العراق يسلّم مذكرتي احتجاج على تصريحات مسؤولين في أمريكا والبحرين
سلّم العراق رسمياً، مذكرتي احتجاج للسفير البحريني والقائم بالأعمال الأمريكي، على خلفية التصريحات الأخيرة التي صدرت من مسؤولي البلدين تجاه العراق. وقالت وزارة الخارجية في بيان، إن «وكيل الوزارة الأقدم، نزار الخير الله، سلم مُذكّرة احتجاج للسفير البحرينيِّ في بغداد صلاح المالكي، بعد استدعائه، على خلفيّة التصريحات التي صدرت عن وزير خارجيَّة البحرين التي اتهم بها العراق أنّه يقع تحت سيطرة دولة أخرى، فضلاً عن الإساءة إلى الرُمُوز الدينيَّة، والسياسيَّة العراقيَّة».
ونقل البيان عن الخير الله تأكيده على «ضرورة عدم المساس بسيادة العراق»، ونوَّه أنَّ «من مهامِّ العمل الدبلوماسيِّ تعزيز العلاقات، والدفع بها إلى الأمام، وأن لا تكون مُنطلقاً للتوتر، وتأزيم العلاقات».
وطالبت الوزارة في مُذكّرة الاحتجاج بـ«ضرورة مُراعاة اللغة الدبلوماسيَّة في التصريحات الرسميَّة، وأنَّ العراق بلد يكفل التعبير، وتعدُّد الرؤى، والمواقف السياسيَّة». وفي جانب متصل، قالت الخارجية في بيان آخر إن «وكيل الوزارة الأقدم نزار الخير الله سلم مُذكّرة احتجاج إلى القائم بالأعمال الأمريكيّ جوي هود بعد استدعائه إثر التصريحات التي نشرتها السفارة الأمريكيَّة، والتي تجاوزت فيها الأعراف الدبلوماسيَّة، والقواعد التي تحكم عمل البعثات في الدول المُضيِّفة، فضلاً عن مُعارَضتها للسياسة الخارجيَّة العراقـيَّة التي ترفض أن يكون العراق ممرّاً، أو مُنطلقاً لاستهداف الدول الأخرى بشتى الوسائل».
مطالبة بحذف المنشور
ودعت مُذكّرة الاحتجاج، حسب البيان إلى «احترام السفارة لعلاقات العراق مع الدول الأخرى، وطالبت بحذف المنشور، وعدم إصدار منشورات تُسِيء لعلاقات العراق بدول الجوار مُستقبَلاً». واتهمت السفارة الأمريكية في بغداد، عبر منشور على صفحتها في «فيسبوك»، أخيراً، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي ونظامه بالفساد، وتجويع الشعب الإيراني، مشيرة إلى إن «ممتلكات مرشد النظام علي خامنئي وحده تقدر بـ200 مليار دولار، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر، بسبب الوضع الاقتصادي المزري الذي وصلت إليه إيران بعد أربعين عاما من حكم الملالي».
وأبدى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، السبت الماضي، قلقه من «تزايد» ما وصفها «التدخلات» في الشأن العراقي، ودعا إلى إلى تنحي حكام اليمن والبحرين وسوريا فوراً، ورد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بصورة مسيئة على الصدر.
وعلى إثر ذلك تفاقمت موجة ردود الفعل المحلية المنددة والمستنكرة للإساءة للصدر، الأمر الذي ولّد ردّة فعل مقابلة من والسعودية والإمارات، الدول الحليفة للبحرين. وزارة الخارجية السعودية أعلنت أن «المملكة تتطلع إلى علاقة متينة بين البحرين والعراق يسودها الاحترام المتبادل». ونقلت وكالة الأنباء السعودية «واس» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، تأكيده «رفض المملكة العربية السعودية التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين الشقيقة، وكل ما من شأنه المساس بسيادتها وأمنها واستقرارها».
كما عبر المصدر، وفقاً للوكالة، عن «تطلع المملكة العربية السعودية إلى علاقة متينة بين مملكة البحرين وجمهورية العراق الشقيقتين، يسودها الاحترام المتبادل، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».
كذلك، أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، أنها تتابع باهتمام كبير وقلق بالغ البيانات والتصريحات الواردة من العراق تجاه مملكة البحرين وقيادتها. وذكرت في بيان، أن «التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين الشقيقة والتجاوز على حرمة ومكانة قيادتها الكريمة أمر غير مقبول على الإطلاق و تدخل مرفوض».
وشددت على أن «عدم تدارك ما يسيء إلى العلاقات بين الأشقاء لن يؤدي إلا إلى إتساع الفجوة وزيادة التوتر، في ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى التعاون والتواصل واحترام السيادة الوطنية ومبدأ عدم التدخل بالشأن الداخلي».
