الجزائر تغلق حدودها في وجه المهاجرين العرب
قرَّرت السلطات الجزائرية طردَ كافة المهاجرين العرب الراغبين في دخول البلاد، عبر الحدود الجنوبية، وجاء قرار طرد الجزائر المهاجرين العرب بعد أن أصبحت البلاد أمام ظاهرة جديدة، تتمثل في «تسلل المهاجرين العرب القادمين من سوريا واليمن وفلسطين، بانتحال صفة المهاجرين، واتخاذ مسالك تؤطرها جماعات مسلحة».
وذكر موقع «كل شيء عن الجزائر»، أن السلطات ستقوم بطرد كافة المهاجرين العرب القادمين عبر الحدود الجنوبية (النيجر ومالي)، عقب رصد الجيش الوطني الشعبي الجزائري لمحاولات تسلل إرهابيين قادمين من سوريا واليمين، «تبين أنهم يحملون جوازات سفر سودانية مزورة، ومدعومين من طرف عواصم عربية».
طرد الجزائر المهاجرين العرب لأنهم «يهددون» دول المغرب العربي
ووفق نفس المصدر، فإن الجيش الجزائري وجد نفسه في مواجهة تحدٍّ جديد، يتمثل في «محاولة اختراق للحدود من طرف إرهابيين تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 30 سنة، أغلبهم يحملون الجنسية السورية، بالإضافة إلى بعض العناصر اليمينية».
وأكد نفس المصدر أن هؤلاء المتسللين «ينحدرون من مدينة حلب السورية، وهم مدفوعون من طرف بعض العواصم العربية، التي تشجعهم على الانتشار في الجزائر، بهدف ضرب استقرارها».
وأوضح المصدر: «هناك شكوك حول إمكانية قدوم عدد معتبر من المقاتلين بمجموعة صغرى لعدم لفت الانتباه»، مشيراً إلى أن اختيار الجزائر ليس صدفة، وإنما يندرج ضمن «إعادة بعث مخطط زعزعة استقرار الدول المغاربية: تونس، الجزائر، المغرب».
وبحسب التقارير الإعلامية الجزائرية، فإن ما يعزّز هذا الطرح هو إيقاف سفينة محملة بالأسلحة (45 مليون رصاصة) قبل 15 يوماً، وهذا الرقم الذي اعتبره المصدر «مهولاً إذا ما قارنّاه بعدد السكان في ليبيا، الذي لا يتعدى الـ4 ملايين نسمة، وهنا نستنتج أن هذه الكميات من السلاح ليست موجهة إلى ليبيا، وإنما لتسليح المقاتلين القادمين من سوريا ومناطق أخرى».
بالإضافة إلى ذلك، تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي في الأيام الأخيرة من اعتراض شحنات كبيرة من الأسلحة الحربية بكل من عين قزام، وبرج باجي مختار، بأقصى الجنوب.
وقد يشكلون «خطراً» على استقرار الجزائر الأمني
مدير الهجرة بوزارة الداخلية الجزائرية، حسان قاسيمي، أكد أن قرار الحكومة القاضي بعدم السماح للمهاجرين العرب القادمين عبر النيجر ومالي بالدخول إلى الجزائر «مسألة لا رجعة فيها»، وأشار إلى أنه «لا يحق لأحد التلاعب بملف حساس كالهجرة غير الشرعية والاختباء وراء الطابع الإنساني للظاهرة».
وقال قاسمي في تصريح لموقع «كل شيء عن الجزائر»، إن الجزائر استقبلت أكثر من 50 ألف سوري لظروف إنسانية، على خلفية الأوضاع الصعبة التي يُواجهها هذا البلد، وأضاف: «لكن عندما يُصبح بعض هؤلاء المهاجرين خطراً على استقرار الوطن، ويهددون أمنه، فإن الجزائر مطالبة بالتحرك».
وهاجم حسان قاسيمي الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي وجَّهت انتقاداتٍ لاذعة للحكومة عقب ترحيلها لمهاجرين عرب يحملون جنسيات سورية وفلسطينية، مشيراً إلى أن المعلومات التي حملها التقرير تفتقد إلى الدقة.
وقال المسؤول بوزارة الداخلية: «قبل توجيه الاتهامات، من حقنا طرح تساؤل مشروع، وهو: هل نحن فعلاً أمام مسألة وإشكالية لها علاقة بالهجرة، أم إرهابيين يتسترون تحت غطاء إنساني لدخول الجزائر؟».
خاصة أنهم يعبُرون عدة عواصم عربية دون أن يطلبوا اللجوء
وأوضح حسان قاسيمي: «المهاجرون العرب يعبرون عدة عواصم، منها مصر، وتركيا والسودان وموريتانيا ومالي والنيجر دون أن يطلبوا اللجوء السياسي، بالرغم من أن الشخص الذي يكون في حالة تهديد يطلب اللجوء السياسي في البلد الأول الذي يصل إليه»؟ ليجيب: «بالتأكيد هناك جهات مجهولة المصدر تمول هذه الدوائر الإرهابية».
وتابع قائلاً: «المنظمات غير الحكومة التي تنتقد طرد الجزائر المهاجرين العرب تقوم بمراوغات خطيرة، في حالة السوريين. المسألة ليست متعلقة بالهجرة، وإنما تهديد الأمن الوطني».
وأشار إلى أن الجزائر أظهرت تضامناً مع الشعب السوري في أصعب لحظاته، في الوقت الذي تهرَّب البعض الآخر من مسؤولياته الإنسانية، لكنهم يحاولون اليوم إدانة الجزائر واتهامها بالترحيل القسري للمهاجرين».
إجراء السلطات الجزائرية قابلته انتقادات جمعيات حقوقية
وكانت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، انتقدت طرد الجزائر المهاجرين العرب وأكدت أن مجموعة مكوّنة من نحو 50 مهاجراً، أغلبهم من السوريين المحتجزين في مركز تمنراست للإيواء، تم ترحيلهم إلى النيجر، يومي 25 و26 ديسمبر/كانون الأول 2018.
وقالت الرابطة إنها تندد بعملية الترحيل القسري التي استهدفت أفراداً من طالبي اللجوء، قدموا للجزائر بحثاً عن الحماية، ولفتت إلى أن مثل هذا الإجراء يعد انتهاكاً مقصوداً لاتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين التي صادقت عليها الجزائر.
لكن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عادت الأربعاء 2 يناير/كانون الثاني لنشر تقرير توضيحي، أشارت فيه إلى أن عملية الترحيل من ولاية تمنراست إلى النيجر، تمت بالتنسيق مع المصالح القنصلية للنيجر، من أجل القيام بالإجراءات الإدارية اللازمة المتعلقة بالمغادرة، وكان الترحيل بعلم من المفوضية العليا للاجئين بمكتبها في الجزائر.
ونقلت رابطة حقوق الإنسان، عن مصدر رفض ذكر اسمه، أن «السلطات الأمنية والعسكرية في الجزائر لها معلومات استخباراتية، بأن هناك بعض الدوائر المشبوهة على المستوى الدولي، تحاول تسهيل تدفق المقاتلين الذين كانوا في سوريا والعراق واليمن، ومحاولة إدخالهم إلى جنوبي الجزائر عبر ممرات تركيا أو الأردن، ثم يأخذون طريقهم من مصر إلى السودان، ثم إثيوبيا، وتشاد، وأخيراً النيجر.