الجارديان: هزيمة جونسون في البرلمان مفيدة لتمسكه بالسلطة ومضرة بالحزب والبلاد
خصصت صحيفة “الجارديان” افتتاحيتها لهزيمة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في البرلمان، ليلة الثلاثاء، حيث صوت البرلمان على قرار يقيد جونسون ويمنعه من ترك الاتحاد الأوروبي بدون صفقة.
وقالت الصحيفة إن استراتيجية جونسون تقوم على تمزيق الحزب وتقسيم البلد من أجل تحقيق أهداف شخصية هي الفوز بالانتخابات.
وتقول إن جونسون يفهم أن الفوضى الناجمة عن البريكسيت ستحفظ حكومته ويجب وقفه.
وتضيف أن المعارضة لجونسون وبمساعدة 21 من أعضاء حزبه هي الطلقة الأولى في المعركة على روح حزب المحافظين الحاكم. فبعد ستة أسابيع من توليه الحكومة، يبدو واضحا أن جونسون سيجبر وبقوة القانون على كسر وعده، وهو الخروج من أوروبا بحلول 31 تشرين الأول/أكتوبر، أو كما قال “حيا أو ميتا”.
وترى الصحيفة أن تداعيات الهزيمة ستكون مهمة على الحزب أكثر من جونسون؛ فستتم معاقبة المتمردين من خلال استبعادهم من نظام الانضباط بعد تصويتهم خارج سياسة الحزب وحرمانهم من الترشح مرة ثانية في الانتخابات المقبلة.
وهناك نقاش يقول إن البريكسيت قد تؤدي إلى انقسام الحزب بنفس الطريقة بعد قرار روبرت بيل عام 1846 إلغاء قوانين الحبوب. ويبدو أن جونسون يتصرف بطريقة وكأنه يريد تقسيم الحزب، وذلك لتأكيد سيطرته العدوانية عليه. فحجم ومستوى مصادرة السلطة في الحزب قد تبدو مدهشة للناس خارجه، ولكن على من هم في الحزب أن لا يندهشوا. ففي حزيران/يونيو، انتخب 92.000 من أعضاء الحزب جونسون الذي يدعو للخروج بدون صفقة لزعامة الحزب، وبالتالي رئاسة الحكومة. وبعد شهر، أكد من خلال تشكيلته الحكومية أن الداعمين للخروج بدون صفقة هم من سيتولون المناصب الحكومية الهامة.
وتقول الصحيفة إن جونسون خسر الغالبية البرلمانية، إلا أنه قوّى من سيطرته على الحزب؛ فلم يعد فيه نقاد له، مما سيسمح لجونسون بالدخول في حملة انتخابية قادمة، لو استطاع هندسة واحدة. وسيكون شعاره الانتخابي هو إلغاء أي قرار برلماني يمنعه من الخروج دون اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي. فحزب المحافظين في ظل تيريزا ماي لم يكن قويا لا في الروح أو المظهر، ولن ينفع هذا مع بلد يشعر بالجرح والغضب والخوف.
وعليه، تبنى جونسون ردا يشبه ردود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من خلال استفزاز المعارضة وتقوية قاعدة أنصاره. ويريد رئيس الوزراء إثارة مشاعر الغضب وسط الناخبين الذين صوتوا للخروج. وهذه “حيلة تقوم على مفاقمة المظالم حتى يستطيع الدخول في الانتخابات، ويجب أن يحدث هذا قبل أن يظهر خيار الخروج من الاتحاد الاوروبي”.
وكانت استراتيجية جونسون مع الاتحاد الأوروبي تقوم على وضع شروط لإعادة التفاوض لا يمكن تحقيقها، وهو ما سيؤدي لتدمير خيار الخروج بدون صفقة. وعندها سيقوم جونسون بلعبة اللوم ويحمل أعداءه داخل البرلمان وفي أوروبا المسؤولية. ومن هنا استخدم الوصف المستفز والمخجل لمعارضيه بأنهم “عملاء” و”تنازلوا عن السيادة البريطانية”.
وتقول الصحيفة إن الانتهازية السياسية الممزوجة بالأيديولوجية الضالة تدفع بريطانيا إلى شفا الهاوية. فلو خرجت بريطانيا دون اتفاق فستكون هناك فوضى اقتصادية، سيضر من صوتوا لصالح الخروج من أوروبا كفعل تحد ليس إلا. ولهذا السبب يتحدث جونسون عن تخفيض كلفة المعيشة، فهو يعرف أن انخفاض قيمة الباوند بسبب البريكسيت سيؤدي لارتفاع الأسعار.
وتعتقد الصحيفة أن شعار جونسون سيكون نسخة معدلة من شعبوية ويليام هيغ، زعيم المحافظين السابق عام 2001، الذي قام على فكرة خيانة الليبراليين للشعب، والذين تجاهلوا عن قصد مظاهر القلق من الأجانب والتهديد الذي يمثله الاتحاد الأوروبي. ولو تركت هذه الأمور دون عناية فستتحول بريطانيا إلى “أرض أجنبية”.
ولم يستطع هيغ تحقيق ما يريد لأنه كان يريد حربا ثقافية مع أوروبا، فيما يريد جونسون حربا ثقافية واقتصادية في الوقت نفسه. وهذا دليل على انتشار رهاب أوروبا في بريطانيا بشكل يجعل البلاد مقسمة، وهو ما يخدم جونسون وطموحه للبقاء في السلطة.