اغتصاب الرجال والنساء في ليبيا..تحقيق دولي يوثق جرائم المليشيات بعد القذافي
تعاني ليبيا من تحديات وأزمات كبيرة حاليا على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني، لكن تبقى فوضى السلاح وممارسات المليشيات المسلحة خاصة المدعومة من الخارج وغياب جيش وطني موحد من أخطر الازمات التي تدفع البلاد نحو المجهول.
وبحسب بحث استقصائي دولي أشرفت عليه صحيفة لوموند الفرنسية فإن جرائم الاغتصاب التي تنفذها مليشيات مسلحة بحق الرجال والنساء هي الأخطر حاليا وتنتشر بشكل كبير خاصة من جانب مليشيات مصراتة المدعومة من قطر.
شهادات موثقة
أظهرت شهادات متعددة، جمعها محققون، كيف أن اغتصاب الرجال في ليبيا أصبح يُمارس بشكل منظم كأداة من أدوات الحرب والهيمنة السياسية، من قبل الفصائل المسلحة المتنازعة على الحكم في البلاد.
وحصل المحققون على صور ومقاطع فيديو اغتصب فيها رجالا في سجون ومعسكرات احتجاز بطرق وحشية سادية باستخدام أدوات صلبة كالعصي وألعاب نارية.، وبعضها كان يتم على يد سجناء آخرين.
وأمام كل تلك الحقائق والمعلومات طالبت جهات دولية بضرورة فتح تحقيق انمي لما يجري في ليبيا وما تقوم به المليشيات المسلحة.
وفى العام الماضي، طلبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا” من مجلس الأمن الدولي المزيد من التمويل، من أجل تعزيز وتوسيع تحقيقاتها في جرائم الحرب الليبية.
مليشيات مصراتة القطرية
وتعد المليشيات المسلحة في مصراتة والدروع التابعة لها من اكثرالمتورطين في تلك الجرائم سواء تجاه المعارضين لها أو المهاجرين واللاجئين الذين يتوافدون على مناطق سيطرتها على شكل البحر المتوسط للهجرة نحو أوروبا.
وتحظى تلك المليشيات بدعم مالي وسياسي من قطر وتركيا، بحسب مسؤولين عسكريين وسياسيين في الحكومة الليبية، والتعاون مع مهربين ومافيا هجرة شرعية في ليبيا وخارجها.
وفي شهادة موثقة بالفيديو حصل عليها المحققون الدوليون قالت سيدة تدعى فتحية، من طرابلس أن الرجال والنساء يغتصبون بطرق وحشية. ويتم اتهامهم بأنهم معارضون أو موالون للقذافي أو حتى لارتكاب جرائم عادية.
وقالت فتحية التي نقلها المحققون إلى مخيم تحت الحماية “تم اغتصاب كل أفراد عائلتي رجالاً ونساء من قبل مسلحين من مصراتة”.
اغتصبوها أمام ابنها
وأضافت فتحية : “أسوأ ما فعلوا بي هو اغتصابي أمام ابني الأكبر.. ومنذ ذلك الحين لا يتحدث معي”.
وعند سؤالها عن سجينات أخريات واجهن المصير ذاته، أجابت فتحية قائلة:”كنت فقط أسمع أصوات الرجال.. وكانوا يصرخون نهاراً وليلاً”.
ويؤكد الخبراء أن تلك الممارسات تجري بصورة ممنهجة وهدفها إذلال وإسكات المنافسين في البلاد التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة وتخلو من القانون، حيث يعتبر اغتصاب الرجال في المجتمعات العربية “مذلّة”، ويشعر المعتدى عليه بشكل عام بضرر كبير، ولا يتمكن من الانضمام مرة أخرى للحياة السياسية، أو العسكرية أو حتى المدنية.
إذلال الرجال
وقال أحد الرجال واسمه أحمد للمحققين إنه “تم احتجازه لمدة 4 سنوات في السجن في منطقة طمينة في ضواحي مصراتة”.
وأضاف متحدثًا عن ظروف احتجازه:”يقومون بعزلك لاستعبادك.. إذلال الرجال، هذا هو المصطلح الذي يستخدمونه.. كانوا يصورون كل شيء بهواتفهم.. يتناولون مكنسة ويثبتونها في الجدار، وإذا أردت تناول الطعام عليك نزع بنطالك، وأن ترجع على عصا المكنسة ولا تتحرك حتى يرى السجّان أن الدماء تسيل.. لا يمكن لأحد الهروب من ذلك”.
وتابع:”كان هناك 450 رجلًا محتجزين في الجزء الذي كنت فيه من السجن، وكان هناك رجل أسود، مهاجر رموه في واحدة من زنزاناتنا قائلين: اغتصبوا هذا الشخص، وإلا ستموتون!”.
وروجت التنظيمات المسلحة تقارير تتهم نظام لقذافي باغتصاب الليبين في السجون، لكن بحسب المحققين لم يتم العثور على دليل قاطع بصحة ذلك.
الولاء للقذافي
واتخذ المحققون من تونس مركزا لها، وجمعت ملفات من منظمات حقوقية وأفراد ومسؤولين بالبلاد ومنفيين بالخارج، واكدت غالبيتها أن الولايات هي التهمة الرئيسية.
ومن بين الوثائق مقطع فيديو يقوم فيه احد المسلحين من مصراتة يعتدي على رجل بالضرب ثم أجبره على خلع سرواله، ووضع ألعابا نارية في مؤخرته وأشعلها وصور هذا.
وفي إحدى الحالات، كان جندي سابق موالٍ للقذافي قد قال إنه اغتُصب عدة مرات، وسأل عماد “منى”: هل تم الاغتصاب بعصا مكنسة مثبتة على الجدار؟” فأومأت بالإيجاب وقالت: “كلهم تم اغتصابهم بهذه الطريقة”.
وهناك 650 ملفاً مرتبة هجائياً، تتضمن ادعاءات بالتعرض للاغتصاب من قبل أشخاص ينتمون لقبيلة التاورجاء، وهي قبيلة أفريقية من السود اتُّهمت أنها كانت تدعم نظام معمر القذافي، وأن أفرادًا منها كانوا يغتصبون أعداءهم خلال الثورة.
وواجهت القبيلة انتقاماً شديداً، حيث تم مسح مدينتهم تاجوراء من الوجود، وتشرد سكانها الذين بلغ عددهم 35 ألف نسمة، وتوزعوا على العديد من المخيمات في بنغازي وطرابلس.
وكان يتم احتجاز الرجال والنساء عرايا طوال الليل ولم يطلق الحراس سراحهم حتى اغتصب الجميع بعضهم البعض وكلمات الساحة في مؤخرتهم.