البرلمان الأردني يكشف عن تفاصيل جديدة حول “صفقة” الغاز مع إسرائيل
قبل بضعة أشهر من ضخ الغاز من حقل “لفيتان” إلى شركة الكهرباء الأردنية تم الكشف عن تفاصيل جديدة تتعلق بسعر الغاز في الصفقة: المواطنون الأردنيون سيدفعون مقابل الغاز ثمناً أقل من الإسرائيليين. هذا ما يتبين من صفقة البيع التي وقعت بين الشركاء في “لفيتان” بواسطة شركة التسويق “نوفل اينرجي”، وبشركة الكهرباء الأردنية “نيبكو”، في أعقاب كشف البرلمان الأردني والاحتجاجات في الدولة على صفقة الغاز.
في إطار الاتفاق، جاء أن السعر الأساسي للغاز الإسرائيلي المرتبط بسعر برميل النفط من نوع “برينت” هو 5.65 دولار للوحدة الحرارية. وحسب جهاز الربط هذا فإن سعر الغاز الآن هو 6 دولارات، وهو أقل من سعر 6.3 دولار للوحدة الحرارية التي تدفعها شركة الكهرباء الإسرائيلية مقابل الغاز من حقل “تمار”، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
اتفاق شراء “نيبكو” للغاز من “لفيتان” ذكر سعراً أساسياً هو 5.65 دولار للوحدة الحرارية. هذا في الوقت الذي يقل فيه سعر برميل النفط من نوع برينت عن 30 دولاراً. وإذا ارتفع سعر البرميل إلى 30 – 50 دولاراً فإن السعر سيرتفع بتعريفة معينة وفقاً للصيغة التي تم تحديدها. وإذا وصل سعر برميل النفط إلى 50 – 70 دولاراً فإن سعر الغاز سيرتفع إلى 6 دولارات. بعد ذلك تم تحديد تدرجات مختلفة ترتكز على صيغ حتى سقف 11 دولاراً.
سعر برميل النفط من نوع برينت هو 58 دولاراً اليوم، ولو تم تطبيق الاتفاق فإن سعر الغاز سيكون 6 دولارات. الأسعار في الاتفاق تشمل أيضاً تكلفة النقل في الطرف الإسرائيلي التي يدفعها الشركاء في “لفيتان” لشركة خطوط الغاز الطبيعي لإسرائيل. حسب التقدير، يدور الحديث عن تكلفة مرتفعة نسبياً؛ لأن شركة خطوط الغاز الطبيعي لإسرائيل أنشأت أنبوباً خاصاً للتصدير. أي أن تكلفة الشراء الفعلية هي أقل من الأسعار التي تم تحديدها في الاتفاق. لجنة شيشنسكي قررت في السابق أن مزود الغاز من إسرائيل لا يمكنه التصدير بسعر أقل من السعر الذي يبيع الغاز فيه بالمتوسط في السوق المحلية. في محيط الشركاء في “لفيتان” أشاروا إلى أن الشركاء يلبون الشروط التي حددتها لجنة شيشنسكي وشروط صفقة الغاز: “حسب لجنة شيشنسكي، فإن السعر المتوسط في السوق يجب أن يكون أقل من سعر التصدير. وحسب الصفقة، فإن الشركاء يلتزمون بأن صيغة بيزن (المرتبطة ببرينت) في السوق المحلية ستكون أقل من سعر التصدير. هذان الشرطان قائمان”، قال مصدر مقرب من الشركاء.
في إطار الاتفاق، منحت الحكومة الأمريكية الحكومة الأردنية ضمانات لدفع التزامات “نيبكو”، ومنحت “نوفل انيرجي” ضمانات لتنفيذ الاتفاق، بحيث إذا لم تنجح شركة الكهرباء الأردنية في الدفع أو تنفيذ اتفاق شراء الغاز فإن الحكومة الأمريكية ستكون مسؤولة عن تحويل جزء من أموال المساعدة للأردن إلى إسرائيل. ويتضح من الوثيقة أيضاً أنه إذا اكتشف الأردن حقول غاز في أراضيه فإنه لا يستطيع خفض معدل الشراء من “لفيتان” أكثر من 20 في المئة. وحسب الاتفاق، فإن الأردن يستطيع الانسحاب من اتفاق الغاز، لكن مقابل دفع غرامة تصل إلى 1.5 مليار دولار إذا تم الإنهاء في السنوات الخمس الأولى؛ و800 مليون دولار بين 5 – 10 سنوات، و400 مليون دولار بعد السنة العاشرة. من ينتقدون الاتفاق يؤكدون أن الأردن يمكنه الآن شراء الغاز السائل من السوق العالمية بسعر أرخص مما هو في الاتفاق مع “لفيتان”. عند توقيع الاتفاق كان سعر الغاز السائل في السوق العالمية أعلى.
