الجارديان: على بريطانيا ألا تتنكر لتضحيات المهاجرين وسط أزمة كورونا
كشفت أزمة كوفيد- 19 عبثية تشويه سمعة المهاجرين الذين ساعدوا على بقاء بريطانيا عائمة خلال الأزمة.
وحقق وباء كورونا، كما تقول صحيفة “الجارديان” في افتتاحيتها ما فشلت بريطانيا بعمله خلال العقود الطويلة. فقد خفّض عدد المهاجرين بشكل جذري. ورغم صعوبة جمع البيانات في ظل الإغلاق لكن توقف الرحلات الدولية أدى لانخفاض العدد الإجمالي لمستوى أقل من 100 ألف في السنة. وهو الرقم الذي كان ديفيد كاميرون يهدف للوصول إليه عام 2010 وتمت متابعته بقسوة من وزيرة الداخلية في حينه، تيريزا ماي، ثم واصلته عندما أصبحت رئيسة للوزراء. وما سيحدث لاحقا غير معروف.
فقد كان هذا الأسبوع موعد تقديم قانون الهجرة لمرحلة ما بعد البريكسيت لكن تم تأجيله بسبب عدم توفر التكنولوجيا اللازمة لمجلس العموم كي يصوت أعضاؤه عن بعد.
ولا توجد إشارات على أن الوزراء يفكرون بإعادة النظر في النظام الجديد القائم على النقاط واختيار العمال “المهرة” على غير المهرة. ويعني التفريق كما يقول الوزراء هو تفضيل “الأحسن والأذكى” ورفض ما وصفهم الخطاب السياسي على مدى العقود بالمهاجرين غير المرحب بهم. وتتهم هذه المجموعة الأخيرة من العمال بعدة اتهامات منها، سرقة الأعمال من المواطنين البريطانيين، الفشل في احترام التقاليد الثقافية وإثارة غضب الناس بكونهم مختلفين عنهم.
ووصلت عملية التشويه ذروتها في الحملة لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فوعود “السيطرة مرة ثانية” على الحدود كان له أثر عاطفي قوي، ولكنه وعد لم يتجذر أبدا في بريطانيا الحديثة التي يعمل المهاجرون فيها من كل الحرف والمهارات والمداخيل على تشغيل عجلة الاقتصاد والمجتمع. وكانت هذه الحقيقة غير المريحة ستظهر في يوم ما، إلا أن الوباء كشف عنها وبوضوح.
وبات المزارعون البريطانيون يشتكون من تعفن خضرواتهم وفواكههم في الحقول بسبب عدم توفر العمال الموسميين القادمين من أوروبا. ولم تنجح محاولاتهم لتحفيز المواطنين البريطانيين على العمل وسد الثغرة. وكان المهاجرون هم من شغلوا المواصلات العامة ونقلوا البضائع، وأكثر من هذا، ضمنوا استمرار عمل الصحة الوطنية ومراكز الرعاية الاجتماعية. وكانوا هم من وضعوا حياتهم في الخطر في بلد يشعر ألا حق لهم بالعيش فيه.
ومع أنه لا يوجد التزام لجعل بريطانيا “مكانا عدوانيا” للمهاجرين إلا أن الجهاز الذي يشك بهم والذي تطور من خلال تنمر البيروقراطية لم يختف. فقد أقرت محكمة استئناف هذا الأسبوع قانونا يعطي مالك البيت حق التحقق من وضع المهاجر الذي يريد استئجار بيته، رغم وجود قرار من المحكمة العليا كشف عن العنصرية التي شابت تطبيق هذا القانون.
وسيعاني الكثير من العمال الذين يعيشون أوضاعا خطيرة ويمنعون بموجب تأشيراتهم من الحصول على مساعدات الدولة من الآثار الاقتصادية التي سيتركها الوباء.
وتقول الصحيفة إنه من العار لو تم نسيان المساهمة والتضحيات البطولية في هذه الأوقات الصعبة، وتمت مقابلتها بجحود قاس من الحكومة.
وكشفت الأزمة الحالية عن الأكاذيب والتحيزات التي غذت السياسة البريطانية على مدى الأجيال. ولا يمكن تغيير المسار بسهولة، ويؤمل أن ينتهز الساسة الفرصة للتخلص من هذا.