الجارديان: حِيَل نتنياهو فشلت في إنقاذه هذه المرة.. ورحيله لن يحل مشاكل إسرائيل الكبرى
ترى صحيفة “الجارديان” في افتتاحيتها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو لا يصلح للبقاء في منصبه، إلا أن المشكلة في إسرائيل هي أكبر منه.
فبحسب ما قال كاتب سيرة نتنياهو الذاتية، فقد انكسرت صورته عندما قامر أطول رئيس وزراء يحكم إسرائيل منذ نشوئها بانتخابات ثانية على أمل الحصول على تفويض لم يستطع الحصول عليه قبل ستة أشهر. إلا أن النتائج تظهر أن الفائز هو منافسه زعيم حزب أزرق أبيض، بيني غانتس.
ولم يذهب الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء بحماسة شديدة، وحقق حزب أزرق أبيض نتائج أفضل من تلك التي حصل عليها في الانتخابات الأولى، مع أن لا تغيير حدث على أشكال التصويت لدى الناخب الإسرائيلي. ولاحظ استطلاع أن نسبة صغيرة من المتطرفين ذهبت إلى الحزب العلماني القومي بقيادة أفيغدور ليبرمان، بشكل حوّله إلى “صانع الملوك” في الكنيست.
وكانت النتيجة متقاربة حيث لم يتفوق حزب غانتس إلا بمقعد واحد على الليكود، فيما تعهد زعيما الحزبين بتشكيل الحكومة المقبلة.
وتقول الصحيفة إن نتنياهو مقاتل يتقن النجاة من المصاعب، وشحذت إرادته للقتال من خلال وعيه بأن حريته تعتمد على بقائه في السلطة، فهو يواجه جلسات استماع في المحكمة بتهم الفساد، وبدون منصب لا توجد حصانة.
وتعلق الصحيفة أن الوسائل الشرسة التي استخدمها نتنياهو فشلت في فعل السحر. ففي الماضي قام بشيطنة الناخبين العرب في إسرائيل وحاول استفزازهم، إلا أن السياسات انعكست سلبا عليه، فقد زاد إقبالهم على الانتخابات، مع أن قدرة أيمن عودة على تشكيل قائمة مشتركة لعبت دورا، ففشل حزب السلطة اليهودي بالحصول على النسبة التي تؤهله للمشاركة في الانتخابات كان مدعاة للارتياح، إلا أن نتنياهو حصل على دعم جوهري رغم الخطاب الخطير والتصرفات التي تخلو من ضمير وأخلاق، والتي كانت في الأيام العادية كفيلة بالإطاحة بزعيم لديه أي حس من الحياء.
ولم يرفض الناخب أفعال نتنياهو العنصرية ولا معاملته للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. وكان النزاع واضحا من خلال عدم الاهتمام به مما يشير إلى التحول نحو اليمين الذي تشهده البلاد، حيث لم يعد الساسة مهتمين بحل النزاع بقدر ما يبحثون عن طرق للتحكم بالفلسطينيين.
وترى الصحيفة أن غانتس يحظى باحترام في إسرائيل، فهو رئيس سابق للجيش ولا تلاحقه اتهامات فساد، ولن يتعامل بحماسة مع ساسة مثل فيكتور أروبان، ومن المحتمل تعزيزه للمؤسسات الديمقراطية التي ضربها نتنياهو. وينظر إليه كشخصية مسؤولة وأقل مدعاة للانقسام، ولكنه قدم نفسه كشخصية متشددة في مجال الأمن، فعندما تعهد نتنياهو بضم وادي الأردن وهي الخطوة التي حذرت منها المجموعة اليهودية الليبرالية في أمريكا “جي ستريت” بأنها “ستدمر الديمقراطية الإسرائيلية وتشكل خرقا صارخا للقانون الدولي” رد حزب أزرق أبيض بأن نتنياهو سرق الفكرة منهم.
فلو استمر نتنياهو في الحكم، سيقوم بدعم من إدارة ترامب بمواصلة عمليات الضم، ولكن بيني غانتس لا يختلف بالضرورة عن سلفه، فهو أقل من التغيير الذي تحتاجه إسرائيل. ولو ترك نتنياهو منصبه بسبب الانتخابات الأخيرة، فهذا راجع إلى أن تاريخ المناورة عاد وعضّه بعدما فقد الناخب الإسرائيلي الثقة به.
ومثل زميله ترامب، لم يكن نتنياهو مناسبا للمنصب بل دمره. ولكنه في النهاية عرض لما أصاب السياسة في البلد ولن تنتهي مشاكله برحيل نتنياهو.