العراق.. جهاز مكافحة الإرهاب ينتشر لفضّ التظاهرات
واصل المتظاهرون في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، وعدد من محافظات الوسط والجنوب، أمس الأحد، حراكهم الاحتجاجي المطالب بإسقاط الحكومة وحلّ البرلمان، فيما انضم طلبة المدارس والمعاهد والجامعات، بالإضافة إلى عدد كبير من الموظفين، إلى المتظاهرين، من خلال وقفات احتجاجية في الساحة أو داخل المباني التعليمية.
ونشرت الحكومة العراقية جهاز مكافحة الإرهاب في الشوارع والساحات العامة، لحماية مؤسسات الدولة والمشاركة في فضّ التظاهرات، بإيعازٍ مباشر من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب، أمس انتشار قواته في بعض مناطق بغداد بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي. وقال الجهاز، في بيان له، إن «قوات من جهاز مكافحة الإرهاب انتشرت في بعض مناطق بغداد»، عازيا الأمر إلى «حماية المنشآت السيادية والحيوية من أن تعبث بها عناصر غير منضبطة مستغلة انشغال القوات الأمنية في حماية التظاهرات والمتظاهرين».
وأوضح أن الانتشار جاء «بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة وبأمر رئيس جهاز مكافحة الإرهاب».
وانتشرت تلك القوات في التقاطعات وبالقرب من جامعة بغداد والمصارف والمنشآت المهمة تحسبا لوقوع أي طارئ.
كذلك أكد مركز الإعلام الأمني (حكومي)، نبأ انتشار قوات جهاز مكافحة الإرهاب في العاصمة بغداد لحماية المنشآت السيادية والحيوية.
وأكد مصدران أمنيان السبت لوكالة «رويترز» أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أمر قوات خاصة لمكافحة الإرهاب بالانتشار في شوارع بغداد واستخدام أي وسائل لإنهاء الاحتجاجات ضد الحكومة. وقرأ المصدران مذكرة من عبد المهدي لقائد جهاز مكافحة الإرهاب تبلغه بنشر قواته واستخدام كل الوسائل الضرورية لإنهاء الاحتجاجات في بغداد.
يأتي ذلك فيما يواصل المتظاهرون في ساحة التحرير احتجاجهم لليوم الثالث على التوالي، في حين تستمر القوات الأمنية المنتشرة على جسر الجمهورية (المُغلق بالحواجز الكونكريتية) المؤدي إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين، بمحاولة تفريق الجموع المحتجة بالقنابل المسيلة للدموع والقذائف الصوتية.
وكشف عدد من المتظاهرين، إن «القوى الأمنية تقوم بين الحين والآخر بإطلاق القنابل الصوتية والغازية على المتظاهرين في ساحة التحرير، من أعلى جسر الجمهورية»، موضّحين أن «المتظاهرين عادوا إلى اعتلاء مبنى المطعم التركي المشرف على الساحة، بعد أن أخلتهم قوى الأمن في ساعة متأخرة من ليل السبت – الأحد». وطبقاً للمتظاهرين فإن «طلبة المدارس شاركوا في تظاهرات اليوم (أمس)، مرتدين زيهم الرسمي، كما شارك أيضاً عدد من الموظفين وطلبة الجامعات».
وبالفعل، نظم عدد من طلبة الجامعات والموظفين، وقفات احتجاجية داخل الجامعات وبعض المؤسسات الحكومية، تضامناً مع المتظاهرين ومطالبهم، ملوحين بالتحول إلى عصيان مدني.
على إثر ذلك، شددت وزارتا التربية والتعليم العالي على أهمية الالتزام بالدوام الرسمي، نافيتين أي توجيه يحثّ الطلبة على التظاهر أو الإضراب عن الدوام الرسمي.
وأفادت وسائل إعلام، أمس الأحد، بمقتل ما لا يقل عن 67 شخصاً وإصابة المئات من المتظاهرين خلال محاولات تفريقهم من قبل القوات الأمنية في بغداد وعدد من المحافظات، منذ الجمعة.
وذكرت وكالة «رويترز»، بأن «ما لا يقل عن 67 شخصاً قتلوا وأصيب المئات خلال يومين من الاحتجاجات في العراق، فيما اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن وجماعات مسلحة في الموجة الثانية من الاحتجاجات ضد حكومة عبد المهدي هذا الشهر».
وفي بغداد، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق المحتجين في ميدان التحرير. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة بينما أصيب آخرون، فيما لاقى أربعة آخرون حتفهم في الناصرية عندما اقتحمت مجموعة من المحتجين منزل مسؤول أمني محلي. وقالت الشرطة إن الحرس فتح النار على المتظاهرين بعد أن أحرقوا المبنى.
وأشارت وسائل الإعلام إلى مقتل سبعة متظاهرين في الحلة (مركز محافظة بابل) وإصابة 38 آخرين، عندما فتح أعضاء من منظمة بدر (بزعامة هادي العامري) النار على المحتجين الذين تجمعوا قرب مكتبهم، مساء السبت.
