التايمز: الأسد زعيم مافيا الشرق الأوسط
نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرا للصحافي البريطاني روجر بويز بعنوان “دون كورليوني الشرق الأوسط”، في إشارة إلى شخصية زعيم المافيا في الفيلم الكلاسيكي الشهير “العراب”.
ويقول بويز إنه لم يكن يعرف “أن الأسد يملك جينات النجاة عندما دخل في نقاش مع صديقه في إحدى المقاهي اللبنانية في شارع إدجوار رود في لندن حينما قفز مالك المقهى من مقعده، حيث كان يلعب طاولة الزهر وخفض صوت المسجل الذي يبث أغاني لفيروز ورفع صوت التلفزيون على قناة إخبارية تبث صورا مريعة للأطفال القتلى في الغوطة بعد الهجوم الكيميائي عام 2013، عندها قال مالك المكان إن “الأمريكيين سيقضون على بشار الأسد بسبب هذا الهجوم” ووافق جميع من في المكان.
ويستعرض بويز مشيرا إلى أن الأسد لا يزال في موقعه حتى هذه اللحظة ويبدو أنه في طريقه للفوز في سباق إعادة السلام بعد الفوز في الحرب.
ويضيف أن النظام السوري تم إنشاؤه على نمط الأنظمة السلطوية في كل مكان لذلك يحوي ثغرة في عملية نقل السلطة، فعندما تم استدعاء بشار الأسد من لندن إلى دمشق عقب وفاة أخيه الأكبر باسل الأسد، لم يكن هناك أي مقومات تؤهله للعب دور الوريث الذي يستحق السلطة، لكنه خضع لعملية تجهيز استمرت ست سنوات ما بين عامي 1994 وحتى العام 2000 حين توفي والده حافظ الأسد.
ويوضح بويز أنه في داخل القصر الرئاسي كانت هناك قناعة لدى المحيطين بحافظ الأسد بأن شقيق بشار الأصغر ماهر أكثر قدرة على تولي هذه المسؤولية بعد والده؛ حيث كان يدرس في الأكاديمية العسكرية وكان يبدو أنه يمتلك المؤهلات المطلوبة لتولي الحكم لكن حافظ الأسد تمسك باختيار بشار الطبيب.
ويستعين بويز بكتاب الصحافي سام داغر الصادر حديثا “الأسد أو نحرق البلد”، مذكِّرا بأن حافظ الأسد شارك في الحملة العسكرية لإسقاط نظام صدام حسين وتمت مكافأته بأن أتاحت له الولايات المتحدة إمكانية توريث السلطة لنجله بشار بقيمه الأوروبية لأنه كان الخيار الأفضل لتلميع صورة الدولة السورية وجعلها تبدو وكأنها تتجه نحو النظام الغربي.
يشار إلى أن كتاب داغر خلُص إلى أن موافقة أوباما على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1400 شخص في الغوطة في أغسطس 2013، كان نقطة تحول حاسمة، وقال إنه “لا يوجد حدث واحد في تاريخ الصراع السوري ساعد المتطرفين الإسلاميين في تبرير إرهابهم ورسالة الكراهية أكثر من الهجوم والطريقة التي تعامل بها المجتمع الدولي مع آثاره”.
ويرى الكتاب أن اللحظة الحاسمة الأخرى تمثلت في التدخل العسكري الروسي في سبتمبر 2015، ومنذ ذلك الحين، استعاد الأسد السيطرة على معظم أنحاء البلاد باستثناء محافظة إدلب.
ويشير الكتاب إلى أن النظام نشر في الأشهر الأخيرة شهادات وفاة الأشخاص الذين اختفوا وتعرضوا للقتل ملقيا اللوم على النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، في حين بدأ بإعادة بناء تماثيل حافظ الأسد التي دمرت منذ عام 2011 في درعا وفي أماكن أخرى، مما يؤكد أن العنوان الفرعي للكتاب يبدو موضوعيا، وفقا للكاتب.
ويقول تقرير صحيفة “التايمز”: “بحلول عام 2011 وعندما جاء الدور على سوريا في الربيع العربي كان من الواضح أن بشار الأسد اختار أن يحكم بالخوف عبر الاستخبارات وآلة القمع الأمنية الرهيبة. فالأسد من العلويين بينما الربيع العربي جاء إلى سوريا مع السنة. والآن ليس أبدا وقتا مناسبا للتراجع. فالأسد الأب أسس حكمه عبر قصف حماه معقل جماعة الإخوان المسلمين حيث قتل أكثر من 20 ألف شخص في هذه المذبحة”.
ويواصل بويز قائلا: “لن تكون مذبحة واحدة كافية بالنسبة للأسد. فالمظاهرات اجتاحت البلاد بأسرها وبالتالي أخرج جميع أدوات القمع حيث انتشر القناصة على أسطح المباني وأفراد القوات الخاصة والشبيحة في الشوارع مع الأسلحة البيضاء. آلية القمع كانت سيئة جدا لدرجة أن المتظاهر الواحد كان يتم اعتقاله وتعذيبه واستجوابه من قبل 3 جهات أمنية مختلفة”.