التايمز: هل سينجح بوتين وأردوغان بخلق عملية سلام بديلة في ليبيا؟
قال مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز” ريتشارد سبنسر إن ليبيا باتت تمثل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرصة لتشكيل مستقبلها. وكان سبنسر يعلق على اللقاء الذي رعته روسيا بين طرفي النزاع في ليبيا على أمل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، حيث وقع طرف حكومة الوفاق على الاتفاق فيما طلب الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم شرق ليبيا، مهلة ليوم قبل أن يغادر موسكو بدون توقيع أي وثيقة.
وكان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا في طرابلس، في موسكو ولكنه لم يقابل حفتر وجها لوجه. ولكن موافقة الطرفين على المشاركة في المحادثات أنعشت الآمال بقرب تسوية سياسية في البلاد ووقف الهجوم الذي بدأه حفتر ضد العاصمة طرابلس في أبريل 2019.
كان رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، قد اقترح وقف إطلاق النار بعد تعزيز حفتر قواته بعناصر واغنر
وكان رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي الذي أرسل قواته إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، قد اقترح وقف إطلاق النار. وجاء ذلك ردا على تعزيز قوات المتمردين بقيادة حفتر من خلال المرتزقة الروس التابعين لشركة واغنر ذات الصلات القريبة من الكرملين. وفي الوقت الذي أثار وجودهم مخاوف من نزاع جديد إلا أنه قاد لمبادرة سلام بديلة، وهمشت العملية السلمية التي ترعاها الأمم المتحدة والتي فشلت على مدى الخمسة أعوام في جمع الأطراف المتصارعة.
وقال سبنسر إن التدخل الروسي التركي بين طرفي النزاع وبعملية دبلوماسية جديدة أثار المقارنات مع الحرب السورية. وفي هذه الحالة تم تجاوز عملية جنيف السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة بما عرف بعملية أستانة، عاصمة قازخستان، والتي رعتها إيران وتركيا وروسيا. ولم تؤد العملية إلى حل الأزمة السورية ولكنها قادت إلى تهميش القوى الأوروبية وأمريكا.
وفي موسكو عقد السراج وحفتر لقاءات مع مضيفهم ووزير الخارجية التركي لمناقشة مسودة وقف إطلاق النار. ولكن السراج وقع على المسودة فيما طلب حفتر وقتا إضافيا للتفكير والعودة يوم الثلاثاء لكنه غادر موسكو بدون توقيع.
السراج وقع على المسودة فيما طلب حفتر وقتا إضافيا للتفكير والعودة يوم الثلاثاء لكنه غادر موسكو بدون توقيع
ويقول سبنسر إن حفتر -الذي يرفع شعار معاداة الإسلاميين وخدم مرة في جيش العقيد معمر القذافي قبل أن يهرب إلى الولايات المتحدة التي قضى فيها أكثر من عقدين- يحظى منذ البداية بدعم الإمارات ومصر. فيما تدعم الدول الأوروبية وأمريكا وبريطانيا رسميا حكومة طرابلس. إلا أن فرنسا تعتبر من المشجعين لحفتر حيث قالت إن حكومة الوفاق تدافع عنها الجماعات الإسلامية وهو ما أدى إلى انقسام في الموقف الأوروبي.
ومات منذ بداية الحملة أكثر من 1.000 شخص، وتحولت إلى حالة من الانسداد حيث لم يستطع جيش حفتر التقدم أبعد من المناطق الجنوبية، فيما فشلت حكومة الوفاق برد المتمردين عن العاصمة. ويرى سبنسر أن محادثات السلام في موسكو كانت بمثابة عملية أحبطت محادثات السلام التي دعت إليها الأمم المتحدة في برلين وبرعاية المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. واتصل بوتين يوم الإثنين مع المستشارة الألمانية ودعم المحادثات التي ستعقد يوم 19 كانون الثاني (يناير)، إلا أن الرئيس التركي عبر عن أمله في أن تكون محادثات موسكو “أساسا” لما سيتم تقريره لاحقا.
وتشير الصحيفة إلى أن اهتمام إيطاليا في ليبيا ليس نابعا من الرغبة لوقف موجات اللاجئين الذين يتخذون من ليبيا منطلقا للوصول إلى أوروبا بل المصالح النفطية خاصة فرنسا وإيطاليا. فقد تسيدت شركة “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية عمليات التنقيب في البلاد. وأدى انقسام الأوروبيين إلى شل قدرة أوروبا على الحركة في الملف الليبي. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسلا فون دير لين: “وقف إطلاق النار، نعم، الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح” ولكن “يجب أن يقود هذا إلى عملية برعاية الأمم المتحدة”.