البنك الدولي يوافق على طلب مصر التدخل في سد النهضة..رئيس وزارء أثيوبيا في القاهرة هذا الشهر لبحث الأزمة
تنتظر مصر رد فعل إثيوبيا والسودان حول اقتراحها بتوسط البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة المثير للجدل، وترغب مصر أن يكون البنك الدولي طرفا محايدا في المفاوضات مع إثيوبيا والسودان حول بناء السد، خاصة بعد موافقة البنك للقيام بدور الوسيط فى المفاوضات.
واقترح وزير الخارجية سامح شكري، وساطة االبنك الدولي خلال اجتماع عقد في 26 ديسمبر الماضي، مع نظيره الإثيوبي في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا.
وهناك مخاوف مصرية من تأثير سد النهضة علي حصة مصر في مياه النيل والتي تقدر بحوالي 55 مليار متر مكعب سنويا، في حين تريد إثيوبيا ملء الخزان خلف السد الجديد بسرعة لتوليد الكهرباء، بينما يأمل السودان أن يفيدها السد في زراعة المزدي من الأراضي وتجفيف مستنقعات والحصول على الكهرباء ، لذلك ساندت اثيوبيا.
وتواصل اثيوبيا بناء السد النهضة رغم توقف المفاوضات، وأنجزت 60% من الإنشاءات وتبلغ التكلفة النهائية 4.8 مليار دولار، ويستمر البناء علي الرغم من الخلافات حول الأثر البيئي وقضايا التقنية الأساسية للمشروع.
وانسحبت مصر من المفاوضات الثلاثية في نوفمبر الماضي، بسبب عدم إحراز اي تقدم على الرغم من سنوات من المفاوضات و النقاش، والآن وبطلب وجود البنك الدولي للتوسط كطرف نزية رابع يبدو أن مصر تضع علي الطاولة حلا دبلوماسيا ربما يضغط علي إثيوبيا والسودان.
شفافية وفضح لتلاعب اثيوبيا والسودان
وقال مسؤول مصري مسئول عن قضية مياه النيل لموقع “المونيتور” الأمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته: “إن طلب مساعدة البنك الدولي يدخل في نطاق حملة دبلوماسية أطلقتها القاهرة، مما يسمح لمصر بفضح المفاوضات المتوقفة والإفصاح عن المخاوف المصرية أمام المجتمع الدولي، وستضيف مشاركة خبراء البنك الدولي في المفاوضات شفافية وكشف النقاب عن أي محاولات من جانب إثيوبيا أو السودان لعرقلة الدراسات”.
وأوضح المسؤول أن مصر والسودان وإثيوبيا كانوا اتفقوا مع شركتين استشارتين فرنسيتين في سبتمبر 2016، لإجراء دراسة فنية حول الآثار الهيدروليكية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة للسد علي مصر والسودان، وكان من المقرر الانتهاء من الدراسة خلال 11 شهراً، وانقضي عام ونصف ومازال الطرفان يتنازعان علي التقرير التقني التمهيدي الأساسي، ولم يتمكن المسؤولون من الاتفاق علي المواد التي يجب دراستها.
وأشار المسؤول إلي أن مصر مازالت مقتنعة بأن المفاوضات المباشرة مع إثيوبيا هي أقصر الطرق للوصول إلي ضمانات تخفف المخاوف المصرية بشأن تخزين مياه السد، لكن هذا النهج بحاجه إلي دعم خارجي يؤيد الموقف المصري.
رئيس وزراء اثيوبيا في القاهرة
وأعرب عن أمله فى أن يتم حل هذه المسألة خلال الزيارة المتوقعة لرئيس الوزراء الاثيوبى “هايلي ماريام ديسالين” الى القاهرة هذا الشهر قائلا “لم نتلق بعد أى رد من السودان واثيوبيا على توصية البنك الدولى، ولكن البنك الدولى اعرب عن استعداده المبدئى للقيام بدور الوسيط فى المفاوضات “.
وأضاف المسؤول أن اتفاق المبادئ الأساسية في إعلان المبادئ الذي وقعته جميع الأطراف في عام 2015 ينص على: “تلتزم البلدان الثلاثة بتسوية أي نزاع ينشأ عن تفسير أو تطبيق إعلان المبادئ من خلال المحادثات أو المفاوضات القائمة على مبدأ حسن النية، واذا لم تنجح الاطراف المعنية فى حل النزاع من خلال المحادثات او المفاوضات فان بإمكانها طلب الوساطة او احالة الامر الى رؤساء دولها او رؤساء وزرائها “.
