التنمية التعاونية لدول حوض النيل الحل للأزمات السياسية الحالية
يثير سد النهضة الإثيوبي العديد من المخاطر لدول المصب وقد تكون مصر أكثر الدول تضررا بعد اكتمال بنائه حيث ستنخفض حصة مياة النيل لمصر لملء السد ما يجعل مصر تعاني أكثر من نقص امتدادات المياة، فمنذ عهد الفراعنة تسافر القوارب البحرية بسلاسة من نهر النيل إلي الأقصر وأسوان ولكن الأسبوع الماضي انخفضت مستويات المياة، وجعلت القوارب مثل فرس النهر يزحف علي الرمال.
قالت صحيفة “ذا ناشيونال” أن مصر بنيت حضارتها علي ضفاف نهر النيل وتخشي أن يتسبب سد النهضة الإثيوبي الحد بشكل كبير من مياهها ويتركها تحت رحمة الأعداء الجيوسياسية.
وأشارت الصحيفة إلي أن السد العالي في أسوان الذي تم بنائه في عام 1970 يمثل معلما قوميا لمصر، وكان بمثابة قضية سياسية عندما سحبت الولايات المتحدة عرضها بتمويل السد وتوجه الرئيس جمال عبد الناصر إلي الاتحاد السوفيتي آنذاك للحصول علي المساعدة وتأميم قناة السويس لجمع الأموال مما أثار أزمة السويس في عام 1956.
ولفتت الصحيفة إلي ان سد النهضة في مرحلة الإنشاء وربما لن يكون له عواقب وخيمة عن اكتمال بنائه ولكنه جدلا واسعا في حوض النيل، وعند اكتمال بنائه سيكون أكبر محطة كهرمائية في أفريقيا لأنتاج 6450 ميجاواط من الطاقة المولدة، وعلي الرغم من ازدهار الاقتصاد والسكان في إثيوبيا التي بها 102 مليون نسمة وتعد ثاني أكبر اقتصاد في القارة إلا إن إثيوبيا لديها فقط 4290 ميجاواط مثبتة في اليوم، بينما لدي مصر 38 الف ميجاواط.
ونوهت الصحيفة إلي اتفاق مصر والسودان علي مياة النيل ما يجعل مصر تحصل علي 55.5 مليار متر مكعب من المياة والسودان 18.5 مليار متر مكعب بموجب اتفاق عام 1959 وهو اتفاق لم توقع عليه إثيوبيا وجعلها في حالة من الاستياء وبموجب هذا الاتفاق يوفر لمصر 80% من تدفق مياة النيل.
وأوضحت الصحيفة أن السد لا يؤثر علي النيل الأبيض الأصغر الذي يتدفق مباشرة من جنوب السودان إلي السودان وينضم إلي النيل الأزرق في الخرطوم، ولكن ما يثير اهتمام مصر هو اعتمادها الكامل علي مياة النيل وسيحتاج السد الإثيوبي الي ملئه بـ90 مليار متر مكعب وتأمل أثيوبيا ملئه علي مدار 6 سنوات مما يخفض تدفق المياة بنسبة 20% تقريباً.
وأضافت الصحيفة ان مصر تقوم ببناء محطات لتحلية المياة ومحطات لمعالجة مياة الصرف الصحي لتوفير المياة الصالحة للشرب ولكنها مكلفة نسبيا وتستهلك الطاقة، وتعتمد مصر علي مياة النيل للري، وليس لدي مصر العديد من البدائل الكبيرة، وبحلول عام 2050 ستحتاج مصر إلي 21 مليار متر مكعب آخر وهو تقريبا سيكون تدفق مياة نهر النيل بالكامل.
ولفتت الصحيفة إلي انه يجب الانتهاء من الدراسات الفنية حول تإثير السد علي دول المصب قبل ملئه ولكن تري مصر ان إثيوبيا تتجاهل مثل هذه الدراسات وتعمل علي اكتمال بناء السد، واتحدت السودان وهي حليف سابق، مع إثيوبيا من أجل صالح الزراعة الخاصة بها.
واقترحت مصر علي أثيوبيا ان يتوسط البنك الدولي بينهما كما فعل بين الهند وباكستان في العام الماضي من أجل إعادة التفاوض بشان مياة السند لعام 1960، وتم الاتفاق بين الدولتين علي الرغم العداء الذي كان من بينهم.
وتري الصحيفة أن أفضل طريقة لحل قضايا النيل عن طريق التنمية التعاونية لدول حوض النيل بالكامل وعقد اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا و6 الدول الأخري لدول نهر النيل.
ونوهت الصحيفة إلي أن إثيوبيا تهدف من بناء السد تصدير الكهرباء إلي السودان وكينيا وجيبوتى وربما حتى مصر، وتحدثت المملكة العربية السعودية حاليا عن الربط الكهربائي مع مصر، عن تصدير الطاقة إلى إثيوبيا أيضا، ويمكن استخدام السدود الكهرومائية على امتداد طول النهر لتقاسم الطاقة، والتي تتفاوت موسميا، ودعم موارد الطاقة المتجددة الأخرى الوفيرة في المنطقة، الطاقة الشمسية المتوفرة في جميع الانحاء، والرياح المتوفرة في مصر والطاقة الحرارية الأرضية في إثيوبيا وكينيا.
وسيمنع السد الفيضانات ويوفر الري في السودان، وتقول إثيوبيا أن الشكوك بين مصر والمحور الإثيوبي السوداني لا تفيد ونعمل مع السودان علي الحد من التبخر في الأهوار الجنوبية ما يمكن توفير 20 مليار متر مكعب سنويا وهو أكثر من ما سيتم استخدامه لملء السد، ويتعين علي مصر الموافقة علي جدول تعبئة مع إثيوبيا قريبا حتي تتمكن من التخطيط مسبقا لسد اسوان العالي للحفاظ علي انتاج الكهرباء.
وبغض النظر عن كمية مياه النيل التي تحصل عليها مصر، فإن ارتفاع عدد السكان وزيادة الواردات الغذائية يعني أنها بحاجة ماسة لمعالجة المياه المهدرة والملوثة، والتعلم من المناطق الأخرى التي تقتصد في المياه، ويمكن أن يؤدي إصلاح قطاع الزراعة المهمل إلى تحسين الأمن الغذائي وتحسين حياة سكان الريف.
وأضافت الصحيفة أن النيل منطقة واحدة وتنبأ العديد من أنها ستكون منطقة للحروب في المستقبل وستتأثر منطقة السنج ومنقة ميكونج الكبري في جنوب شرق آسيا ونهر الأردن والبحر الميت بين إسرائيل والأردن بتغير المناخ وتزايد عدد السكان ما يزيد من التوترات السياسية، ولكن الصراع المفتوح سيجعل بالتأكيد مشاكل المياه غير قابلة للحل.
وتذهب الصحيفة الى أنه يتاح للقاهرة وجيرانها فرصة أن تكون مثالا للتعاون والحفاظ علي التاريخ القديم لنهر النيل.