الصابون ومعجون الأسنان وأدوية الاكتئاب تُضعف مفعول المضادات الحيوية
توصلت دراسة حديثة إلى أن مادة التريكلوسان تحفز مقاومة المضادات الحيوية بشكل مباشر، وهي إحدى المواد المستخدمة في معجون الأسنان والصابون.
وبحسب موقع Science Alert الأميركي، التريكلوسان هي المكون الأساسي لدواء يسمى «فلوكسيتين» الذي يعد من أهم مضادات الاكتئاب.
مادة التريكلوسان تحفز مقاومة المضادات الحيوية
خلال السنوات الأخيرة، ازدادت مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، التي تصنف على أنها أقوى سلاح ضدها.
ويُعتقد أن ذلك يُعزى إلى الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، ولكن يبدو أن بعض الأدوية الأخرى تلعب دوراً مهماً في هذا الأمر أيضاً.
فقد اكتشف الباحثون من جامعة كوينزلاند الأسترالية، مؤخراً، دواء يسمى «فلوكسيتين»، وهو من فئة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، المكون الرئيسي لمضادات الاكتئاب مثل بروزاك وسارافيم.
ويهدف الباحثون من خلال هذه الدراسة إلى إثبات أن المضادات الحيوية ليست المسؤولة الوحيدة عن ظهور البكتيريا المتفوّقة.
وقال المهندس جيهانو غيو: «لقد توصلنا خلال دراستنا السابقة إلى أن مادة التريكلوسان، التي نجدها عادة في معجون الأسنان والصابون المضاد للبكتيريا، يمكن أن تحفز بشكل مباشر مقاومة المضادات الحيوية.
كما تساءلنا عما إذا كانت أدوية أخرى، على غرار الفلوكسيتين، قادرة على التسبب في مفعول مماثل».
وتضمنت تجربة العلماء تعريض بكتيريا الاشريكية القولونية لمادة الفلوكستين بتركيزات مختلفة، بعد وضعها في حمامات مصغرة تحاكي درجة حرارة جسم الإنسان، مع تغيير درجة الحرارة من يوم إلى آخر على مدار 30 يوماً.
بعد ذلك، نقلت البكتيريا المتغيرة إلى أطباق تحتوي على مضاد حيوي.
واستنتج الباحثون أن هذه البكتيريا اكتسبت مقاومة متزايدة للمضادات الحيوية، على غرار الكلورامفينيكول والأموكسيسيلين والتتراسيكلين.
وكلما زادت قوة تركيز الفلوكستين، تحسنت سرعة البكتيريا في التغير بمرور الوقت.
ووجد الباحثون أن البكتيريا المتغيرة المعزولة، التي تتميز بقدرتها على مقاومة أحد المضادات الحيوية، تحظى بقدرة على مقاومة الفلوروكينولون، والأمينوغليكوزيد، والبيتا لاكتاماز، والتتراسيكلين والكلورامفينيكول.
مادة منتشرة بكثرة في العالم
وأفاد الباحثون بأن 11٪ من مادة عقار الفلوكستين في الأدوية تنتقل عبر جسم الإنسان دون أن تتحلل، وتدخل البيئة عبر نظام الصرف الصحي بعد خروجها من جسم المريض.
وقال جيانهوا إن «الفلوكستين منتشر بكثرة في مجتمعاتنا، ويمكن أن يؤدي هذا إلى تحفيز مقاومة البكتيريا للعديد من الأدوية.
ويقدم لنا هذا الاكتشاف دليلاً قوياً على أن الفلوكستين يساهم بطريقة مباشرة في مقاومة هذه البكتيريا لمضادات حيوية متعددة عن طريق طفرات جينية تظهر في هذه البكتيريا».
لا تعني هذه النتائج أنه يجب على الجميع التوقف عن تناول هذا الدواء واستخدام معجون الأسنان والصابون على الفور، نظراً لأنه يعتبر دواء فعالاً في إنقاذ حياة العديد من المرضى.
جوانب أخرى يجب النظر فيها
في المقام الأول، أجريت هذه الدراسة في المختبر، مما يعني أنه لا يزال يتعين على العلماء النظر في كيفية تأثير هذا الدواء على الميكروبيوم داخل جسم الإنسان.
ثانياً، يتوجب على العلماء معرفة ما إذا كانت أدوية أخرى لا تندرج ضمن قائمة المضادات الحيوية، تحظى بتأثير مماثل على البكتيريا.
وذكرت دراسة، أجريت في العام 2016، أن البكتيريا المتفوّقة المقاومة للمضادات الحيوية، ستتسبب في مقتل 10 ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2050.
لذلك، تبدو الإجابة عن هذه الأسئلة أمراً مهماً جداً، كما يجب محاولة إيجاد حل لهذه المعضلة.
وقال الباحث مين جين إن «الفلوكستين كان سابقاً عاملاً خفياً يساهم في انتشار مقاومة المضادات الحيوية، ولكن الآن يجب النظر إلى هذا الأمر على أنه تحذير جدّي».