الزعيم الفعلي لداعش قرداش.. ماذا يعني قتل البغدادي بالنسبة للتنظيم والعالم؟
يبدو أن التفاصيل التي تتكشف تباعاً تشير إلى أن الإعلان الاستعراضي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقتل أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، ربما لا تمثل ضربة قاصمة للتنظيم المتهاوي بقدر ما قد تمثل قبلة الحياة، بحسب تقرير أمريكي.
مجلة نيوزويك الأمريكية التي كانت أول من نشر خبر عملية قتل البغدادي، نشرت تقريراً اليوم الإثنين 28 أكتوبربعنوان: «داعش لديه بالفعل زعيم جديد لكن البغدادي ربما لم يكن أصلاً يدير التنظيم»، نقلت فيه تصريحات خطيرة عن مسؤول أمني إقليمي.
البغدادي كان رمزاً بلا صلاحيات
بدأ التقرير بالقول إن «نيوزويك» علمت أن العملية الأمريكية التي نتج عنها قتل أبوبكر البغدادي والمتحدث باسم التنظيم أبوالحسن المهاجر في سوريا، رغم أن داعش لديه بالفعل خليفة جديد للبغدادي وهو عبدالله قرداش الذي عينه البغدادي في أغسطس/آب الماضي.
وبحسب المسؤول الأمني الإقليمي الذي تحدث للمجلة شرط عدم ذكر اسمه أو منصبه أو حتى الإشارة لبلده، «كان قرداش يتولى بالفعل مهام البغدادي كاملة»، مضيفاً أن «دور البغدادي قد تقلص بالفعل ولم يعد له دور أصلاً وقت مقتله».
كان البغدادي قد فجّر حزاماً ناسفاً أثناء محاولة قوات خاصة أمريكية القبض عليه، وقال المصدر للمجلة إنه لم يكن له دور، «البغدادي كان قد أصبح مجرد رمز ولم يكن له أي دور في العمليات أو الأنشطة اليومية للتنظيم، بل كان يقول نعم أو لا فقط دون أي دور في التخطيط».
قلق من هجمات انتقامية
ولا تزال تفاصيل ما حدث فعلاً في المجمع السكني الذي كان يختبئ فيه البغدادي في قرية باريشا أثناء العملية الأمريكية غير معلومة، ولا أحد يعرف بعد لماذا كان يختبئ في قلب منطقة كانت تسيطر عليها جماعة تحرير الشام المنافسة لداعش والتي يقودها أبومحمد الجولاني، زميل البغدادي السابق في تنظيم القاعدة فرع العراق والذي أسس جبهة النصرة في سوريا وتحولت إلى تحرير الشام.
كما أن مقتل البغدادي لا يعني القضاء على قدرة أحد أشرس التنظيمات الإرهابية تدميراً واستخفافاً بحياة المدنيين على مواصلة عملياته الدموية في كل مكان، بحسب المصدر لمجلة نيوزويك: «سوف يضربون في سوريا وينشرون الفوضى في العراق وأوروبا وبالتأكيد داخل الولايات المتحدة. لقد أثار الأمريكان غضباً عملاقاً نائماً، وسوف يستيقظ ويسبب فوضى لا أحد يتوقعها وينشر الرعب بين المواطنين في الغرب».
لكن مسؤولاً سابقاً في المخابرات الأمريكية أخبر المجلة بأن قتل البغدادي سيكون له تأثير ملموس على قدرة التنظيم على الحركة، مضيفاً أنه لو كان البغدادي «يوافق فقط على العمليات والاستراتيجية من خلال رسائل مع مبعوثين، فهذا معناه أنه كان لديه تأثير».
«الزعيم مهم، لهذا نسعى بشكل سري لاستهداف كبار المسؤولين لأنهم هم من يتخذون القرارات»، بحسب المسؤول المخابراتي السابق.
من هو قرداش؟
كانت «وكالة أعماق» الذراع الإعلامية لـ«داعش» قد ذكرت في خبر بثته قبل ما يقرب من ثلاثة أشهر أن البغدادي رشح التركماني الأصل عبدالله قرداش، من قضاء تلعفر غرب الموصل «لرعاية أحوال المسلمين»، وفق تعبيره.
وقال الخبير الأمني العراقي فاضل أبورغيف، في تغريدة له على تويتر، إن خليفة البغدادي كان معتقلاً في سجن «بوكا» (بمحافظة البصرة)، وسبق أن شغل منصباً شرعياً عاماً لتنظيم القاعدة، وهو خريج كلية الإمام الأعظم في مدينة الموصل، بحسب وكالة الأناضول الخميس 8 أغسطس.
وأضاف أبورغيف أن قرداش كان مقرباً من القيادي أبوعلاء العفري (نائب البغدادي والرجل الثاني في قيادة داعش، والذي قتل عام 2016)، «وكان والده خطيباً مفوّهاً وعقلانياً»، وأشار إلى أن قرداش يتسم بالقسوة والتسلط والتشدد، وكان أول المستقبلين للبغدادي إبان سقوط الموصل.
قرداش مصنف أنه من أشرس وأقسى قادة داعش، وربما لهذا السبب أعلنت أجهزة الاستخبارات العراقية حالة استنفار معلوماتية حول شخصية قرداش، وما تحركاته، وأين يمكن أن يكون موجوداً، لا سيما أن قرداش ينحدر من بلدة تلعفر، شمال غرب مدينة الموصل، وهي من أهم معاقل التنظيم المتطرف، وكانت البلدة مرشحة لتكون مقراً رئيسياً للتنظيم بعد سقوط الموصل، إلا أن القوات العراقية تمكنت من دخول البلدة بسهولة وسمح وقتها لمئات المتطرفين بممرات هروب متعمدة.
البغدادي كان غير قادر على الحركة
وكان رئيس «خلية الصقور» التابعة للداخلية العراقية، أبوعلي البصري، قال في نهاية يوليو الماضي إن البغدادي موجود في سوريا، وأجرى تغييرات لتعويض الإرهابيين الذين قُتلوا خلال السنوات الماضية. وذكر البصري أن البغدادي يعاني من شلل في أطرافه بسبب إصابته بشظايا صاروخ في العمود الفقري خلال عملية لخلية الصقور بالتنسيق مع القوات الجوية أثناء اجتماعه بمعاونيه في منطقة «هجين» جنوب شرقي محافظة دير الزور السورية، قبل تحريرها عام 2018.
وكان التفسير لإقدام البغدادي على ترشيح قرداش كخليفة له في ظل مقتل نائبه هو حالة البغدادي الصحية، إضافة لخشية البغدادي من حدوث صراع على «الخلافة» من بعده، أو ربما كان السبب هو استعداد التنظيم لجولة جديدة من إثبات الوجود على الأرض، خصوصاً أن ذلك تزامن مع تحذيرات استخباراتية عديدة رسمت صورة مقلقة التنظيم الذي يعد الأكثر دموية، حيث توقعت أن التنظيم ما زال يمثل تهديداً خطيراً.