الجزائريون قاطَعوا الخضراوات والفواكه والمياه وغاضبون من الحكومة بسبب الكوليرا
وجهت الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر انتقادات حادة الأحد 26 أغسطس 2018 إلى المسؤولين في الحكومة الجزائرية بسبب الفوضى التي رافقت التعاطي الرسمي مع ظهور وباء الكوليرا ، الذي أسفر عن وفاة شخصين منذ مطلع أغسطس.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن العديد من الصحف أشارت إلى أن السلطات لم تعلن عن وباء الكوليرا إلا بعد أسبوعين من ظهوره في الجزائر، التي لم تسجل أي حالة كوليرا منذ 1996، في حين يعود آخر وباء إلى عام 1986.
ومنذ ظهور الوباء تم تأكيد إصابة 49 شخصاً به، توفي اثنان منهم، من أصل 147 حالة تم استقبالها في المستشفيات، كما أعلن وزير الصحة مختار حسبلاوي في مؤتمر صحافي الأحد.
السلطات كانت على علم بالمرض قبل «انتشاره»
وكتبت صحيفة ليبرتي الناطقة بالفرنسية «من الواضح أن الحكومة الجزائرية كانت على علم بالمرض قبل هذا الإعلان»، وأكدت أن بحوزتها مذكرة من وزارة الصحة من ثماني صفحات مؤرخة في 22 أغسطس تنبه الولايات (المحافظات) والقطاعات الصحية إلى هذا المرض.
وأكد الموقع الإخباري «كل شيء عن الجزائر»، استناداً إلى مصدر طبي أن «معهد باستور ووزارة الصحة كانا على علم بطبيعة المرض منذ الإثنين 20 آب/أغسطس على الأقل».
ورداً على الانتقادات التي طالته مع باقي أعضاء الحكومة الجزائرية بسبب صمته وغيابه منذ بداية الأزمة، قام وزير الصحة بزيارة أحد المستشفيين اللذين استقبلا عدداً من المرضى، وأكد أن «الوضع في تحسن».
وأضاف وزير الصحة «لا يمكننا إعلان المرض قبل التشخيص الإيجابي، كنا في مرحلة الاشتباه، وبمجرد أن وصلنا التأكيد أعلنا عنه»، مشيراً إلى أن وزارته كانت «تعمل منذ اليوم الأول لوضع استراتيجية» لمواجهة وباء الكوليرا .
لكن موقع «كل شيء عن الجزائر» تساءل: «هل يتطلب الأمر 16 يوماً لتحديد بكتيريا الكوليرا؟»، مندداً بـ»خلل في التسيير ونقاط ظل».
وأضاف الموقع «هل يوجد في المستشفيات الجزائرية مخابر مايكروبيولوجية، والوسائل الضرورية للتشخيص المبكر للأمراض؟ وهل تم البحث عن مسببات الأمراض لدى المرضى؟ وإذا كان الجواب بنعم هل تم إخفاء هذه النتائج؟».
تسيير «فوضوي» من حكومة غائبة
ومن جانبها انتقدت صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية «التسيير الفوضوي» للأزمة من قبل حكومة غائبة منذ ظهور المرض. وذكرت أنه «لا أحد من الوزراء المعنيين بهذا الوضع أي وزراء الصحة والداخلية والموارد المائية، كلف نفسه عناء التحدث للسكان».
واعتبرت صحيفة الخبر «أن نقص المعلومات حول مصدر المرض تسبب في فوبيا لدى الجزائريين، دفعتهم إلى مقاطعة الخضر والفواكه بعد ماء الحنفيات».
وتساءلت صحيفة ليبرتي الأحد عن غياب وزير الصحة، وكتبت : «أين اختفى حسبلاوي؟» مشيرة إلى أن «الصمت المطبق للحكومة في وقت أصيب الجزائريون بالذعر غير مفهوم بل غير مبرر».
كذلك انتقد المدونون على مواقع التواصل الاجتماعي غياب المسؤولين في أوج الأزمة، واعتبر بعضهم أن السبب يرجع إلى رفض الوزراء قطع عطلتهم بمناسبة عيد الأضحى الذي تزامن مع عطلة نهاية الأسبوع.
غضب وسخرية من الحكومة الجزائرية
وبين الغضب والسخرية، أشار رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الحكومة لم تقم بأي حملة عامة لشرح المرض وكيفية الوقاية منه، كما أن موقع وزارة الصحة لا يحتوي على أي مدونة حول مرض الكوليرا.
