الجيش السوري الحر يعلن موقفه من الاتفاق الروسي التركي حول إدلب
قال مقاتلو المعارضة المتحالفون مع تركيا، السبت 22 سبتمبر 2018، إنهم سيتعاونون مع الجهود الدبلوماسية التركية التي أوقفت هجوماً حكومياً مدعوماً من روسيا في إدلب، ولكنهم لن يسلموا أسلحتهم أو الأراضي التي يسيطرون عليها.
وتوصلت تركيا وروسيا إلى اتفاق يوم الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2018، يقضى بإنشاء منطقة منزوعة السلاح بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في شمال غربي سوريا؛ ليجنِّبا بذلك المنطقة هجوماً ضخماً كانت القوات الداعمة للحكومة تحشد لشنه. وبموجب هذا الاتفاق، يتعين على مقاتلي المعارضة المتشددون الانسحاب من المنطقة بحلول 15 أكتوبر 2018.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن عمق هذه المنطقة سيتراوح بين 15 و20 كيلومتراً، وستمتد بمحاذاة خط التماس بين مقاتلي المعارضة والحكومة.
وستقوم القوات التركية والروسية بدوريات في المنطقة.
«نعلن تعاوننا التام مع الحليف التركي»
وقالت «الجبهة الوطنية للتحرير»، التي تضم عدداً من فصائل الجيش السوري الحر والتي تعتبرها تركيا معتدلة، إن «تعاوننا التام مع الحليف التركي لإنجاح مسعاهم لتجنيب المدنيين ويلات الحرب».
وقالت الجبهة: «نثمن هذا الجهد الكبير والانتصار الواضح للدبلوماسية التركية، التي دافعت عن قضيتنا وجعلتها من أمنها القومي، في الوقت الذي تخاذل فيه المجتمع الدولي عن نصرة الشعب السوري».
واستدركت في بيان: «إلا أننا سنبقى حذرين ومتيقظين لأي غدر من طرف الروس والنظام والإيرانيين، خصوصاً مع صدور تصريحات من قِبلهم تدل على أن هذا الاتفاق مؤقت».
وقالت بيان الجبهة إن «أصابعنا ستبقى على الزناد.. ولن نتخلى عن سلاحنا ولا عن أرضنا ولا عن ثورتنا». وبثت قناة الجزيرة تقريراً للجيش الحر وهو يواصل التدريب ويحصن مواقعه في ريف إدلب.
لاقت صفقةٌ تمنع النظام السوري من شنِّ هجوم على إدلب آخر المحافظات الخاضعة لسيطرة المعارضة، ترحيباً من جميع الأطراف المشاركة في الحرب السورية، تجنباً لحدوث كارثة للسكان المحليين البالغ عددهم 3 ملايين نسمة، وجرى الاتفاق على مواجهة الجماعات المسلحة التي ما زالت متحصنة في المحافظة.
في مدينة سوتشي الروسية الواقعة على البحر الأسود، في 17 سبتمبر/أيلول، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما قال موقع Middle East eye البريطاني.
واتفق الزعيمان على خارطة طريق لتحرير إدلب من هيئة تحرير الشام، الجماعة التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة سابقاً، دون الحاجة إلى التدخل عسكرياً. ووفقاً لخارطة الطريق، ستنشئ الدولتان منطقة منزوعة السلاح بطول 15 إلى 20 كيلومتراً، بين قوات المعارضة في إدلب وقوات النظام السوري، بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول.
وهذه أسباب تغيير روسيا موقفها من الحرب في إدلب وموافقتها للتوجه التركي
يمثل هذا تحولاً عن الوضع السابق، حين التقى بوتين وأردوغان في العاصمة الإيرانية طهران مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 7 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث رفض بوتين مقترح أردوغان بوقف إطلاق النار.
وقال بوتين تعليقاً على مقترح أردوغان: «في واقع الأمر، لا يوجد ممثلون للمعارضة المسلحة هنا على هذه الطاولة، بل الأكثر من ذلك، لا يوجد ممثلون لجبهة النصرة -الاسم السابق لهيئة تحرير الشام- أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو الجيش السوري. أعتقد أن الرئيس التركي محق بشكلٍ عام، إنه أمرٌ جيد، لكنني لا أستطيع التحدث نيابة عنهم، والأكثر من هذا لا أستطيع التحدث نيابة عن جبهة النصرة أو تنظيم داعش، وضمان أنهما سيوقفان إطلاق النار واستخدام الطائرات من دون طيار المحملة بالقنابل».
