الانتخابات الرئاسية بالجزائر تواجه رفضا متعدد الأشكال
مع دخول الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس الجزائري المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، أسبوعه التاسع، شهدت البلاد رفضًا متعدد الأشكال لانتخابات الرابع من يوليو المقبل التي دعا إليها الرئيس المؤقت، عبد القادر بن صالح.
والجمعة الماضي، وللمرة الثامنة على التوالي، شهدت العاصمة ومدن أخرى تظاهرات شارك فيها مئات الآلاف من المواطنين، اعتبرت استفتاء شعبيًا ضد إشراف رموز نظام بوتفليقة على المرحلة الانتقالية.
كما شهدت المظاهرات رفع شعارات وهتافات رافضة لقرار الرئيس المؤقت، عبد القادر بن صالح، لتنظيم انتخابات الرئاسة في الرابع من يوليو/تموز المقبل، وفقا للآجال الدستورية (90 يومًا) التي تنص عليها “المادة 102” من الدستور.
وعلى المستوى الرسمي، أعلنت وزارة الداخلية، الخميس الماضي، فتح باب الترشح للانتخابات، وقالت في بيان، الثلاثاء، إنها استقبلت 10 إعلانات ترشح لهذا السباق، دون الكشف عن هوية أصحابها عكس ما كان يحدث سابقًا.
وشرعت وزارة الداخلية عبر إدارة محافظات البلاد الـ48 في عملية مراجعة قوائم الناخبين في عملية تدوم أسبوعاً كاملاً تحضيراً للاقتراع الرئاسي.
والمراجعة الاستثنائية لقوائم الناخبين التي تتم قبل كل موعد انتخابي يجري خلالها شطب التسجيلات المكررة الناجمة عن تغيير أماكن الإقامة إلى جانب حذف أسماء الموتى من السجلات، وتسجيل الناخبين الجدد لضبط القائمة النهائية.
وتشرف على هذه العملية في العادة، لجان بلدية مكونة من رؤساء البلديات وقضاة وممثلين عن اللجنة المستقلة للانتخابات.
مقاطعة القضاة
أعلن “نادي القضاة الجزائريين الأحرار”، السبت، رفضه الإشراف على مراقبة الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو المقبل، دعمًا للحراك المُطالب برحيل رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
وأفاد القضاة في بيان، توج وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل: “لقد قررنا ولا رجعة في ذلك مقاطعة انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في يوليو؛ خاصة في ظل قانون الانتخابات الحالي الذي لم يطرأ عليه أي تغيير”.
وقال نادي القضاة (نقابة مستقلة)، إنه يضم حوالي 1000 قاضٍ، وإن المشاركة في مراقبة هذه الاستحقاقات “شهادة زور لأن الانتخابات ستكون نتيجتها محسومة سلفًا”.
بينما لم يبدِ باقي القضاة المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية للقضاة المعترف بها رسميًا من قبل السلطات، موقفًا من انتخابات الرابع من يوليو/تموز المقبل.
ويقدر عدد القضاة في البلاد، بقرابة 6 آلاف قاضٍ، يتولى ألفان منهم الإشراف على الانتخابات عبر مختلف بلديات وولايات البلاد.
وأكدت وزارة العدل الجزائرية في بيان لها، الثلاثاء، أن المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية تجري في “ظروف عادية”.
وأشارت إلى أنه، خلافًا لما تم تداوله حول مقاطعة القضاة، فإن “المعلومات الواردة إلى الإدارة المركزية من طرف رؤساء المجالس القضائية تفيد أن الأمر يتعلق فقط ببعض القضاة في بعض المحاكم، ويعد ذلك نسبة ضئيلة جدًا”.
مقاطعة رؤساء البلديات
من جانبهم، أعلن عدد من رؤساء البلديات، المقاطعة الشاملة للانتخابات الرئاسية المقبلة، تأكيدًا لموقفهم “الداعم للإرادة الشعبية”.
وتتولى البلديات الإشراف على عملية مراجعة قوائم الناخبين والتحضير اللوجيستي للانتخابات.
وأعلن حوالي 40 رئيس بلدية في محافظات تيزي وزو، بجاية والبويرة، (منطقة القبائل شرق العاصمة) مقاطعتهم للانتخابات التي دعا إليها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، عبر بيانات رسمية.
وينتمي رؤساء البلديات الرافضون الإشراف على إجراءات الانتخابات، في شقيها الإداري واللوجيستي، لحزبي “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” و”جبهة القوى الاشتراكية” المعارضين.
رفض زيارات الوزراء
في المقابل، يرفض الجزائريون، الزيارات الميدانية، لوزراء الحكومة التي يقودها نور الدين بدوي.
وطالب مئات الآلاف من المواطنين في الجمعة السابعة والثامنة من الحراك، برحيل رموز بوتفليقة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس الدولة عبد القادر بن صالح.
والأسبوع الماضي، منع سكان حي براقي بالعاصمة، وزير الأشغال العمومية، مصطفى كورابة من زيارة ورشة بناء، واضطر لقطع زيارته.
والسبت الماضي، اعتصم عدد من مواطني محافظة بشار (جنوب غربي البلاد)، على الطريق المؤدي للمطار؛ رفضًا لزيارة وزير الداخلية صلاح الدين دحمون، واضطر إلى تدشين مشاريع في الصباح الباكر من اليوم التالي.
والأحد، أجبر عدد من مواطني محافظة تبسة (أقصى الشرق)، وزير الطاقة محمد عرقاب على قطع زيارته، بعدما حاصروا المطار ومنعوه من الخروج.
ويعتبر عدد كبير من الجزائريين، حكومة “بدوي” فاقدة للشرعية، لأنها “غير معترف بها شعبيًا”، ومن بقايا نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
ويصطدم تغيير الحكومة الحالية بعائق دستوري، يتعلق بالصلاحيات المحددة لرئيس الدولة بالنيابة، الذي لا يمكنه إقالة الحكومة القائمة استنادًا لنص “المادة 104” من الدستور.
لكن المواطنين يطالبون بالامتثال لرغبتهم، استنادًا لنص “المادة 07″، التي تقول “إن الشعب مصدر كل السلطات”.
الظروف غير مواتية
في السياق، قال بوجمعة صويلح، الخبير في القانون الدستوري، إن الظروف الحالية غير مواتية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في 04 يوليو المقبل.
وأوضح صويلح، أن “سلمية المسيرات يقابلها نوع من التهلهل والتململ من جانب السلطات، التي هرولت بنوع من التسرع لإجراء هذه الانتخابات، في ظروف غير مواتية”.
وأضاف أن “الانتخابات الرئاسية تتطلّب جوا من الإصغاء والحوار”.
وأشار صويلح إلى أن صناع القرار مطالبون “بالاستجابة للرأي العام الوطني وإجراء تغييرات مقبولة شعبيًا داخل مؤسسات الدولة”.
رفض الترشح
في المقابل، أعلن بعض السياسيين رفضهم الترشح للانتخابات التي دعا إليها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح.
وأعلن رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، الأحد، خلال ندوة صحفية، أنه “لن يترشح لرئاسيات الرابع يوليو/تموز، ما لم يتغير قانون الانتخابات الحالي، وترحل الوجوه التي يُطالب الشعب بإسقاطها”.
كما اعتبر رئيس “جبهة العدالة والتنمية” (إسلامي) المعارض عبد الله جاب الله في تصريحات صحافية، الأحد، أن الدعوة إلى انتخابات الرئاسة في الرابع يوليو/تموز المقبل “باطلة” كونها جاءت ضد إرادة الشارع.