السماح للأيزيديات الناجيات من الاغتصاب على يد داعش بالعودة للوطن مع أطفالهن
استقبلت مجموعات إيزيدية لدعم الناجين بحفاوة قرار شيوخ المجتمع المحلي بالسماح للأطفال الذين وُلِدوا نتيجة للاغتصاب على أيدي أعضاء تنظيم الدولة (داعش) بالعودة مع أمهاتهم الإيزيديات إلى أوطانهنّ في العراق.
ومهَّدَ ذلك القرار التاريخي، الذي أصدره المجلس الروحاني الإيزيدي، الطريق أمام عودة مئات النساء من سوريا أو أوروبا، بصحبة أطفالهن الذين وُلِدوا وهنَّ قيد الاحتجاز لدى الجماعة الإرهابية.
وأفردت صحيفة “الجارديان” البريطانية تقريراً عن تبعات القرار الذي استقبل بحفاوة للحديث عن المعاملة التي لاقتها النساء قبله والمنتظرة الآن.
الناجيات من الاغتصاب كنَّ منفيات
قبل القرار الذي اتُّخِذَ هذا الأسبوع، كانت النساء اللاتي يرفضن الانفصال عن أطفالهنّ يتعرّضن للنفي من قبل مجتمعاتهنّ، وأُجبِرَت العديد منهنَّ على العيش في معسكرات اعتقال في شمال شرقي سوريا.
وكان يُسمَح فقط للنساء اللاتي وافقن على تسليم أطفالهنَّ حديثي الولادة أو الرُّضَّع بالعودة إلى عائلاتهن في شمالي العراق.
ومن المحتمل أن يؤثِّر هذا القرار بشكلٍ مباشر على مئات النساء اللاتي استُعبِدن على يد داعش، وتعرَّضن للاغتصاب بصورة روتينية من قِبل أعضاء الجماعة، وكان أفراد داعش يُعلنون أنهنَّ «بلا رب»، أو «عابدات للشيطان».
وجرت وقائع الاستعباد في الفترة منذ أغسطس 2014، حين كان المتطرفون يسيطرون على معقل الإيزيديين بالقرب من جبال سنجار، وحاولوا تنفيذ إبادة جماعية ضدَّ مجتمع قوامه نحو 550 ألف شخصٍ، مما أسفر عن مقتل حوالي 5 آلاف رجلٍ، وأسْر آلاف النساء والفتيات.
والآن بدأ البحث عن الأطفال الذين سلموا لمعسكرات احتجاز
يقرُّ ذلك التحوُّل في السياسة أن ما حدث للنساء الإيزيديات كان «خارجاً عن سيطرتهن»، وقيل إن شيوخاً إيزيديين قد أُرسِلوا إلى شمال شرقي سوريا، للبحث عن النساء الإيزيديات اللاتي يُقِمن في مُعسكريّ احتجاز كبيرين، بهدف إعادتهن إلى العراق مع أطفالهن.
وستبدأ عمليات البحث أيضاً في دور الأيتام بأنحاء العراق، حيث سلَّمَت المئات من النساء الإيزيديات أطفالهنَّ هناك، ليُسمَح لهم بالعودة إلى عائلاتهنّ، فيما سُلِّمَ بعض الرُّضَّع بشكلٍ مباشر إلى عائلات تتولَّى التبني بشكلٍ غير رسمي، وتظاهرت بعض تلك العائلات أن هؤلاء الأطفال هم أبناؤهم الفعليون.
لهذا لقي القرار حفاوة كبيرة
قالت باري إبراهيم، المديرة التنفيذية لمؤسسة Free Yezidi Foundation، إن القرار كان موضع ترحيب واستُقبِل بحفاوةٍ من قِبل النساء اللاتي تعرَّضن لصدمةٍ مزدوجة من الاغتصاب والأسر، ثم أُجبِرن على الانفصال عن الشيء الوحيد الباقي لهنَّ.
وقالت باري: «هنا لديك نساء يعشن في جحيمٍ وهنَّ قيد الاحتجاز، والشيء الوحيد الذي كان يمنحهن الحب هو أطفالهنَّ، ثم أُخذوا منهنَّ».