فما الذي حدث خلال 10 أيام وأقنع بوتين بتغيير رأيه؟
تحدَّث مسؤولون أتراك عملوا على الصفقة، ومصادر أمنية كانت تعمل على الأرض إلى موقع Middle East Eye البريطاني عمَّا حدث في الكواليس، شريطة إخفاء هوياتهم.
عرضت تركيا أولاً بدء عملية عسكرية في إدلب بدعم من «جماعات المعارضة المعتدلة» ضد هيئة تحرير الشام، وكانت الخطة تقضي بإنشاء منطقة كتلك التي أنشأتها في المناطق الشمالية في مدينتي عفرين وجرابلس، الخاضعتين لسيطرة تركيا حالياً. ووفقاً لهذا السيناريو، تعهَّدت تركيا بتوفير ممرات آمنة للنظام على الطريقين إم 4 وإم 5، اللذين يربطان بين حلب ودمشق واللاذقية.
لكنَّ هذا المقترح رفضته روسيا، التي تدعم طموح النظام السوري للقضاء على جميع المعارضين واستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية بما فيها إدلب.
ونتيجة لهذا، ذهب وزيرا الدفاع والخارجية التركيان إلى روسيا بعرض جديد: منطقة منزوعة السلاح بين المعارضة وقوات النظام، والتعهُّد أيضاً بتطهير إدلب من هيئة تحرير الشام والجماعات المشابهة لها.
ووفقاً للمصادر، كانت الصفقة على وشك أن تحظى بموافقة روسيا حتى قبل قمة طهران، لكنَّ عوامل أخرى اعترضت طريقها.
وكان أحد هذه العوامل هو الصراع الأميركي-الروسي في سوريا، الذي دفع الجيش الروسي إلى إجراء تدريبٍ عسكري ضخم في شرق البحر المتوسط، في بداية الشهر الجاري سبتمبر إذ لم يشأ بوتين التصريح علناً بالانسحاب من عمليةٍ عسكرية مُخطط لها في إدلب، وسط حالة استعراض القوة بين الطرفين.
بالإضافة إلى هذا، صرَّحت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية بإمكانية تنفيذ عملية عسكرية ضد الأسد، إذا استخدم أسلحة كيماوية ضد المدنيين. ولم يشأ بوتين التراجع، لكنَّه أراد إظهار دعمه للأسد في إدلب، وفقاً لما قالته مصادر تركية.
خاصة أن تركيا كانت تعمل على تمييز جماعات المعارضة في إدلب بعيداً عن هيئة تحرير الشام
كانت تركيا تعمل لشهورٍ على تمييز جماعات المعارضة في إدلب عن هيئة تحرير الشام، وقد حقَّقت بعض النجاحات، إذ رحل عن هيئة تحرير الشام الآلاف من أعضائها، وانضموا إلى جماعات المعارضة المدعومة من تركيا.
ويعمل حالياً مع تركيا أكثر من 70 ألف مقاتل في إدلب وعفرين، بينما يبلغ عدد أعضاء هيئة تحرير الشام نحو 15 ألف فرد تقريباً. وتعتبر تركيا، المنطقة منزوعة السلاح، فرصةً لإقناع هؤلاء الذين كانوا يدعمون هيئة تحرير الشام في منطقة إدلب العنيفة، بترك الجماعة.
وقال مصدر أمني لموقع Middle East Eye، إنَّ بعض أعضاء هيئة تحرير الشام يدعمون جهود تركيا والبعض الآخر يعارضها. وستعمل المخابرات التركية على تأليب الطرفين ضد بعضهما البعض.
وإذا لم تفلح سياسة تفكيك هيئة تحرير الشام والفصل بين أعضائها، ستكون الخطة البديلة هي استهداف الجماعة عبر تنفيذ عمليات عسكرية صغيرة ضدها، بالتعاون مع جماعات المعارضة المسلحة الأخرى.