وقال هاني رسلان، خبير الشؤون السودانية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، لـ “المونيتور”: “إن توقف إثيوبيا في المفاوضات المتعلقة بالتنمية يتناقض مع قواعد القانون الدولي، وإن إشراك البنك الدولي كوسيط دولي محايد سيمهد الطريق لإيجاد حلول، وهذا من شأنه حماية مصالح دول المصب “.
فرض حكم الأمر الواقع
واضاف رسلان ان رفض إثيوبيا البنك الدولي كوسيط سيكشف النقاب عن سياسات تعنت اثيوبيا ضد المصالح المصرية وعزمها على تعطيل المفاوضات لكسب المزيد من الوقت لاستكمال بناء السد وتخزين المياه، أثيوبيا تريد أن تستمر في فرض حالة بحكم الأمر الواقع .
وقال صفوت عبد الدايم، الأمين العام للمجلس العربي للمياه ، لـ “المونيتور”: “لدى البنك الدولي ثروة من الخبرة في قضايا مياه النيل، ووجوده كطرف محايد سيكون في مصلحة مصر لأن سيعمل كشاهد عيان على تخلي إثيوبيا عن طريق التفاوض الذي حدده إعلان المبادئ “.
وتحدثت “المونيتور” مع آنا إليسا كاسكاو الباحثة المستقلة عن “هايدروبوليتيكش النيل” ومحررة كتاب ” سد النهضة الإثيوبي وحوض النيل : الآثار المترتبة على التعاون في مجال المياه العابرة للحدود”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان البنك الدولي لديه الخبرة ويمكن أن يكون طرف ثالث محايد في المفاوضات في هذه المرحلة، أجابت اليسا”إن السؤال ليس إذا كان لدى البنك الدولي الخبرة أو وثائق التفويض ليكون وسيطا، ولكن إذا كان هناك منطق للتدخل من طرف ثالث في هذه المرحلة، ولأن القاعدة الذهبية للوساطة الناجحة هي أنه يجب أن يطلب جميع الأطراف المعنية الوساطة”.
وقالت إليسا لـ “المونيتور”: “يجب أن تتماشى أي إجراءات للتوفيق أو الوساطة المتعلقة بالتجانس والتنمية مع المادة 10 من إعلان المبادئ ، وهناك إجراءات مشتركة واضحة يتعين اتباعها، ولكن فقط في حالة المنازعات وعندما تستنفد جميع الوسائل الأخرى، ينبغي التعامل مع الاختلافات في الدراسات التقنية على المستوى المناسب “.
مفاوضات ناجحة والحل قادم
وأضافت إليسا ان المفاوضات دأب عليها على الدوام ثلاث دول متساوية ذات سيادة، وهناك تقدما كبيرا تحقق فى السنوات الماضية، وأن الدول الثلاث ستقود بنجاح المحادثات للتوصل الى اتفاق حول السد الذى يعد اكثر القضايا إلحاحا.
وقال سلمان محمد سلمان مستشار القانون الدولي السابق للبنك الدولي لـ “المونيتور”: “إن البنك الدولي هو أكثر الكيانات ملاءمة وكفاءة للتوسط في المفاوضات المتعلقة بالتجارة والتنمية وغيرها من النزاعات حول مياه النيل، لكن البنك الدولي لا يستطيع التدخل بناء على طلب مصر وحدها، ويجب على الاطراف الثلاثة مصر والسودان واثيوبيا ان يطلبوا تدخل البنك الدولي”.
وأوضح سلمان أن البنك الدولي لعب دورا رئيسيا في مبادرة حوض النيل التي تم تأسيسها رسميا في عام 1999، ويسر البنك الدولي أيضا المفاوضات حول اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل (كفا)، لكن البنك الدولي تراجع جهوده المتعلقة بالمياه في النيل بعد النزاعات حول قضايا الأمن المائي التي وقعت على اتفاق كفا في مايو 2010 ضد دول المصب التي ما زالت ترفضها.
وأضاف سلمان أن دعوة مصر للبنك الدولي للعمل كوسيط ستكون فرصة للبنك الدولي لاستئناف جهوده في مياه النيل بعد توقف دام ثماني سنوات.