الحاكم العسكري للجزائر زاد من عمليات القمع للإنتفاضة التي فشلت في تحقيق انتقال ديمقراطي
قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن الحاكم العسكري للجزائر زاد من عمليات القمع للإنتفاضة، مشيرة إلى قيام السلطات باعتقالات جديدة تحسبا لتظاهرات جديدة بعد المباراة النهائية في كأس أمم أفريقيا التي تلعب فيها الجزائر ضد السنغال. وقالت إن زيادة وتيرة الإعتقالات والقمع تأتي بعد خمسة أشهر من الإنتفاضة التي أنهت الحكم الديكتاتوري لعبد العزيز بوتفليقة ولكنها فشلت في تحقيق عملية انتقالية للديمقراطية في أكبر بلد أفريقي في إشارة عن مزيد من الإضطهاد.
ففي الشهر الماضي قامت السلطات في ظل قائد الجيش قايد صالح باعتقال العشرات من المحتجين ومنع عددا من مواقع التواصل الإجتماعي في وقت تتواصل فيه التظاهرات بدون توقف بالعاصمة الجزائر والمدن الأخرى في البلاد. وتقول الصحيفة إن مباراة كرة القدم يوم الجمعة ستكون امتحانا آخر، ففوز الفريق الجزائري سيكون بمثابة مبرر للناشطين الخروج وبحماس شديد. وتقول داليا غانم- يزبك من مركز كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت ” هناك نوع جديد من الحزم لدى الجيش ومن الشرطة لم نره منذ بداية التظاهرات”. وأضافت “يقوم الجيش بقيادة قايد صالح بتشديد نبرته وإرسال رسائل للمتظاهرين والتي تقول: لقد قدمنا تنازلات لكم”.
وتشير الصحيفة إلى أن صالح ومنذ الإستجابة لمطالب المتظاهرين بتنحي بوتفليقة تولى حكما قام من خلاله بتطهير النخبة القديمة والمسؤولين البارزين ووضع عددا منهم في السجن بتهم الفساد. ولكنه رفض السماح بنقل السلطة إلى المدنيين. وتم تأجيل الإنتخابات التي كانت مقررة في 4 تموز (يوليو) الحالي بسبب قلة المرشحين. ولأن النظام يعي بأهمية المباراة في القاهرة فقد حاول تقديم رسالة إيجابية من خلال توفير الطائرات لنقل المشجعين لتشجيع الفريق الوطني. وسيسافر عبد القادر بن صالح، الرئيس الإنتقالي إلى مصر وحضور المباراة. وظهرت المعارضة لبوتفليقة في ملاعب كرة القدم وهي المكان الوحيد الذي يمكن من خلاله الشبان ممن هم تحت سنة الـ 15 عاما، وهم ربع السكان، حريتهم. وفي الوقت ذاته تتواصل عمليات القمع ضد الصحافة. ونقلت الصحيفة عن الوناس غماش، محرر “تي أس إي- ألجيري” ( كل شيء عن الجزائر) وهو موقع إخباري حجب الشهر الماضي ” ترفض السلطات السماح بأبسط الحقوق مثل حرية التعبير”. و”اللعبة الآن هي محاولة إضعاف الحركة”. واعتقلت السلطات الشباب الذين لوحوا بأعلام الأمازيغ.
ويقول المحللون إن “الحملة المفاجئة ضد البربر تهدف لإذكاء الفتنة بين المتظاهرين ومشاعرهم الوطنية”. ويقول ناصر جابي، استاذ العلوم الإجتماعية في جامعة الجزائر إن المحاولات “فشلت”. وقال “ربما نجحت هذه قبل 30 عاما ولكن الجزائريين وضعوا هذا الموضوع وراء ظهورهم”. ويريد قايد صالح إجراء انتخابات، ولكن المعارضة والمتظاهرين يريدون إعادة تشكيل النظام السياسي واختيار رموز مدنية تسهم في إدارة الحكومة الإنتقالية. وظل الجيش منذ استقلال الجزائر عام 1962 خلف عدد من الحكومات. وقال قايد صالح الأسبوع الماضي إن المحتجين الذين يطالبون بخروج الجيش من السياسة هم “خونة” يحملون “أفكارا سامة تمليها دوائر معادية للجزائر ومؤسساتها الوطنية ويضمرون الحقد للجيش الوطني”. ويقول غماش” نريد حلا بنهاية الصيف” وأضاف “هناك عجز في الميزانية ونريد رئيسا يتمتع بشرعية شعبية يقوم بفرض إصلاحات (غير شعبية) تخفف من القدرة الشرائية للسكان وفي الوقت الحالي كل شي مشلول”. وتقول غانم- يزبك إن تعامل الجيش مع الإنتفاضة يعتمد على قدرته الحفاظ على تماسكه الداخلي بحيث يدعم جنود الصف قرارات القيادة وفيما إن كان قادرا على حماية مصالحه مثل الميزانية التي بلغت العام الماضي 9.6 مليار دولار”، وطالما استمر هذا الوضع زاد الخطر من تشدد المحتجين في مطالبهم و “أخشى أن يصل المتظاهرون إلى وضع لن تعود فيها مطالبهم واقعية، فلم يعد شعار الحركة المطالب برحيل كل النظام قابلا للتطبيق”.