جديرٌ بالذكر أنَّ أكثر من 90% من أعضاء هيئة تحرير الشام سوريون، وتعتبرهم تركيا وروسيا «متهمين جنائيين خاضعين لمسؤولية الحكومة السورية». ونتيجة لهذا، سيُسلَّم المعارضون الذين لا يتعاونون مع الجيش التركي على الأرض، وينتهكون قواعد عدم النزاع إلى شرطة الحكومة السورية.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لموقع Middle East Eye، إنَّ الأسلحة الثقيلة والشاحنات التابعة لجماعات المعارضة في المنطقة منزوعة السلاح ستُسلم إلى الجماعات الموجودة في إدلب بدلاً من تركيا.
وستُسيطر تركيا أيضاً على الطريقين إم 4 وإم 5 -اللذين تسيطر هيئة تحرير الشام على جزء منهما وتسيطر جماعات المعارضة المدعومة من تركيا على جزء آخر- وتضمن أمنهما. يُذكَر أنَّ هيئة تحرير الشام لديها أربع نقاط تفتيش أمنية على الطريق، بينما تمتلك جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا نقطتي تفتيش. وستُزيل تركيا جميع هذه النقاط، وستوفر ممراً آمناً للسيارات الحكومية كي تمكنها من مواصلة التجارة.
جديرٌ بالذكر أنَّ الشاحنات الحكومية لا تستطيع استخدام الطريق حالياً إلَّا إذا دفعت رشوة للجماعات في نقاط التفتيش.
وفي 31 يوليو الماضي، استخدمت تركيا نفوذها لدى الجماعات المسلحة في إدلب، لإزالة نقطة تفتيش خاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام. وكانت نقطة التفتيش هذه أكبر النقاط التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام على الطريق الرئيسي بين حلب ودمشق، الذي يُعَد حيوياً لكل الأطراف.
وقال المصدر الأمني: «أثبتنا قدرتنا على فعل هذا، في يوليو/تموز الماضي، ويؤمن الروس حالياً أننا سننجح في إزالة نقاط التفتيش الأربع الأخرى، التابعة لهيئة تحرير الشام».
وفي الوقت الذي وقع فيه وزيرا الدفاع التركي والروسي على الصفقة، في 17 سبتمبر الماضي، وجرى الاتفاق على حدود المنطقة منزوعة السلاح في اجتماع ضمَّ مسؤولين من وزارتي الدفاع في العاصمة التركية أنقرة، في الفترة من 19 إلى 21 سبتمبرالجاري، واصل النظام السوري عملياته في إدلب، لكن في منطقة محدودة.
وقال مصدر تركي لموقع Middle East Eye، رداً على التساؤل عمَّا إذا كانت تركيا منزعجة من تصرفات النظام السوري: «توجد هذه المنطقة غالباً ضمن المنطقة منزوعة السلاح، وتقع مسؤولية تطهيرها من الجماعات المتطرفة على عاتق روسيا وتركيا، حتى 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل».
وما زالت تفاصيل الصفقة خاضعة للنقاش بين المسؤولين من الطرفين، ولن تُحَدد حتى منتصف الشهر المقبل، أكتوبر/تشرين الأول.
وتخطط تركيا لإعادة توطين 3 ملايين لاجئ سوري في مدينتي عفرين وجرابلس
قال مسؤولون أتراك لموقع Middle East Eye، إنَّ أنقرة تخطط لإعادة توطين نحو 3 ملايين لاجئ سوري، موجودين حالياً بتركيا، في شمالي سوريا، بين مدينتي عفرين وجرابلس.
لكن إذا نفَّذت روسيا والنظام السوري عمليةً عسكرية في إدلب، ستنقل تركيا المدنيين الفارّين من إدلب إلى هاتين المنطقتين، ولن يتبقى مكانٌ لإعادة توطين اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا.
تسعى موسكو كذلك إلى خلق قناة اتصال مباشرة بين دمشق وأنقرة، ستكون ضرورية في العملية السياسية.
قال مصدرٌ دبلوماسي تركي لموقع Middle East Eye، إنَّهم لم يبدأوا الحديث مع نظام الأسد، لكنَّهم يبحثون، على كل حال، عن طرقٍ للتواصل معه بعد سنواتٍ من الصراع.
تقول مصادر أمنية تركية ومصادر من المعارضة السورية، التي تعمل على الأرض، إنَّ الصفقة تحمل مخاطر للمعارضة.
