العثور على حطام سفينة “سان خوسيه” الإسبانية الأكثر قيمة بالعالم.. لكن من له الحق في امتلاكه؟
ذكرت شبكة BBC البريطانية، بأن سفينة سان خوسيه الإسبانية التي أغرقتها السفن البريطانية قبل 300 عام، ظهرت حولها تفاصيل جديدة.
وقالت إن السفينة كانت تنقل الذهب والفضة والمجوهرات الثمينة المجمعة من مستعمرات أمريكا الجنوبية، لشحنها إلى ملك إسبانيا الملك فيليب الخامس بهدف تمويل حرب الخلافة الإسبانية.
وكانت كولومبيا قد قالت إنها أول من اكتشفت الحطام الموجود في مكان ما قبالة شاطئ قرطاجنة عام 2015. وفي العام 2017، صرح الرئيس خوان مانويل سانتوس إن عملية الإنقاذ “بدأت فصلاً جديداً في التاريخ العلمي والثقافي لا يقتصر على كولومبيا فقط بل يمتد إلى العالم بأسره”.
وبدأ فريق من علماء الآثار البحريين بمساعدة روبوت مائي عملية البحث ونشروا معلومات جديدة حول ما اكتشفوه حتى الآن.
يعتقد البعض بالفعل أن السفينة الغارقة يمكن أن تكون الحطام الأكثر قيمة على مر العصور وقد يساوي المليارات.
وتُعد سفينة سان خوسيه واحدة من آلاف السفن المحطمة حول العالم، ويمثل التنقيب عن حمولات تاريخية طموحاً محفزاً لعلماء الآثار والباحثين عن الكنوز.
إذاً، من له حق امتلاك حطام السفينة؟
هناك اتفاقات دولية تنطوي على قواعد خاصة لبعض مراحل عملية البحث عن الكنز.
يقول روبرت ماكينتوش، محام وعالم آثار بجامعة ساوثهامبتون، هناك نزعة بأن القرار بمن له حق امتلاك محتويات السفينة يعود في نهاية المطاف إلى الدول بموجب القانون الدولي.
وأكمل ماكينتوش: “إنها صورة معقدة للغاية، إذ أنه يمكن أن يكون لدى الكثير من الدول الأشخاص مصالح مختلفة وغالباً متنافسة في حطام السفينة، وتعود أصول تلك المصالح إلى هيئات مختلفة في القانون”.
على سبيل المثال، يمتلك صاحب السفينة الأصلي حق مطبق في ملكية السفينة. لكن يمكن إلغاء هذا الحق من جانب البلد التي تمتلك المياه القومية حيث اكتُشفت السفينة.
“قيمة دون سابق تقييم”
ويقول عالم الآثار البحري بيتر كامبل: “المحيط هو أعظم متحف في العالم”.
والبحث عن الكنوز على متن السفن الغارقة يُعد مهمة كبيرة.
وإن التكهنات حول محتويات الحطام قد تزيد كثيراً قبل إزالة العناصر حتى من الماء.
ويقول كامبل إن التكاليف التشغيلية للبحث الأثري عادةً ما تكون أعلى من قيمة محتويات الحطام نفسها.
نعود إلى سفينة سان خوسيه الآن. تشير التقارير الإخبارية إلى أن محتويات سفينة سان خوسيه قد تصل قيمتها إلى 17 مليار دولار. بالرغم من أنه عندما أعلنت الحكومة الكولومبية عن الاكتشاف عام 2015، كانت القيمة المقدرة للكنوز تتراوح بين مليار إلى 10 مليارات دولار.
ويقول كامبل: يبدو أن مبلغ 17 مليار دولار “حُدِّد اعتباطاً”.
ومع ذلك، يُقر الخبراء على أن سان خوسيه تحظى بقيمة مالية وثقافية هائلة.
ما هو رأي القانون؟
يشمل ميثاق اليونسكو عام 2011 حول الميراث الثقافي المغمور تحت الماء قواعد من شأنها المساعدة على توجيه أفضل الممارسات للتنقيب تحت الماء إضافة إلى إرشادات تتعلق بالمؤهلات المطلوبة للأشخاص المشاركين في إدارة الموقع والحماية.
وقال قسم اليونسكو المسؤول عن الإشراف على مواقع التراث المغمور تحت الماء لشبكة BBC الإخبارية إنه من دواعي سروره أن يشارك في تسوية الشكاوى القائمة على حطام السفينة. مع ذلك، لم يجر التواصل معه ليتصرف بتلك الصفة.
يمكن لبلد ما أن يطالب بامتلاك حطام سفينة إذا كان يمتلك السفينة في المقام الأول. حتى وإن غرقت السفينة وأهملت لمئات السنين فلا يزال المالك الأصلي يتمتع بحقوق الملكية.
هناك حالات أيضاً تنطوي على نقل بلد ما ملكية سفينة إلى بلد أخرى لتُعرض في المتحف.
مع ذلك، قد تتعقد أمور الملكية حسب موقع الحطام إذا وُجد في المياه الإقليمية لدولة أخرى.
يقول ماكينتوش إنه بموجب القانون الدولي، يتمتع البلد بسيادة كاملة على تلك المياه وبالتالي يمكنه بصفة أساسية أن يفعل ما يحلو له فيما يتعلق بأخذ الملكية. هناك الكثير من التشعبات القانونية إذا ما وقع الحطام في المياه الدولية.
عند اكتشاف سفينةٍ ما، يمكن للبلد حيث اكتُشفت السفينة أن يشير إلى مبدأ يُسمى الحصانة السيادية (إضافة إلى المطالبة بالمِلكية). يشير ذلك إلى فئة معينة من السفن التي تتمتع بحصانة من الإجراءات القانونية لدولة أخرى.
يقول ماكينتوش إن السفن الحربية والسفن الحكومية الأخرى المخصصة للأغراض غير التجارية تتمتع بالحصانة السيادية.
وبموجب مبدأ الحصانة السيادية لعام 2009، حكم قاض في الولايات المتحدة بأن المحكمة غير مختصة بالنظر في قضية تتعلق بشركة Odyssey Marine Exploration لصيد الكنوز وحطام السفينة الإسبانية “نويسترا سينيورا دي لاس مرسيدس”.
عثرت الشركة الأميركية على 17 طن (15422.14 كجم) من العملات النقدية قبالة شاطىء جبل طارق ونقلتها إلى الولايات المتحدة.
لكن الشركة تلقت أوامر بإعادة الغنائم التي تُقدر بنصف مليون قطعة نقدية وغيرها من التحف الأثرية إلى الحكومة الإسبانية، لأن هذه القطع النقدية كانت جزءاً من التراث الوطني للبلاد.
قد تكون أصول محتويات السفينة محل نزاع هي الأخرى. على سبيل المثال في القضية المتعلقة بشركة Odyssey وحطام سفينة مرسيدس، قدمت مدينة بيرو طلباً إلى المحاكم الأميركية ينطوي على أن أصول الحمولة الثمينة تعود إلى بيرو حيث استخرجت القطع المعدنية وضُربت عندما كانت بيرو جزءاً من الإمبراطورية الإسبانية.