وقتل ما لا يقل عن 52 شخصا في أنحاء البلاد يوم الجمعة، وأصيب أكثر من ألفي شخص.
أما مفوضية حقوق الإنسان (خاضعة لرقابة البرلمان)، فشددت، أمس، على ضرورة إيقاف العنف تجاه المتظاهرين، داعية إلى زيادة التعاون بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين.
وقال عضو المفوضية علي البياتي في بيان، «يجب تجنب إيقاف التظاهرات باستخدام العنف لأنه أثبت عدم جديته والعنف يولد العنف كرد فعل في ظل التعامل مع جماهير غاضبة وذات خلفية عشائرية ولا تخاف أبداً بسبب الفترات الطويلة من الإرهاب والعنف الذي تعرضوا له».
وأكد على «زيادة التعاون بين العناصر الأمنية والمتظاهرين من اجل الحفاظ على سلمية التظاهرات وحماية الممتلكات العامة وتحريك الوسائل الإعلامية والتواصل الاجتماعي من أجل التوجيه والتشجيع على ذلك»، داعياً إلى «حوار مستمر ومكثف بين الحكومة وممثلي التظاهرات وضرورة إيجاد جسر بينهما من الفعاليات والتشكيلات المستقلة من منظمات المجتمع المدني ونقابات ومؤسسات دينية وثقافية وإعلامية من أجل تعزيز أواصر هذا الحوار ومراقبته».
وشدد، وفق البيان، على أهمية «تفعيل الجهد الاستخباري والأمن الوطني لكشف كل من يحاول الاعتداء على المتظاهرين أو الممتلكات العامة أو الخاصة، وعزلهم بشكل سريع عن المتظاهرين وفضحهم أمام الإعلام».
أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أمس الأحد، عن الأسف العميق للأحداث الأخيرة في العراق والتي أدت إلى مصرع وإصابة العشرات وتخريب الممتلكات العامة، مؤكدا أن إيران تتابع التطورات بدقة وحساسية.
ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن موسوي قوله: «الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم مطالب ورغبات الشعب العراقي المؤكد عليها بوضوح في بيانات وتصريحات المرجعية الدينية وكذلك رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي».
وأعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عن «الأسف العميق للأحداث الأخيرة في العراق والتي أدت إلى مصرع وإصابة العشرات من الأفراد وتخريب الممتلكات العامة، وكذلك مصادرة المطالب الشعبية وتصاعد حدة العنف»، مبينا أننا على «ثقة بأن الحكومة والشعب العراقي والمرجعية يمكنهم التغلب على المشاكل والمبادرة إلى إعمار العراق في ظل التلاحم والتضامن».
وأشار إلى أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ تأسيس العراق الجديد كانت على الدوام داعمة للحكومة والشعب العراقي، ووضعت في الظروف الحساسة طاقاتها تحت تصرف البلد الجار والصديق والشقيق العراق».
في الأثناء، أكدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أنه «لا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تهدد استقرار العراق».
وأعربت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة بفي العراق جينين هينيس-بلاسخارت في بيان، عن «عميق أسفها وإدانتها للمزيد من الخسائر في الأرواح والإصابات، وتستنكر بشدة تدمير الممتلكات العامة والخاصة»، معبرة عن «قلقها العميق إزاء محاولة كيانات مسلحة عرقلة استقرار العراق ووحدته والنيل من حق الناس في التجمع السلمي ومطالبهم المشروعة». وأضافت أن «حماية أرواح البشر تحتل المقام الأول دائماً، ولا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تخرب المظاهرات السلمية وتقوض مصداقية الحكومة وقدرتها على التصرف»، موضحة: «لقد قطع العراق شوطاً طويلاً ولن يتحمل الانزلاق مرة أخرى إلى دائرة جديدة من العنف».
وأكدت أنه «لمن المحزن والمقلق أن نشهد عودة العنف وسقوط القتلى والجرحى، ولا تزال القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي قائمة كما تظل خدمة الإنترنت متقطعة، إلا أننا نقر ونرحب بأن قوات الأمن، وعلى العكس مما حدث في بدايات شهر أكتوبر، قد ساعدت الجرحى من المتظاهرين وكفلت حرية تحرك الوحدات الطبية».
وتابعت: «ينبغي على جميع الأطراف مضاعفة جهودها على الأرض ليس لمنع الأعمال الاستفزازية والمواجهات غير الضرورية فحسب، بل أيضاً للوقوف مجتمعين ضد المخربين المسلحين، إضافة إلى ذلك، بينما يعد تقرير لجنة التحقيق خطوة محمودة في الاتجاه الصحيح، إلا أنه ينبغي تلبية دعوات الناس المستمرة للمحاسبة على المستوى الصحيح وبدون تأخير». وأكدت أن «تنفيذ التدابير المتعددة التي أعلنتها الحكومة الأسابيع الماضية سوف يستغرق وقتاً، وسيصب الحوار البناء حول سبل المضي قدماً في مصلحة الجميع»، مبينة أن «الأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد للمساعدة، بما في ذلك من خلال دعم السلطات العراقية في جهودها لتلبية المطالب المشروعة بالتغيير والمحاسبة والشفافية ووضع حد للفساد وتحسين الخدمات العامة وتقوية الحوكمة وإيجاد بيئة مواتية للنمو والتوظيف».