كما اشتكى بعضهم من الانقطاع المتكرر للماء، بينما توصي السلطات الصحية بضرورة غسل الأيدي عدة مرات في اليوم.
ومن بين المشاهد المنتشرة هو سقي المحاصيل الزراعية أو الأشجار المثمرة بمياه الصرف الصحي، والتي تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، إلا أن غياب المراقبة مكن هؤلاء الفلاحين من الاستمرار في سقي محاصيلهم من المياه القذرة.
وفي فيديو آخر تم تصويره بمدينة بني مراد في ولاية البليدة التي تعتبر من أكثر الولايات المتضررة من وباء الكوليرا نشاهد كيف تضررت القناة الرئيسية لنقل المياه الشروب ولامست وادياً يحمل مياه الصرف الصحي، كما يقوم المواطنون برمي القمامة مباشرة على القناة الرئيسية لتزيد المدينة بالمياه مما يعرض حياتهم للخطر.
منع التلاميذ من الذهاب إلى المدارس في مدن وباء الكوليرا
كما وجهت وزيرة التربية الوطنية الجزائرية، نورية بن غبريط، تعليمات لمديريها التنفيذيين، تحثهم على ضرورة منع التلاميذ من الذهاب إلى المدارس إذا استلزم الأمر ذلك، كإجراء وقائي لحمايتهم من الإصابة بوباء الكوليرا الذي انتشر عبر أربع ولايات، خاصة في ظل مطالبة أولياء التلاميذ ونقابات التربية بضرورة تأخير الدخول المدرسي إلى ما بعد 5 سبتمبر المقبل.
ودعت الوزيرة، الأحد، خلال اللقاء الذي جمعها بمديريها الولائيين، بثانوية الرياضيات بالقبة الجزائر، رؤساء المؤسسات التربوية على المستوى الوطني، إلى ضرورة اتخاذ كل “الاحتياطات اللازمة” التي من شأنها حماية التلاميذ والوسط التربوي من وباء الكوليرا، وذلك من خلال تدعيم قواعد النظافة بصيانة وتطهير الخزانات والصهاريج ودورات المياه تحسباً للدخول المدرسي الذي لم يعد يفصل عنه سوى عشرة أيام.
وأضافت، الوزيرة بن غبريط، أن السلطات المعنية وخاصة وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، اتخذت جملة من الإجراءات اللازمة لمواجهة الوباء والحد من انتشاره، مؤكدة أن قطاعها سيلتزم من جانبه باتخاذ جملة من الاحتياطات ابتداء من الأسبوع الجاري، للمحافظة على صحة المتمدرسين وكل الطاقم التربوي والإداري داخل المؤسسة التعليمية.
تونس تشكل «خلية أزمة» والمغرب يراقب الوضع في الجزائر
واتّخذت تونس الجارة الشرقية للجزائر إجراءات احترازية، مشكّلة خليّة أزمة بالبلاد لمتابعة الوضع الصّحي بالجزائر، عقب انتشار وباء الكوليرا. وشملت الرقابة على نقاط العبور الحدودية، لمراقبة السياح الجزائريين الذين يتوافدون على تونس، تزامناً وموسم الاصطياف، تخوّفاً من نقل العدوى إلى البلد.
وقال محمد الرابحي مدير حفظ صحة الوسط وحماية المحيط في تونس، حسبما أوردته إذاعة موزاييك المحلية، وأضاف أن السلطات التونسية منشغلة بالوضع الصحي بالجزائر وهي تتابع التطورات عن كثب، «نظراً لتواجد سياح جزائريين ينتقلون إلى البلد في كل الأوقات».
وأشار المسؤول التونسي إلى أن الرقابة سترتكز على الحدود التونسية الجزائرية، كما أن السلطات تراقب المياه التونسية وتعمل على تطهيرها. كإجراء وقائي، تخوفاً من أي طارئ وبائي يحلّ بالبلد.
وفي المغرب تم اتخاذ احتياطات برفع درجة التأهب بعد تسجيل حالات الإصابة بالكوليرا بالجزائر، وأوضحت تقارير إعلامية محلية أن وزير الصحة، أنس الدكالي، سيعلن بداية الأسبوع تعزيز نظام المراقبة ضد مخاطر الداء.
وأوضحت المصادر ذاتها أن خطر انتشار الكوليرا بالمغرب قليل جداً؛ «لأن المملكة حققت تقدماً كبيراً في القضاء على الأمراض الوبائية التي تشكل تهديداً حقيقياً للصحة العامة، وتتمثل أساساً في الكوليرا والملاريا وحمى التيفوئيد والجذام».