الانشقاقات تتوالى وحلفاء الأمس ينقلبون على أردوغان.. العدالة والتنمية: ما الذي جنيناه من الإسلام السياسي؟
بين الحين والآخر يعود السؤال الحائرعلى ألسنة أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان ، ولكن على استحياء وبعيدًا عن أروقة الحزب وأعين المتلصصين، ومعه تثار المخاوف: ما الذي جنيناه وجنته تركيا من الإسلام السياسي؟ صحيح أن الذين يطرحونه لا يمكن اعتبارهم تيارًا واسعًا عريضًا، إلا أن عناصره يتزايدون ويتمددون شيئًا فشيئًا.
ورغم الخشية من بطش الآلة الأمنية لأردوغان، فإن الاستقالات تتوالى والانشقاقات صارت عنوان لافت وحلفاء الأمس ينقلبون على أردوغان، وها هما علي باباجان نائب رئيس الوزراء، وأحمد داود أوغلو رئيس الحكومة الأسبقين يستعدان لإعلان حزبيهما نهاية الشهر الحالي ومطلع العام الجديد.
ومن الواضح أن أردوغان لا يكترث بالانتقادات التي توجه إليه، على خلفية احتضانه للإرهاب والتطرف اللهم ملاحقة أصحابها والزج بهم وراء القضبان، بيد أنه واصل ــ ولايزال ــ حشد التيارات الإسلامية بتوجهاتها الأصولية والجهادية وتوفير ملاذ أمن لهم وطرح نفسه زعيما لها “إنه إذن” الوهم السلطوي الذي يقود إلى متاهات لاسيما مع التجبر والغباء السياسي.
ومع تباعد التعاطف الشعبي الذي فتر حماسه من استمرار احتضان البلاد لتلك الكيانات التي نبذتها أوطانها، اتسعت علامات الاستفهام فما الذي يريده أردوغان؟ وإلى أين تسير تركيا؟ وإلى متى دعم الإسلام السياسي وفي القلب منه جماعة الإخوان الإرهابية؟
واقعيا وهذا ما يؤكده نواب بارزون بحزب الشعب الجمهوري المعارض، ثمة نفور يتعاظم ليس ضد هؤلاء -الذين يصفهم المجتمع الدولي بالإرهابيين – بل من الرئيس شخصيًا الذي “لا يريد من مواطنيه سوى السمع والطاعة”.
يعزز ذلك “أن الإرث العلماني الذي بذل الغالي والنفيس من أجل اقتلاعه لا يزال يشكل أحد أكبر المشكلات والتحديات التي تواجه أيديولجيات الأسلمة، التي يسوقها هو وحزبه”.
وهكذا لا يبدو أن أردوغان، وفقًا لمستشار سابق له “سيتنازل عن حلمه بزعامة عثمانية جديدة تقود العالم الإسلامي”.
اللافت أنه لا يصدق بوقوعه في تناقض هائل خاصة مع تنامي اتفاقيات التعاون بين أنقرة وتل أبيب، التي يباركها من وراء الكواليس، وفي العلن لا يكف عن إطلاق صيحات الشجب والتنديد ضد إسرائيل وكل قيادتها وهذا فقط المسموح لإعلامه كي يبرزه ليل نهار.
وتفسير ذلك بسيط فأردوغان يعي جيدًا أن الهجوم على الدولة العبرية لا يعدو كونه أداة جيدة لكسب أصوات الناخبين البسطاء في قوى ونجوع عمق الأناضول “الذين يجهلون الجوانب الخفية والحقيقية في علاقات بلادهم بالعدو الصهيوني”.