قبل سنتين ونصف، وقع الشركاء في لفيتان (نوفل انيرجي وديلك للحفريات وشركة رتسيو) على اتفاق لتزويد الغاز لـ “نيبكو”. الحديث يدور عن اتفاق يلزم “لفيتان” ببيع 45 مليار متر مكعب من الغاز خلال 15 سنة (3 – 3.5 متر مكعب في السنة) بمبلغ يصل إلى 10 مليارات دولار، حسب تقدير الشركاء في “لفيتان”. بيع الغاز سيتم من خلال شركة تسويق، وهي شركة فرعية لـ “نوفل انيرجي”، غير المسجلة في إسرائيل بل في جزيرة كايمن.
“يجب إلغاء الصفقة مع العدو الصهيوني”
عند التوقيع على الاتفاق، اصطدم بمعارضة شعبية في الأردن، وجرت في العاصمة عمان مظاهرات ضده. فعلياً، منذ 2016 تعمل في الأردن مجموعة معارضة للاتفاق، تقود “حملة وطنية لإلغاء صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني”. هذه المجموعة تشمل نقابات مهنية وأحزاباً معارضة ومحامين. توجه المعارضون إلى المحكمة بطلب “وقف أي صفقة قانونية وتجارية مرتبطة بالاتفاق، بما في ذلك أعمال مد أنابيب؛ وإلغاء كل شراء للأراضي تم لغرض المشروع، بحيث تعاد إلى أصحابها كل تلك الأراضي التي تم وضع اليد عليها، والعمل على أن تلغي الحكومة الصفقة بدون دفع غرامات”.
في شهر آذار الماضي طلب أعضاء في البرلمان الأردني إلغاء صفقة الغاز مع إسرائيل. المتحدث بلسان البرلمان، عاطف الطراونة، قال إن كل شرائح المجتمع الأردني وأعضاء البرلمان يعارضون الاتفاق الذي وقع مع الكيان الصهيوني، وطلب إلغاء الاتفاق “بأي ثمن”. عدد من أعضاء البرلمان طلبوا محاكمة الحكومة لأنها وقعت على الاتفاق مع إسرائيل بدون الحصول على مصادقة البرلمان. أعضاء البرلمان طلبوا من الحكومة البحث عن مصادر بديلة للطاقة في الدول العربية بذريعة أن الصفقة مع إسرائيل تهدد أمن الطاقة في الأردن وتخدم “اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي”. الحكومة الأردنية قررت تحويل الصفقة إلى المحكمة الدستورية كي تحسم إذا ما كانت الصفقة تعارض الدستور أم لا. ولكن الطراونة أجاب: “البرلمان يؤيد إلغاء الصفقة مع العدو الصهيوني بدون صلة بموقف المحكمة”.
يشتري الأردن الآن الغاز من مصر. في بداية عام 2019 بدأت الدولة بشراء الغاز من مصر عبر أنبوب الغاز في شبه جزيرة سيناء. الغاز المصري يستخدم لإنتاج الكهرباء ويشكل مصدراً بديلاً أكثر راحة من ناحية سياسية من غاز إسرائيل. منذ بداية شهر آذار، مصر تزود الأردن بـ 350 مليون قدم مكعب يومياً، تعادل كمية سنوية تقدر بـ 3.5 مليار متر مكعب. في شهر نيسان الماضي، اقتبست صحيفة “الشرق الأوسط” شخصيات رسمية رفيعة المستوى في الأردن قالت إن الملك عبد الله تلقى تقريراً يحلل صفقة الغاز مع إسرائيل وإبعاد استمرار أو تجميد الاتفاق. وحسب هذا التقرير، يمكن لعمان أن تستخدم توصيات التقرير لزيادة الضغط على إسرائيل، بهدف خفض سعر الغاز في الصفقة، وبهدف مواجهة الضغط الداخلي للبرلمان الأردني الذي يدفع إلى إلغاء صفقة الغاز.
اتفاق شركة “تمار” سيبدأ عام 2021
اتفاق الشركاء في “تمار” وشركة الكهرباء في إسرائيل وقع في منتصف عام 2012 لمدة 15 سنة وبكمية حدها الأقصى 99 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وفي الاتفاق حُدد سعر أساس هو 5.042 دولار للوحدة الحرارية. سعر الغاز يرتكز إلى صيغة قدمتها شركة الكهرباء لسلطة الكهرباء، وتشمل الربط بجدول غلاء المعيشة للمستهلك الأمريكي، وليس بسعر النفط في العالم، وفقاً لطلب سلطة الكهرباء. كما قلنا، السعر الآن هو 6.3 دولار لوحدة الطاقة.
حسب الاتفاق مع “تمار”، فإن شركة الكهرباء يمكنها أن تناقش تخفيض السعر بـ 35 في المئة على دفعتين: الأولى في 2021، التي سيتم فيها مناقشة إمكانية تغيير السعر بـ 25 في المئة للاتجاهين (رفع أو خفض)؛ والثانية في 2024 بـ 10 في المئة. وتجدر الإشارة إلى أن “لفيتان” فازت مؤخراً باتفاق بيع الغاز لشركة الكهرباء لتزويد 3 – 4 مليار متر مكعب لمدة سنتين، بدءاً من ضخ الغاز من “لفيتان”. سعر الاتفاق هو 4.79 دولاراً، وهو سعر الحد الأعلى حسب الصيغة التي حددت في “صفقة الغاز”. ولم يصدر أي رد من الشركاء في “لفيتان”.