الانتخابات الإسرائيلية الثالثة أمام صندوق يراوح مكانه
ها قد وصلنا إلى الموعد الثالث، ويبدو الآن أن كل السياسيين عالقون إلى هذا الحد أو ذاك في المكان ذاته الذي كانوا فيه في الجولة السابقة، وهذا في أفضل الأحوال. لماذا في أفضل الأحوال؟ لأنهم في أسوأ الأحوال زادوا السرعة، ولكن في الاتجاه ذاته الذي سافروا فيه كي يصلوا إلى اللامكان. بتعبير آخر فإن التخندق أسوأ من المراوحة في المكان.
نفتالي بينيت يواصل كونه صبيانياً ومتسرعاً في تصريحاته وشؤون الأمن وكذلك في الحملة، إذ يرفع يافطات عن شخصه دون زوجته الخالدة آييلت شكيد، وبعد ذلك يبعث بمتان كهانا كي يقول إن هذا حصل بالصدفة وإنه لا يعني شيئاً. أما شكيد فتواصل الاختباء في ظله، وبالتوازي التردد والتخبط بينها وبين اتحاد اليمين، فيما أن أياً من هذه الخيارات لا يختلف عما فعلته في الماضي. أما في الليكود فوضع التخندق مشابه: صحيح أنهم يجرون انتخابات تمهيدية، ولكنهم في يواصلون هذه الأثناء تقاليد دق الإصبع في العين كبديل للأيديولوجيا ويفضلون الإغاظة على الفعل الجدي، وفقا لصحيفة “معاريف” العبرية.
كان يمكن لوزير العدل أمير اوحنا أن يعين نائباً عاماً للدولة كما يطيب له، فلا يعتبر هاذياً من ناحية الجهاز ويجر معارضة من المستشار القانوني ومعها سلسلة من الالتماسات إلى العليا. ولكن معارضة المستشار القانوني وسلسلة الالتماسات على ما يبدو هي بالضبط ما يريده اوحنا، فليس هناك مثل العناوين الرئيسة ضد النيابة العامة لتغذية حملة الإغاظة التقليدية، فتعيين مهني يتفق عليه الجميع ويسمح بالأداء الجيد كان سيخرج اللب من الفعل. كل شيء جيد وجميل، فهل هذا يساعد الليكود؟ مثل هذه الخطوة قد تحمس المزيد من المقتنعين، ولكن الإحساس في أوساط المترددين يبين نتيجة شدة حماسة المعركة، بأنه لم يعد هناك شيء من أيديولوجيا اليمين المسؤول الذي كان ذات مرة.
أما الوضع في اليسار فليس بأفضل، إذ لم تسجل تجديدات واختراعات من حزب العمل. وفي ميرتس، الذين أصبح هو المعسكر الديمقراطي بعد عدد لا يحصى من الدوامات، والهجران والوعود التي لم تؤثر على الناخبين، فإن النتيجة المخيبة للآمال لم تحرك العقل التقدمي للتفكير في اتجاهات مختلفة بعض الشيء. الحد الأقصى حتى الآن كان العودة لتكرار التوجه إلى حزب العمل لغرض توحيد الصفوف كي يردهم هذا مرة أخرى على أعقابهم بخفيّ حنين. ولكن ماذا بشأن التفكير من خارج العلبة؟ هاكم مثالاً: العرض على الجبهة الديمقراطية، والانسحاب من القائمة المشتركة والاتحاد معهم.
أما الجبهة الديمقراطة – حداش فهم المعتدلون من بين القوائم التي تشكل المشتركة، ولن يضر انسحابهم بتصويت الانعزاليين من السكان العرب، ولكن قد يزيد معدل التصويت في أوساط العرب الإسرائيليين المعتدلين. صحيح أن عوفر كسيف هو اختراع متطرف على نحو خاص، ولكن أيمن عودة وعايدة توما سليمان يمكنهما أن يتحدثا إلى الصوت العربي بدلاً من عيسوي فريج (أو إضافة إليه). فالحديث يدور عن الحزب الوحيد من بين الأحزاب العربية الذي لا يعرف كقومي وديني، وهو أقرب إلى ميرتس في مواقفه في غير قليل من المواضيع. إذا كان ممكناً تقريب حداش إلى ميرتس قليلاً، يمكن لهذا أيضاً أن يخلق تغييراً حقيقياً في وعي المقترعين. لعل مثل هذا التوحيد ينجح في رفع معدلات التصويت في الوسط العربي، وبالتوازي يلبي أماني اليسار الإسرائيلي؟
وفي وسائل الاعلام أيضاً حان الوقت لتغيير القرص. فما الذي ينبغي أن يحصل أكثر كي يفهم المستطلعون في قنوات الإعلام على أنواعها بأن “الكتل” التي يواصلون عرضها، وكأنه لم يحصل شيء، لم تعد منذ زمن بعيد كتلاً حقيقياً؟ ليبرمان فصلوه عن كتلة اليمين منذ الموعد الثاني، حين أفهم الجميع بأنه لم يعد جزءاً تلقائياً من كتلة اليمين – الأصوليين. ولكن بعد أن أوضح بأن “أزرق أبيض” ليس قادراً على تشكيل حكومة بتأييد المشتركة، ألم يحن الوقت للتوقف عن عرض المشتركة كجزء من “كتلة اليسار”؟
وإذا كان لا بد من تشجيع التفكير الجديد، فيمكن أن نبدأ بعرض آخر لـ “الكتل”، وتوزيعها إلى أربعة بدلاً من اثنتين زائد ليبرمان، كي نسمح بفتحة لتفكير جديد بدل السياسيين العالقين أيضاً: كتلة الوسط – اليسار، كتلة اليمين، المشتركة (العرب)، وشاس – يهدوت هتوراة (الأصوليين).