الجارديان: بولتون خرج بلا رجعة والمشكلة هي في ترامب
نشرت صحيفة “الجارديان” افتتاحية عن عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، قائلة: “بلا رجعة، ولكن المشكلة ليست هو بل رئيسه”، مشيرة الى أن لا أحد عاقلا يراقب الشؤون الدولية سيحزن على طرد بولتون وبالطريقة التي تمت فيها، مع أن الأخير يقول إنه هو الذي قدم استقالته.
ومهما كان أسلوب خروجه، إلا أن الكثيرين في واشنطن، والجمهوريين منهم، يرقصون فرحا، فيما سيحتفل الكثيرون حول العالم برحيله.
وتقول الصحيفة: “هذا قرار رئاسي يلقى ترحيبا حتى من الذين يمقتون ترامب وكل مواقفه”. ذلك أن خروج هذا المتهور والصقر المتشدد والمسؤول عن سياسات خارجية أمريكية مرعبة في الماضي والذي حاول توجيه الرئيس نحو مزيد من السياسات- أمر يرحب به. وعندما دخل الإدارة في الربيع الماضي، وهو المستشار الثالث في 14 شهرا، كان يناقش وبقوة ضرورة القيام بهجوم وقائي ضد كوريا الشمالية.
ويبدو أن هناك صراع إرادات مع الرئيس؛ فعلى خلاف ترامب، يؤمن بولتون بالتدخل الأجنبي والوجود العسكري معه. وكانت هناك مخاوف من أن تؤدي براعته في المناورة داخل الحكومة وتصميمه الشديد إلى أن يتفوق رأيه. أما الخوف الثاني والذي ثبتت صحته، فهو أن الضرر كان سيأتي بسبب مواقف حلفائه وشراكته الطويلة مع الرئيس ومعاداته للمعاهدات الدولية التي لا يرى فيها الرجلان ضرورة.
وتشير الصحيفة إلى أن معاداته للتحكم بالسلاح كانت وراء إلغاء معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، ومن هنا فرحيله قد يعطي أملا ببداية جديدة.
وترى الصحيفة أن إعلان الرئيس ترامب عن إلغاء قمة مقررة في كامب ديفيد مع قادة طالبان كانت على ما يبدو الشرارة التي أدت لطرده. فقد استبعد على ما يبدو لقاءات مهمة لها علاقة بالمحادثات مع طالبان، والتي كان يعارضها بشدة.
وربما كان محقا في موقفه ولكن للأسباب الخطأ؛ فالمدنيون الأمريكيون يحنون إلى نهاية لهذه الحرب الطويلة، إلا أن هذا الاتفاق المحدود لم يكن ليرضي آمالهم. ولكن البيت الأبيض قال إن “هناك الكثير، الكثير من القضايا”. ومن المعروف أن الرجلين تصادما في موضوع كوريا الشمالية وإيران التي أمر ترامب هذا الصيف بوقف غارة جوية عليها. ولم يكن ترامب معجبا بعداء بولتون لروسيا أو فشله في تحقيق ما قال إنه انتصار سريع ضد نيكولاس مادورو في فنزويلا.
وتعلق الصحيفة أن رحيله، وإن كان يعطي شعورا بالرضى، إلا أن من سيخلفه لن يحقق تقدما مثلما حصل لبقية مستشاري الأمن القومي السابقين الذين عاشوا وسط الفوضى والعجز، خصوصا أن ترامب يستمتع بالانقسام والحرب بين الأجنحة، وهو ما يسمح له بالحكم بناء على نزواته وإرضاء غروره.
ومع أنه ليس صحيحا استبعاد مستشار الأمن القومي من لقاءات تتعلق بأفغانستان مثلا، حتى لو كان هذا محاولة للتخلص من آراء أشخاص مثل بولتون، إلا أن عزل الأخير جاء على ما يبدو بعدما تحدى نرجسية الرئيس، وليس لأن نصيحته لم تكن جيدة. ولم يكن مستشار الأمن القومي الشخص الوحيد الذي حث ترامب لزيادة الضغط على إيران، إلا أن وجوده في البيت الأبيض كان مخيفا، ولا يزال الرجل الذي استأجره مقيما فيه ويثير الخوف الأكبر.