إذ قال أحد مصادر المعارضة في مباحثات مع الاستخبارات التركية في إدلب: «لن تكون بحوزتنا أسلحةٌ ثقيلة في المنطقة منزوعة السلاح، وكذلك النظام السوري، لكنَّ عدم المساواة يأتي من وجود القوات الجوية الروسية».
وأضاف: «ليس لدينا أي دعم جوي هنا. وفي حالة نشوب أي نزاع أو خرق الاتفاق، أو إذا اعتقدت موسكو أن المتطرفين ما زالوا موجودين هنا، يمكنهم بسهولة بدء قصف جوي والهجوم علينا، سيقضي هذا علينا فوراً حتى يتسنَّى لنا استعادة أسلحتنا الثقيلة للدفاع عن أنفسنا».
وعندما سُئِل مسؤولٌ تركي عن مخاطر الصفقة، قال إن تركيا عزَّزت مراكز المراقبة الاثني عشر التابعة لها في إدلب، تحسُّباً لنشوب مثل هذه النزاعات.
وأضاف المسؤول من وزارة الخارجية التركية: «لن نترك مراكزنا هناك، فهي ستساعدنا على تأمين ما نكسبه على الأرض، عند بدء العملية السياسية حتى إذا انسحبت قوات المعارضة في حالة شنِّ هجومٍ عليها».
ولاقت صفقةٌ تمنع النظام السوري من شنِّ هجوم على إدلب آخر المحافظات الخاضعة لسيطرة المعارضة، ترحيباً من جميع الأطراف المشاركة في الحرب السورية، تجنباً لحدوث كارثة للسكان المحليين البالغ عددهم 3 ملايين نسمة، وجرى الاتفاق على مواجهة الجماعات المسلحة التي ما زالت متحصنة في المحافظة.
في مدينة سوتشي الروسية الواقعة على البحر الأسود، في 17، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما قال موقع Middle East eye البريطاني.
واتفق الزعيمان على خارطة طريق لتحرير إدلب من هيئة تحرير الشام، الجماعة التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة سابقاً، دون الحاجة إلى التدخل عسكرياً. ووفقاً لخارطة الطريق، ستنشئ الدولتان منطقة منزوعة السلاح بطول 15 إلى 20 كيلومتراً، بين قوات المعارضة في إدلب وقوات النظام السوري، بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول.
وهذه أسباب تغيير روسيا موقفها من الحرب في إدلب وموافقتها للتوجه التركي
يمثل هذا تحولاً عن الوضع السابق، حين التقى بوتين وأردوغان في العاصمة الإيرانية طهران مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 7 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث رفض بوتين مقترح أردوغان بوقف إطلاق النار.
وقال بوتين تعليقاً على مقترح أردوغان: «في واقع الأمر، لا يوجد ممثلون للمعارضة المسلحة هنا على هذه الطاولة، بل الأكثر من ذلك، لا يوجد ممثلون لجبهة النصرة -الاسم السابق لهيئة تحرير الشام- أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو الجيش السوري. أعتقد أن الرئيس التركي محق بشكلٍ عام، إنه أمرٌ جيد، لكنني لا أستطيع التحدث نيابة عنهم، والأكثر من هذا لا أستطيع التحدث نيابة عن جبهة النصرة أو تنظيم داعش، وضمان أنهما سيوقفان إطلاق النار واستخدام الطائرات من دون طيار المحملة بالقنابل».
فما الذي حدث خلال 10 أيام وأقنع بوتين بتغيير رأيه؟
تحدَّث مسؤولون أتراك عملوا على الصفقة، ومصادر أمنية كانت تعمل على الأرض إلى موقع Middle East Eye البريطاني عمَّا حدث في الكواليس، شريطة إخفاء هوياتهم.
عرضت تركيا أولاً بدء عملية عسكرية في إدلب بدعم من «جماعات المعارضة المعتدلة» ضد هيئة تحرير الشام، وكانت الخطة تقضي بإنشاء منطقة كتلك التي أنشأتها في المناطق الشمالية في مدينتي عفرين وجرابلس، الخاضعتين لسيطرة تركيا حالياً. ووفقاً لهذا السيناريو، تعهَّدت تركيا بتوفير ممرات آمنة للنظام على الطريقين إم 4 وإم 5، اللذين يربطان بين حلب ودمشق واللاذقية.