وأضافت: «أنا سعيدة جداً. كان هذا نتيجةً لضغط الكثير من المنظَّمات المُختلفة، وانعكاساً للمجتمع نفسه من الداخل، فقد جرت محادثات بين العائلات حول العديد من الجوانب من بينها براءة الطفل، والقبول داخل المجتمع من الآخرين، ولفترة طويلة لم يكن هذا الموضوع مطروحاً حتى للمناقشة، أن تقبل دم الجاني في مجتمعك، هذه هي الطريقة التي ينظرون بها للأمر».
الحفاوة، لأن الأطفال لم يُقبلوا كأمهاتهم من قبل
وفي يوم الجمعة 26 أبريل/نيسان 2019، تحرَّك عددٌ من شيوخ المجتمع لتوضيح حالة الأطفال الذين وُلِدوا لآباءٍ من مقاتلي داعش، وأصرّوا على أنهم بينما يمكنهم العيش مع أمهاتهم في مجتمعات الإيزيديين، لن يُقبَلوا بصفتهم إيزيديين.
قال بهزاد سليمان سافو، عضو المجلس الروحاني الإيزيدي: «نحن دين مسالم، ونحن متسامحون للغاية تجاه الإنسانية، ونحن نقبل هؤلاء الأطفال الذين يولدون لآباء مُسلمين فقط كبشر، ونستند إلى أعراف ديننا تجاه الإنسانية، ولكننا لا نقبلهم بصفتهم إيزيديين لأن قانوننا الديني لا يسمح بذلك».
وأضاف: «لا يمكن لأحد اعتناق الإيزيدية، وأطفال ضحايا الإيزيديات وُلِدوا لآباء مُسلمين، وديننا لا يقبلهم كإيزيديين، ومع ذلك، ما زالت أمهاتهم عضوات بمجتمعنا، وقد تعرّضن للاغتصاب والفظائع، وهن ما زلن مقبولات كعضوات في مجتمعنا».
وتابع: «بموجب القانون العراقي، يجب تسجيل الأطفال تحت مظلة ديانة آبائهم، وآباء هؤلاء الأطفال ليسوا معروفين، لذا جدَّدنا طلبنا للمجتمع الدولي، أن تُؤخذ تلك النساء إلى أوروبا أو البلدان الغربية لتسجيل هؤلاء الأطفال بأسماء أمّهاتهم».
ترحيب دولي أيضاً
تلقّت تلك الخطوة ترحيباً من قِبل الأمم المتّحدة والمُنظمات غير الحكومية، التي طالبت بحماية عالمية للأقليات النازحة، والتي تعرَّضت للاستعباد من قِبل داعش.
وقالت بلقيس ويلي، الباحثة في الشأن العراقي لدى مُنظّمة هيومان رايتس ووتش، إن «النساء الإيزيديات -اللاتي وقعن في أسر مقاتلي داعش وأنجبن لاحقاً أطفالاً نتيجة للاغتصاب- قد تحدَّثن عن مدى ألمهنَّ حين تركن أطفالهن في دور أيتام أو لعائلات المقاتلين، قبل أن يتمكّنَّ من العودة إلى مجتمعاتهن».
وأضافت: «لقد شعرن بالضغط لفعل ذلك، لخشية أن أطفالهنَّ الذين وُلِدوا نتيجة الاغتصاب لن يكونوا موضع ترحيب في الوطن. إن هذا القرار كانت له حاجة منذ فترة طويلة».
وقالت جولييت توما، رئيسة الاتصالات الإقليمية لمنظّمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن «اليونيسف ترحِّب بموقف رؤساء المجتمعات الإيزيدية، تمشياً مع موقفنا أن الطفل هو فقط طفل. وبغض النظر عن الانتماء المزعوم أو الدور العسكري المزعوم لعائلة الطفل، يجب أن يتلقى الأطفال أقصى درجات العناية، وكل المساعدة التي يحتاجون إليها».