الحكومة الجزائرية تعرض خطة عملها في ظل وضع مالي “هش”
قدم رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد الثلاثاء، خطة عمل أول حكومة للرئيس عبد المجيد تبون، أمام الغرفة الأولى للبرلمان، في ظل وضع مالي “هش” مرتبط بتقلبات أسعار النفط، المصدر الأساسي لتمويل الاقتصاد الجزائري.
وقال جراد خلال عرض خطة الحكومة أمام قاعة ممتلئة بنواب المجلس الشعبي الوطني “إن واجب المسؤولية وحساسية الظرف يحتمان علي أن أطلعكم بصفة مختصرة على حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد”.
وأضاف ” الوضع المالي الحالي للبلاد يبقى هشا ومرتبطا بشكل كبير بتقلبات السوق العالمية للمحروقات”.
والجزائر هي ثالث منتج للنفط في إفريقيا وتاسع منتج للغاز عالميا، وتعول على تصدير المحروقات في تمويل اقتصادها حيث تمثل 95% من مداخيل البلاد بالعملة الصعبة وتساهم في موازنة الدولة بنحو 60%.
وأشار جراد الى ان من تداعيات تراجع أسعار النفط “تفاقم عجز الميزان التجاري الذي بلغ 10 مليارات دولار نهاية 2019وكذلك تراجع احتياطات الصرف بأكثر من 17 مليار دولار في السنة نفسها”.
– تقلص الاحتياطي –
واعلن البنك المركزي الجزائري قبل أسبوع ان احتياطات الصرف “تبلغ حاليا 62 مليار دولار”، مقابل 79,88 مليار دولار نهاية 2018 و 97,33 مليار دولار نهاية 2017.
وتوقعت موازنة الدولة لسنة 2020 تقلص هذا الاحتياطي الى 51,6 مليار دولار مع نهاية العام.
وإضافة إلى ذلك “بلغ الدين العمومي الداخلي نسبة 45% من الناتج الداخلي الخام في سنة 2019 بعد أن كانت تقدر بـ 26% في 2017” كما كشف جراد أمام النواب الذين غاب منهم نواب حزبي التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية وجبهة القوى الاشتراكية.
وقرر الحزبان مقاطعة أعمال البرلمان في الأسابيع الأولى للحراك قبل نحو سنة، بينما قرر بعض النواب الاستقالة تضامنا مع الحركة الاحتجاجية، ومنهم سيد أحمد فروخي الذي أصبح وزيرا في حكومة جراد.
وشكّل الرئيس عبد المجيد تبون أول حكومة في ولايته بعد أسبوعين من انتخابات رئاسيّة جرت في 12 كانون الأوّل/ديسمبر، لكنّها قوبلت بالرّفض من الحراك الشعبي.
وأشار رئيس الوزراء في خطابه إلى أن تقديم خطة عمل الحكومة “يتزامن مع مرور سنة على الهبة الشعبية التاريخية، التي عبر من خلالها الشعب الجزائري في طابع سلمي لا مثيل له، عن تطلّعاته القوية إلى التغيير الديموقراطي والعدالة الاجتماعية و بناء دولة القانون”.
وقال “لقد عرفت بلادنا في السنوات الأخيرة تسييرا كارثيا للدولة وممارسات تسلطية أدت إلى نهب ثروات البلاد (…) إن هذا الواقع المرير هو الذي دفع بالجزائريين يوم 22 فبراير (شباط) 2019 إلى استنكار ورفض محاولة إضعاف بلادنا. فخرج الشعب بكل مكوناته وفئاته لكي لا يتكرر ذلك مرة أخرى”.
ووعد جراد ب”تطهير الإرث الكارثي” والقضاء على الانحرافات التي طبعت تسيير الشؤون العامة للدولة “خلال عشرين سنة من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة” الذي دفعه الحراك وضغط الجيش للاستقالة في 2 نيسان/أبريل.
واوضح ان عمل الحكومة سيتمحور حول “العقد الجديد من أجل جمهورية جديدة” من خلال “تكريس ديموقراطية فعلية (…) ومكافحة حازمة للفساد والـمحاباة والـمحسوبية”.
– الأموال.. من أين؟ –
وبعد نهاية عرض رئيس الوزراء بدأت مداخلات النواب التي تستمر الى الاربعاء على أن يرد عليها الخميس قبل ان يتم التصويت على خطة عمل الحكومة.
وبحسب الدستور فإنه في حالة عدم المصادقة على الخطة تقدم الحكومة استقالتها، وإذا رفض المجلس الشعبي الوطني خطة الحكومة مرة ثانية “ينحل وجوبا”.
وانتقد النائب عن حزب الأغلبية، جبهة التحرير الوطني، نعوم بن الأخضر، خلو خطة الحكومة من الأرقام فهي “فلسفية إنشائية” كما قال.
وتساءل “من أين ستأتي الحكومة بالأموال، هل نطبع النقود أو نسترجع الأموال المنهوبة؟” كما وعد تبون خلال حملته الانتخابية بدون ان يوضح كيفية القيام بذلك.
وكان البرلمان نفسه صادق في 2017 على خطة عمل حكومة أحمد اويحيى الموجود في السجن، والتي استندت الى طبع الأوراق النقدية من اجل سد عجز الخزينة.
كما انتقد النائب أحمد صادوق من حزب حركة مجتمع السلم (اسلامي معارض) “ترتيب الأولويات في خطة عمل الحكومة”.
وأوضح في تصريح للصحافيين ” الأولوية بالنسبة لنا هي الاصلاح السياسي الذي يبدأ من تعديل عميق للدستور وثانيا مكافحة الفساد لتهيئة بيئة اقتصادية سليمة” تشجع المستثمرين المحليين وتجلب الاستثمار الخارجي.
وشارك هذا الحزب في مشاورات تعديل الدستور مع الرئيس تبون الذي كلف هيئة خبراء إعداد مسودة سيتم عرضها للنقاش قبل الاستفتاء الشعبي على النسخة التي يصادق عليها البرلمان.