السلطات المغربية تبدأ هدم مشروع نصب «الهولوكوست» قرب مراكش
بدأت السلطات المغربية، مساء الإثنين، بهدم مشروع نصب «الهولوكوست» يضم متحفاً والعديد من المرافق، إضافة إلى نصب تذكاري على شكل لوحات فنية تبنيه منظمة ألمانية يقودها ماسوني، بالقرب من مراكش، أثار احتجاجات واسعة.
ونفت أن تكون السلطات بإقليم الحوز قد «منحت رخصة بإقامة مشروع من طرف مواطن أجنبي، يضم متحفاً وعدة مرافق، إضافة إلى نصب تذكاري لـ (الهولوكوست)، وقال بلاغ عممته وزارة الداخلية، أول أمس الإثنين، قبل البدء في هدم ما بني، إن الأنباء المتداولة بخصوص إقامة نصب تذكاري على شكل لوحات فنية بجماعة فاسكا بإقليم الحوز «لا أساس لها من الصحة»، وأن الجهات المختصة بالإقليم لم تصدر أي ترخيص لإقامة أي مشروع من هذا القبيل، والذي يتطلب إقامته الخضوع للمساطير القانونية، ويستلزم الحصول على التراخيص الإدارية الجاري بها العمل.
ر أعضاء المجلس البلدي
واستنكر أعضاء المجلس البلدي لفاسكا وشجبوا بناء هذا المشروع على أرض بلديتهم والطريقة التي تم بها البناء، وناشدوا الجهات المعنية والقوى الحية «التدخل العاجل والفوري لوضع حد لهذه المهزلة»، وأكدوا استعدادهم لخوض كل أشكال الاحتجاج لوقف هذه «الفضيحة».
وطالبت المنظمة الألمانية «بيكسل هيلبر»، صاحبة لمشروع النصب التذكاري لـ»الهولوكوست»، الدولة المغربية بتعويضها عن الخسائر التي لحقتها جراء ذلك. وقالت المنظمة عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، مرفقة منشورها بفيديو لعمليات الهدم، إن السلطات قامت بهدم النصب التذكاري لليهود القتلى في أوروبا، وضد اضطهاد أقليات «السينتي» و«الروما» (الغجر) ومسلمي اليوغور.
وسجلت المنظمة احتجاجاً على عمليات الهدم التي طالت النصب التذكاري، وقالت إنه «تم تدنيس جميع الأعمال الفنية، بما في ذلك قوس قزح (رمز المثلية) الموضوع في المدخل، وتم تدمير معدات باهظة الثمن، مثل حامل كاميرا يبلغ طوله 15 متراً بواسطة جرافات». وأضافت أن السلطات قامت بقطع الماء والكهرباء عن المشروع، رغم أنها كانت تبلغ السفارة والسلطات المغربية بمشروعها، منذ بداية الأشغال فيه، إلا أنه «للأسف منذ البداية لم تبد السلطات أي تعاون معنا»، وأن «رئيس الجماعة رفض أيضاً الترخيص للمشروع منذ البداية»، مطالبة الدولة المغربية بتعويضها عن الضرر الذي لحقها جراء هدم المشروع الذي عملت فيه مدة 365 يوماً وخصصت له 10 مستخدمين، وكلفها مادياً 100 ألف يورو. وأثار مشروع بناء مركب ونصب الهولوكوست في مراكش استنكار واحتجاج هيئات حقوقية وحزبية وأهلية، واعتبرته اختراقاً صهيونياً للمغرب وخيانة لقضية الشعب الفلسطيني التي يعتبرها المغاربة قضيتهم. خاصة وأن ملك المغرب هو رئيس للجنة القدس.
وطالب المحتجون ببناء صروح ونصب لحي المغاربة في القدس الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي بعيد احتلاله للقدس 1967، إضافة إلى استيلاء الاحتلال على أراض ومبان وممتلكات للمغرب والمغاربة في المدينة المقدسة.
وقال المحتجون إن مشروع مراكش الذي هدم كان في إطار هجمة لتطبيع العلاقات الإسرائيلية المغربية المرفوض رسمياً وشعبياً، مشيرين إلى أن مهرجانات للرقص الشرقي نظمتها راقصة إسرائيلية بمشاركة شواذ جنسياً.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (مستقلة) إن السلطات أقدمت على هدم أكبر مجسم في العالم لتخليد الهولوكوست، وهو المجسم الذي شرعت في بنائه مؤسسة ألمانية بجماعة أيت فاسكا على بعد حوالي 26 كلم من مدينة مراكش في اتجاه مدينة ورززات، وأضافت أن المجسم الذي أثار ضجة كبيرة شرعت في بنائه مؤسسة ألمانية «تحت أعين السلطات المحلية والمنتخبة رغم عدم ترخيصها»، وحتى لا يثير المشروع حفيظة الساكن والرأي العام الوطني، «روجت الجهات المشرفة على عملية البناء أنها بصدد بناء متنزه للاستجمام والترويح ومنتجع سياحي بعد اقتنائها الأرض، وشيدت مقراً لها بالمنطقة، وباشرت عملية بناء المجسمات».