لكنَّ هذا المقترح رفضته روسيا، التي تدعم طموح النظام السوري للقضاء على جميع المعارضين واستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية بما فيها إدلب.
ونتيجة لهذا، ذهب وزيرا الدفاع والخارجية التركيان إلى روسيا بعرض جديد: منطقة منزوعة السلاح بين المعارضة وقوات النظام، والتعهُّد أيضاً بتطهير إدلب من هيئة تحرير الشام والجماعات المشابهة لها.
ووفقاً للمصادر، كانت الصفقة على وشك أن تحظى بموافقة روسيا حتى قبل قمة طهران، لكنَّ عوامل أخرى اعترضت طريقها.
وكان أحد هذه العوامل هو الصراع الأميركي-الروسي في سوريا، الذي دفع الجيش الروسي إلى إجراء تدريبٍ عسكري ضخم في شرق البحر المتوسط، في بداية الشهر الجاري سبتمبر/أيلول. إذ لم يشأ بوتين التصريح علناً بالانسحاب من عمليةٍ عسكرية مُخطط لها في إدلب، وسط حالة استعراض القوة بين الطرفين.
بالإضافة إلى هذا، صرَّحت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية بإمكانية تنفيذ عملية عسكرية ضد الأسد، إذا استخدم أسلحة كيماوية ضد المدنيين. ولم يشأ بوتين التراجع، لكنَّه أراد إظهار دعمه للأسد في إدلب، وفقاً لما قالته مصادر تركية.
خاصة أن تركيا كانت تعمل على تمييز جماعات المعارضة في إدلب بعيداً عن هيئة تحرير الشام
كانت تركيا تعمل لشهورٍ على تمييز جماعات المعارضة في إدلب عن هيئة تحرير الشام، وقد حقَّقت بعض النجاحات، إذ رحل عن هيئة تحرير الشام الآلاف من أعضائها، وانضموا إلى جماعات المعارضة المدعومة من تركيا.
ويعمل حالياً مع تركيا أكثر من 70 ألف مقاتل في إدلب وعفرين، بينما يبلغ عدد أعضاء هيئة تحرير الشام نحو 15 ألف فرد تقريباً. وتعتبر تركيا، المنطقة منزوعة السلاح، فرصةً لإقناع هؤلاء الذين كانوا يدعمون هيئة تحرير الشام في منطقة إدلب العنيفة، بترك الجماعة.
وقال مصدر أمني لموقع Middle East Eye، إنَّ بعض أعضاء هيئة تحرير الشام يدعمون جهود تركيا والبعض الآخر يعارضها. وستعمل المخابرات التركية على تأليب الطرفين ضد بعضهما البعض.
وإذا لم تفلح سياسة تفكيك هيئة تحرير الشام والفصل بين أعضائها، ستكون الخطة البديلة هي استهداف الجماعة عبر تنفيذ عمليات عسكرية صغيرة ضدها، بالتعاون مع جماعات المعارضة المسلحة الأخرى.
جديرٌ بالذكر أنَّ أكثر من 90% من أعضاء هيئة تحرير الشام سوريون، وتعتبرهم تركيا وروسيا «متهمين جنائيين خاضعين لمسؤولية الحكومة السورية». ونتيجة لهذا، سيُسلَّم المعارضون الذين لا يتعاونون مع الجيش التركي على الأرض، وينتهكون قواعد عدم النزاع إلى شرطة الحكومة السورية.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لموقع Middle East Eye، إنَّ الأسلحة الثقيلة والشاحنات التابعة لجماعات المعارضة في المنطقة منزوعة السلاح ستُسلم إلى الجماعات الموجودة في إدلب بدلاً من تركيا.
وستُسيطر تركيا أيضاً على الطريقين إم 4 وإم 5 -اللذين تسيطر هيئة تحرير الشام على جزء منهما وتسيطر جماعات المعارضة المدعومة من تركيا على جزء آخر- وتضمن أمنهما. يُذكَر أنَّ هيئة تحرير الشام لديها أربع نقاط تفتيش أمنية على الطريق، بينما تمتلك جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا نقطتي تفتيش. وستُزيل تركيا جميع هذه النقاط، وستوفر ممراً آمناً للسيارات الحكومية كي تمكنها من مواصلة التجارة.
جديرٌ بالذكر أنَّ الشاحنات الحكومية لا تستطيع استخدام الطريق حالياً إلَّا إذا دفعت رشوة للجماعات في نقاط التفتيش.