وأكدت الوزارة، أن «في هذا السياق ندعو الأخوة في العراق الشقيق إلى الإلتزام بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بما يسهم في تعزيز أواصر العلاقات العربية ويعمق هدفنا المشترك المتمثل في ترسيخ الاستقرار في المنطقة».
وفي آخر المواقف الرسمية بهذا الشأن، دعت رئيسة مجلس النواب البحريني، فوزية بنت عبد الله زينل، إلى محاسبة مقتدى الصدر، مضيفةً أن «متانة العلاقات التاريخية الوطيدة لا يمكن المساس بها عبر بيانات مسيئة ومعادية، وغير مسؤولة من أي جهة عراقية كانت، والتي تهدف للإخلال بالأمن والاستقرار في البحرين والمنطقة».
وقالت في بيان إنها تدعو إلى «محاسبة الأصوات العراقية المسيئة لعلاقات مملكة البحرين مع جمهورية العراق الشقيقة، وضرورة قيام السلطات العراقية بعدم السماح لقيام البعض بتعكير صفو العلاقات المشتركة، وإثارة الفتنة، وتهديد الأمن والسلم».
وتابعت أن «البيان المسيء الصادر من مقتدى الصدر، والذي يعد إساءة مرفوضة لمملكة البحرين وقيادتها، ويمثل خرقا واضحا للمواثيق ومبادئ القانون الدولي، وتصرفا غير مسؤول».
ومضت بالقول إن «أي إساءة ضد مملكة البحرين وقيادتها وشعبها، أمر غير مقبول ومرفوض تماما، مهما كانت مكانة ورمزية الشخص الصادرة عنه البيانات والتصريحات المسيئة».
ولفتت إلى «متانة العلاقات التاريخية الوطيدة، بين مملكة البحرين وجمهورية العراق الشقيقة، والشعب العراقي الشقيق، التي لا يمكن المساس بها، أو القبول بالإضرار بها عبر بيانات مسيئة ومعادية، وغير مسؤولة من أي جهة عراقية كانت، والتي تهدف للإخلال بالأمن والاستقرار في مملكة البحرين والمنطقة، والإساءة للعلاقات المشتركة».
نصح وتجنب للمشاكل
في المقابل، رد القاضي جعفر الموسوي، المتحدث السياسي باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، على تصريحات أفادت أن الأخير «يتدخل في شؤون الآخرين» عبر تغريداته، موضحاً أن الصدر أبدى «نصحا» للوصول إلى الإصلاح واستقرار المنطقة ومنع وصول المشاكل للشعب العراقي.
وقال الموسوي، إن «الصدر ينظر إلى مصلحة الشعوب فوق المصالح الأخرى»، مشيرا إلى أن «هناك من قرأ الموضوع أنه تدخل في شؤون الآخرين والدول، ونحن لدينا رد على مثل هذه القراءة».
وأوضح أن «التدخل في شؤون الدول الأخرى والتحريض ضدها يتحقق حينما تكون هناك مصلحة نفعية ذاتية للمتدخل يروم تحقيقها لجني ثمارها»، مبينا أن «حينما ينعدم وجود المصلحة الذاتية، فإن بيان الرأي أو الاقتراح يعد الحل الأمثل الذي يتغافل الالتفات إليه الكثيرون حرصا على مصالحهم وهو بمثابة النصح للوصول إلى الاصلاح واستقرار المعمورة».
وأكد أن «الامن والاستقرار لا ينحصر بحدود معينة، والجميع يتأثر في المنطقة»، مؤكدا «حرص السيد الصدر على الشعب العراقي، أن لا تأتينا مشاكل بسبب صراعات الاخرين، ويكفي حروبا وقتلا ودمارا».
وتابع: «ليس بجديد على أصحاب العروش الخاوية الذين يمسكون على عروشهم بدماء الأبرياء من أبناء شعوبهم الخشية من النصح وتشخيص الأخطاء».
وزاد: «كما هو معروف لدى الجميع أن الأمن والاستقرار لا ينحصر بحدود جغرافية لبلد ما»، لافتا إلى أن «التدخل في شؤون الدول مرهون وجودا وعدما بوجود المصلحة الخاصة، والكل يعلم حقيقة حتى خصوم السيد الصدر أنه لا يروم تحقيق مصلحة ذاتية أو شخصية وهذا متفق عليه لدى الجميع».
وقال أيضا «لا نلتفت إلى أي تصريحات، وهناك من يريد أن يركب الموجة ويكون في عداد المشهورين»، مشددا على أن «الشعب العراقي وليس المجموعة الصدرية ينتفض على مثل هذه التجاوزات غير اللائقة والبعيدة كل البعد عن الدبلوماسية».