس، كبير الباحثين في شركة ديلتاريس Deltares، إن خدمة رصد السدود والخزانات ستنمو بشكل مطرد، مع إضافة المزيد من المعلومات القادمة من الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية التي تقدم درجة وضوح تتراوح بين 10 و30 متراً بشكل يومي.
يتم تحليل البيانات التي قد يصل حجمها إلى بيتا بايت (وحدة قياس جديدة للمساحة التخزينية للأقراص الصلبة، 1 بيتا بايت = مليار ميغا بايت) باستخدام محرك جوجل إيرث Google Earth Engine والخوارزميات للتعويض عن الفترات التي تغطي السحب فيها أجزاء من مساحة السطح.