الضم الإسرائيلي بين إشارة ترامب وقدرة أوروبا على إقناع الفلسطينيين بالمفاوضات
يحوم شك الآن في مصير خطة القرن؛ فليس واضحاً بعد متى ستعطي إدارة ترامب لإسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ بعض من بنودها. ولكن كيف يتعين على إسرائيل أن تعمل إذا ما بقيت الخطة نظرية؟ 181 صفحة في الخطة لا تقدم جواباً على السؤال، وقد تصبح الخطة تاريخاً إذا لم يصدر الضوء الأخضر حتى الانتخابات للرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني 2020، وفقا لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية.
وبالتالي، من المهم أن تعمد إسرائيل حتى في ظل غياب المفاوضات إلى إقناع إدارة ترامب لتأييد التنفيذ لأجزاء من الخطة. ولكن بالتوازي، على إسرائيل أن تبذل جهوداً في تخفيض شدة معارضة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. هذا الهدف لا يقتصر تحقيقه على تعطيل قرارات مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي (من خلال تصويت الحكومات المؤيدة لإسرائيل) بل بإقناع الزعماء ومصممي الرأي العام الأوروبيين بأن خطة القرن لا تتعارض والقانون الدولي وحل الدولتين.
لقد نشر جوزيف بوريل، المندوب السامي للاتحاد الأوروبي لسياسة الخارجية والأمن، بياناً ادعى فيه بأن الخطة “تخرج عن المبادئ الدولية المتفق عليها”، وحذر إسرائيل من أن أي ضم في يهودا والسامرة “لن يمر بهدوء”. على إسرائيل أن تصد ادعاءات كهذه، وتعرض على الجموع الأوروبية الحقائق كما هي. ينبغي التشديد على أن خطة القرن تطبق رؤيا رابين، بفارق واحد لصالح الفلسطينيين: فهي تتضمن تبادلاً للأراضي ما كان رابين ليتصوره. كما أن الخطة تنسجم مع قرار 2334 لمجلس الأمن، في أواخر ولاية الرئيس أوباما. لقد كان القرار هزيمة دبلوماسية لإسرائيل، لأن مجلس الأمن قرر بأن “لا يعترف بأي تعديلات على خطوط 67، بما في ذلك في القدس، باستثناء تلك التي يتفق عليها بالمفاوضات بين الطرفين”. أما ترامب فقد تحفظ على القرار، ولكن مبدأ تبادل الأراضي يستوفي شروط القرار.
كما أن خطة ترامب لا تحرم الفلسطينيين من حق تقرير المصير، فهي بصراحة تقوم على أساس حل الدولتين، بهدف تحقيق “اعتراف متبادل بدولة إسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي، وبدولة فلسطين كالدولة القومية للشعب الفلسطيني”. وستكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح، وستكون سيادتها محدودة، كي لا تهدد أمن إسرائيل. من جهة أخرى، سيحصل الفلسطينيون على استثمارات بخمسين مليار دولار في اقتصادهم كي يبنوا البنى التحتية وخلق النمو. في واقع الأمر، تعرض الولايات المتحدة على الفلسطينيين ما فرضته على الألمان واليابانيين بعد الحرب العالمية الثانية: التخلي التام عن الأيديولوجيا الهدامة مقابل الازدهار الاقتصادي.
لقد رفض الفلسطينيون خطة ترامب، وهم بذلك ثابتون في سياستهم منذ أن عرض لأول مرة مشروع التقسيم في 1937. إذا واصل الفلسطينيون رفض الخطة والمفاوضات، فقد تضم إسرائيل المناطق المخصصة لها حسب الخطة، وتلك الخطوة التي يعارضها الأوروبيون بحزم. ولكن السبيل الوحيد، بالنسبة للأوروبيين، لمنع الضم أحادي الجانب (بدلاً من ثنائي الجانب) هو إقناع الفلسطينيين بخوض المفاوضات على أساس خطة غير كاملة يفترض أن تمنحهم دولة مجردة على أرض مشابهة في حجمها للأرض التي كان الأردن ومصر يسيطران عليها قبل 67، دولة يستثمر فيها 50 مليار دولار.
بقلم: عمانويل نافون، باحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن ومحاضر في جامعة تل أبيب