ودعت، كل القادة (السياسيين) إلى أن «يكونوا قدوة من خلال أفعالهم، فعلى سبيل المثال، ينبغي أن يصحب دعوات وضع حد للفساد إغلاق لما يعرف باللجان الاقتصادية في أحزابهم أو تياراتهم».
اعتبر زعيم ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي، أمس الأحد، أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد، يتمثل بـ«حكومة مصغّرة» يقع على عاتقها تشكيل مفوضية انتخابات جديدة للذهاب الى انتخابات تشريعية مبكرة.
وقال في بيان له، «أدعو لتشكيل حكومة مصغرة – حكومة أقوياء – تعمد لتشكيل مفوضية انتخابات مستقلةٍ ونزيهةٍ بحق – لا على الورق – تشرف على إجراء انتخابات مبكرة، وفق قانون انتخابات منصف وعادل».
كذلك، دعا، حزب «عمل»، بزعامة رئيس البرلمان السابق، سليم الجبوري، إلى تنفيذ المطالبات الشعبية وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي، فيما استهجن استغلال بعض الكتل السياسية هذا الظرف العصيب من أجل التزاحم وعقد الصفقات بغية الحصول على مغانم ومناصب.
وذكر الحزب في بيان: «يوم مؤلم آخر يعيشه العراق في الخامس والعشرين من أكتوبر يضاف إلى سلسلة الأيام العصيبة التى مر بها الشعب وهو يدفع ثمن المطالبة بحياة حرة كريمة، يدفع دما طهورا يراق على ذلك المنحر صَوت الوجدان الشعبي الذي نسمعه اليوم يُلزِمنا جميعا أن نشهر كلمة الحق بدون محاباة أو اتباع طرق ملتوية على حساب الحقيقة وتسامياً فوق كل مصلحة حزبية أو فئوية تنخر وتهدم من جرف المصالح العليا للشعب حقوقا واستحقاقاً». وأضاف أن «في هكذا منعطفات حادة يمر بها الوطن المفدى لابد أن يكون لنا موقف صادق صادح تجاه مطالب الشعب الأبي، فمن لم يجد في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية أمانة وعهدا وهو الماسك بعصمة القرار وزمام الأمور عليه أن يتنحى فاسحاً المجال لمن يستطيع قيادة المركب الوطني».
وأوضح الحزب: «لقد اتضح بما لا يقبل أي شك، عجز الحكومة ومجلس النواب التام عن تلبية مطالب الحراك الشعبي والأوضاع بمجملها رغم وعود قطعتها وعهود ألزمت بها نفسها ولم تف حقها».
ودعا الحزب، الرئاسات الثلاث إلى «التوجه الجاد والسعي الحثيث لتنفيذ المطالبات الشعبية والذهاب إلى إجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي، وتعديل الدستور وإعادة هيكلة مفوضية الانتخابات وتشكيل محكمة متخصصة بقضايا الفساد ونهب المال العام». وأعرب عن «استهجانه استغلال بعض الكتل السياسية هذا الظرف العصيب من أجل التزاحم وعقد الصفقات بغية الحصول على مغانم ومناصب بينما كان الأجدر بها وعليها التوجه للبحث عن مخارج للأزمة الحادة العاصفة بالوطن والشعب».
وبين الحزب أنه «إذ يعلن تأييده ووقوفه التام مع مطالب الشعب المحقة يهيب بالجماهير المتظاهرة بالحفاظ على سلمية التظاهرات والحذر من المتصيدين الذين يحاولون خلط الأوراق وإيقاع الفتن بين أبناء البلد الواحد من خلال القيام بأعمال السلب والنهب واعتداء الأجهزة الأمنية والمتظاهرين وتخريب الممتلكات العامة».
وأكد، أن «حزب عمل الوليد من رحم معاناة الشعب والوطن يمتلك رؤية واضحة تجاه خارطة طريق ترسم سبل المشاركة الفعالة لمجتمعنا في المرحلة المقبلة، بما يخص تعديل الدستور وتوزيع الثروات وفلسفة النظام السياسي بما يليق بالعراق وشعبه وتجسد الحلول المستقبلية الناجحة من خلال دولة مدنية قوية وعادلة». في الأثناء، دعا السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر، المتظاهرين إلى العودة لمنازلهم، معتبرا أن «الانتفاضة قد اختطفت»، محذرا من مخطط دولي إقليمي «خطير».
وقال في «تغريدة» له على موقع «تويتر»، «أيها العراقيون الشرفاء، عودوا إلى بيوتكم، فإن انتفاضتكم قد اختطفت كما توقعنا»، مضيفا: «لا تسترخصوا دماءكم الزكية وقودا في صراع الأطراف السياسية القذرة على السلطة والسرقة». وأشار إلى «مخطط دولي إقليمي خطير لم يتوقف يوما واحدا عن العمل من أجل تدمير العراق وشعبه».