وفي 31 يوليو الماضي، استخدمت تركيا نفوذها لدى الجماعات المسلحة في إدلب، لإزالة نقطة تفتيش خاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام. وكانت نقطة التفتيش هذه أكبر النقاط التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام على الطريق الرئيسي بين حلب ودمشق، الذي يُعَد حيوياً لكل الأطراف.
وقال المصدر الأمني: «أثبتنا قدرتنا على فعل هذا، في يوليو/تموز الماضي، ويؤمن الروس حالياً أننا سننجح في إزالة نقاط التفتيش الأربع الأخرى، التابعة لهيئة تحرير الشام».
وفي الوقت الذي وقع فيه وزيرا الدفاع التركي والروسي على الصفقة، في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، وجرى الاتفاق على حدود المنطقة منزوعة السلاح في اجتماع ضمَّ مسؤولين من وزارتي الدفاع في العاصمة التركية أنقرة، في الفترة من 19 إلى 21 سبتمبر/أيلول الجاري، واصل النظام السوري عملياته في إدلب، لكن في منطقة محدودة.
وقال مصدر تركي لموقع Middle East Eye، رداً على التساؤل عمَّا إذا كانت تركيا منزعجة من تصرفات النظام السوري: «توجد هذه المنطقة غالباً ضمن المنطقة منزوعة السلاح، وتقع مسؤولية تطهيرها من الجماعات المتطرفة على عاتق روسيا وتركيا، حتى 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل».
وما زالت تفاصيل الصفقة خاضعة للنقاش بين المسؤولين من الطرفين، ولن تُحَدد حتى منتصف الشهر المقبل، أكتوبر/تشرين الأول.
وتخطط تركيا لإعادة توطين 3 ملايين لاجئ سوري في مدينتي عفرين وجرابلس
قال مسؤولون أتراك لموقع Middle East Eye، إنَّ أنقرة تخطط لإعادة توطين نحو 3 ملايين لاجئ سوري، موجودين حالياً بتركيا، في شمالي سوريا، بين مدينتي عفرين وجرابلس.
لكن إذا نفَّذت روسيا والنظام السوري عمليةً عسكرية في إدلب، ستنقل تركيا المدنيين الفارّين من إدلب إلى هاتين المنطقتين، ولن يتبقى مكانٌ لإعادة توطين اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا.
تسعى موسكو كذلك إلى خلق قناة اتصال مباشرة بين دمشق وأنقرة، ستكون ضرورية في العملية السياسية.
قال مصدرٌ دبلوماسي تركي لموقع Middle East Eye، إنَّهم لم يبدأوا الحديث مع نظام الأسد، لكنَّهم يبحثون، على كل حال، عن طرقٍ للتواصل معه بعد سنواتٍ من الصراع.
تقول مصادر أمنية تركية ومصادر من المعارضة السورية، التي تعمل على الأرض، إنَّ الصفقة تحمل مخاطر للمعارضة.
إذ قال أحد مصادر المعارضة في مباحثات مع الاستخبارات التركية في إدلب: «لن تكون بحوزتنا أسلحةٌ ثقيلة في المنطقة منزوعة السلاح، وكذلك النظام السوري، لكنَّ عدم المساواة يأتي من وجود القوات الجوية الروسية».
وأضاف: «ليس لدينا أي دعم جوي هنا. وفي حالة نشوب أي نزاع أو خرق الاتفاق، أو إذا اعتقدت موسكو أن المتطرفين ما زالوا موجودين هنا، يمكنهم بسهولة بدء قصف جوي والهجوم علينا، سيقضي هذا علينا فوراً حتى يتسنَّى لنا استعادة أسلحتنا الثقيلة للدفاع عن أنفسنا».
وعندما سُئِل مسؤولٌ تركي عن مخاطر الصفقة، قال إن تركيا عزَّزت مراكز المراقبة الاثني عشر التابعة لها في إدلب، تحسُّباً لنشوب مثل هذه النزاعات.
وأضاف المسؤول من وزارة الخارجية التركية: «لن نترك مراكزنا هناك، فهي ستساعدنا على تأمين ما نكسبه على الأرض، عند بدء العملية السياسية حتى إذا انسحبت قوات المعارضة في حالة شنِّ هجومٍ عليها».