وأضافت أن المؤسسة الألمانية عمدت إلى «استغلال فقر ساكن الدوار (الحي) عبر مدها ببعض المساعدات الغذائية، وتقيم ما يشبه ملعباً بسيطاً لكرة القدم، ومد الأطفال بالكرات، إضافة إلى بناء ساقية للماء». وحسب الإفادات التي استقتها الجمعية فقد كان المشروع يستقبل بين الفينة والأخرى زواراً أجانب كانوا يمارسون طقوساً غريبة عن المنطقة، وكانت الساكنة تتابعها من خلف السياج المحيط بالنصب، وإن معطيات أخرى استقتها الجمعية تفيد أن صاحب المشروع كان يعتزم بناء مجسم آخر وبنفس المواصفات في منطقة الويدان القريبة أيضاً من مراكش، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على العقار نظراً لرفض الساكنة بيعه أية بقعة مؤهلة لاحتضان مشروعه.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان أرسل لـ«القدس العربي» إنه بعد توالي التنديد بالمجسم وأهدافه السياسية، عمدت السلطات إلى وقف أشغاله، وباشرت عملية الهدم يوم الإثنين، 26 آب/ أغسطس الجاري، معتبرة أن البناء تم من دون ترخيص، مما دفع صاحب المشروع للاحتجاج على عملية الهدم بما فيها مقر جمعيته، وقام ببث مباشر لعملية الهدم.
وأكدت أن «المجسم لا يعني الشعب المغربي لأنه ليس طرفاً في عملية الهولوكوست، وأن هذا المجسم يقوي التطبيع مع الكيان الصهيوني وهو ما يتنافى مواقف الشعب المغربي الداعمة للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية»، واعتبرت أن «حجة عدم التوفر على الترخيص عذر غير مقبول، لأنه لا يعقل أن تتم عملية بناء بهذا الحجم دون علم المجلس القروي وسلطات ايت فاسكا، وأن الأمر يتجاوز عدم احترام قوانين التعمير إلى المس بالسيادة الوطنية، لأنه ليس مقبولاً إطلاقاً مباشرة بناء مجسم من هذا القبيل وبأهدافه السياسية الواضحة المخالفة لكل تطلعات المغاربة وقواهم الحية، وتركن السلطات المحلية إلى السكوت وعدم التدخل».
واعتبرت الجمعية أن «السلوكات التي كانت تصدر عن صاحب المشروع واستغلاله فقر ساكنة المنطقة، كانت كافية للبحث والتقصي حول غايات وأهداف المشروع، ومحفزاً للسلطات لوقف البناء باعتباره خارج الضوابط القانونية»، وبالتالي فإن «العملية برمتها لا تتوقف عند عملية الهدم بدعوى عدم الترخيص، بقدر ما يجب رفض أي مشروع من هذا القبيل وتوخي الحذر من المشاريع غير الواضحة، واحترام سلطة القانون وسريانه على الجميع ونطالب بفتح تحقيق في هذه القضية، وتحديد الجهات المسؤولة عن توفير البقعة الأرضية لقيام المشروع وبداية بنائه، مع ما يتطلب ذلك من جزاءات قانونية على المتعاونين والمتسترين وكل من لم يمارس مهامه طبقاً للقانون. التصدي الحازم لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، أياً كان مصدرها فتح تحقيق حول مصادر تمويل المشروع خاصة التبرعات وما هي الجهة التي سمحت له بتلقيها، خاصة أن المؤسسة الألمانية لها إعلانات تتوسم تلقي الدعم، وهذا ما يؤكد أن المشروع وراءه جهات تسعى للتطبيع مع الحركة الصهيونية، باستغلال الهولوكوست وجرائم النازية».
الحزب الاشتراكي: متحف صهيوني
وأدان الحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض) بناء متحف صهيوني في جهة مراكش، وقال في بلاغ أرسل لـ«القدس العربي» إن العديد من المواقع الإلكترونية تناقلت، نقلاً عن وسائل إعلام ومؤسسات الدعاية الصهيونية عزم إحدى الجمعيات لصهيونية، بناء متحف لـ «الهولوكوست»، وإن المثير في الخبر أن المؤسسة الصهيونية المشرفة على المشروع تتحدث عن جمع مساهمات مالية لمشروعها على أرض المغرب بمكان الورش. وكل ذلك في صمت وتواطؤ تأمين للحكومة المغربية.
واعتبر الحزب «بناء هذا المتحف الصهيوني تدنيساً لأرض المغرب، وأعلى درجات التطبيع مع الكيان الصهيوني ومؤسساته الموازية». ليعبر عن «إدانته الشديدة لقرار الحكومة السماح للمؤسسة الصهيونية باستباحة أرض المغرب، وهو القرار المعادي للشعب المغربي الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية»، ووجه «نداء عاجلاً وحاراً لكل الهيئات والفعاليات الوطنية والديمقراطية والتقدمية للتحرك المستعجل لمواجهة هذا المشروع»، ودعا «عموم المناضلين والمناضلات والمواطنات والمواطنين للانخراط في كل الخطوات النضالية التي ستقدم عليها الهيئات».