الشاعر خالد حلمي الطاهر يكتب: هذه حكايتى مع فن الواو
يسرد الشاعر خالد حلمي الطاهر قصته مع فن الواو، وكيف عمل طويلا على تقديمه كأحد أهم الفنون الشعرية الشعبية، الضاربة في عمق الحكاية والحالة الإبداعية المصرية… في السطور التالية يقدم الطاهر حكايته مع فن الواو، عبر الديوان:
أسوان مدينة من أجمل بقاع الدنيا تلتقى بأول شعاع يخرج من الشمس وتودع آخر شعاع يعود اليها تجمع الصعيد والنوبة فى آلفة غير عادية .. شمسها وهوائها وطبيعتها شفاء للناس .
صعـيد جمعـتى ونـوبة
تشتـاق عيونك شُـفتنا
كم نوبة ازورك ونوبة
يا اسوان زيارتك شفـتنا
من أسوان كانت البداية
فى بداية التسعينيات بدأ مشوارى فى أسوان كانت الدراسة وكنت على موعد مع السحر والشعر و الفن.
التقيت بمبدعى أسوان الكبار: ” حجاج الباى ، محمد شاهين ، هاشم زقالى ، محسن حسن ، ابوالحسن الشاذلى ، مختار حلمى مراد ، .. وغيرهما ” مع حفظ الالقاب للجميع وتتلمذت على أيديهم، وصقلت موهبتى أكثر وأكثر .
كتب عنى القاص الكبير أستاذى محسن حسن فى إحدى المجلات سطر واحد كان هو المفتاح السحرى لتكوين شخصيتى الإبداعية، كتب وهو يراهن على شاب فى مقتبل العمر كلمة غيرت مجرى حياته وصنعت بداخله التحدى حين كتب يقول :-
” خالد حلمى الطاهر تذكروا هذا الاسم جيدا فهو من شعراء المستقبل ”
إنها الجملة الوحيدة التى كتبها عنى ولم يكتب سواها وقررت من ساعتها أن اكون على قدرها .
فى إحدى الامسيات الشعرية تقابلت مع المبدع الكبير أستاذى الحاج أبو الحسن الشاذلى، وهو واحد من أهم مخرجى الجنوب آنذاك الذى لم يحدثنى عن شعرى أو يثنى عليه مثلما فعل البعض ولكنه أثنى وامتدح بشدة نبرة صوتى وقال لى: ” صوتك مسرحى من الدرجة الأولى انت لازم تشتغل مسرح “.
شكرته على هذا الاطراء الجميل الذى لم يتطرق إلى شعرى ولكنه تطرق إلى صوتى وقلت له ” أشكرك على هذا الثناء الجميل ولكنى شاعر ولم أفكر فى التمثيل “.
وكان هذا اللقاء فيما بعد مدخلى لعالم فن التمثيل والكتابة والإخراج المسرحى .
دخلت عالم المسرح من بوابة الشعر واستمر عملى كممثل لفترات ثم انتقلت لمرحلة الكتابة المسرحية ثم الاخراج وفى هذه الاثناء واجهتنى مشكلة …
فى كل الاعمال المسرحية التى قمت بكتابتها ومعظم الأعمال التى شاركت فيها كممثل أو مخرج كنت أقوم بكتابة الاغنيات لهذه الاعمال وكنت اشعر بأن الاغنية بشكلها التقليدى المتعارف عليه الكوبليهات والمذاهب لا تتناسب وإيقاع هذا العصر وهذه الاعمال المسرحية التى تحتاج الى التكثيف والاختصار وضيق العبارة واتساع الرؤية دون الخلل بالمضمون .
فأصبحت أمام اشكالية خطيرة رغبتى فى التكثيف والاختصار وعدم الاخلال بالمضمون ورفضى للشكل التقليدى للاغنية .
فقررت أن أبتكر شكل جديد فى الكتابة أو كنت أعتقد ذلك آنذاك، فكتبت المربع دون أن أعرف ماهية هذا اللون من الكتابة ولكن كل مربع يعبر عن حالة وقضية ولمحة درامية خاصة به .
ونجحت هذه الفكرة كبديل للأغنية وأصبح لدى كم كبير من هذه المربعات التى كتبت فى أعمال مسرحية وحدثت نفسى لماذا لا أقوم بعرض هذه المقطوعات أو المربعات أو هذا الشكل الفنى الذى لا أعرفه على أهل الإبداع والثقافة فى المنتديات الأدبية وكانت المفاجاة ..
ما أكتبه ليس شكل مبتكر من أشكال الإبداع ولكنه فن قديم جدا يطلق عليه ” فن المربعات ” أو فن الواو والسبب فى عدم معرفتى أو معرفة من حولى من الشباب بهذا الفن يرجع إلى قدمه وعدم تداوله وقلة شعرائه لدرجه أنه قارب على الاندثار .
ورغم صغر سنى وحداثة عهدى بالابداع حزنت كثيرا على جهلى وعدم معرفتى بهذا الفن الراقى الاصيل الممتع ولكنى سعدت كثيرا بأني رفعت عن كاهلى مسئولية تعريف الساحة الأدبية بفن جديد ظننت للحظات بأنى ابتكرته من عدم .
وبهذا كان دخولى إلى عالم فن الواو الكبير الرحب تم عن طريق الصدفة .
أسوان وعشقى جمالك
على شـط مـينا وراســى
حنيفى شافعى جمـالك
حـنبـل كلامه ف راسـى