الاعتقالات طالت مليون فلسطيني منذ بدء الاحتلال وتخللها ممارسة التعذيب النفسي والجسدي
أحيا الفلسطينيون اليوم الأربعاء، يوم الأسير، بتنظيم مسيرات ووقفات تضامنية في مختلف مدن الضفة الغربية.
وأوردت العديد من المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بأوضاع الأسرى في سجون الاحتلال، أرقاما جديدة تظهر حجم مأساة هؤلاء ومن بينهم الأطفال، الذين ازداد عددهم داخل الزنازين الإسرائيلية، وكذلك الأسرى الذين أمضوا أكثر من ربع قرن خلف القضبان، في “يوم الأسير” الذي صادف أمس الموافق 17 أبريل.
وقالت هيئة شئون الأسرى والمحررين، وهي الجهة الحكومية الرسمية المكلفة بمتابعة ملف الأسرى، إن الاعتقالات باتت “ظاهرة وسلوكاً يومياً، وأضحت جزءاً أساسياً من منهجية سيطرة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، والوسيلة الأكثر قمعاً وقهراً وخراباً للمجتمع الفلسطيني”.
وذكرت الهيئة في تقرير لها أن الاعتقالات طالت كافة فئات وشرائح المجتمع، ذكوراً وإناثاً، أطفالاً ورجالاً، وشيوخاً، وأنه منذ النكبة عام 1948، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي من الفلسطينيين نحو المليون، ستة عشر ألفاً منهم من النساء، إضافة إلى عشرات ألوف أخرى من الأطفال.
وأشار عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في الهيئة، إلى أن الخط البياني للاعتقالات سار بشكل متصاعد خلال السنوات القليلة الماضية، وقد سُجل في الفترة بين عامي 2011 إلى 2018 أكثر من 40 ألف حالة اعتقال طالت كافة المحافظات الفلسطينية، بالإضافة إلى نحو 1600 حالة اعتقال منذ بداية العام الجاري.
وأكد أن الاعتقالات شهدت خلال “انتفاضة القدس” استهدافاً واضحاً للأطفال الفلسطينيين، في سياق الاستهداف المتصاعد والممنهج للطفولة الفلسطينية، وسجل خلالها نحو 5700 حالة اعتقال لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 11 إلى 18 عاما، بالإضافة إلى قرابة 600 حالة اعتقال لفتيات قاصرات ونساء وأمهات.
وأشار إلى أن كافة الاعتقالات التعسفية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين “تجري بمعزل تام عن قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتتم بشكل مخالف لأبسط قواعد القانون الدولي”، لافتا إلى تعرض الأسرى لعميات التعذيب خلال التحقيق والاعتقال.
وأوضح أن التعذيب تضاعف خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، من حيث شدته وقسوته، وتنوعه ما بين الأساليب “النفسية والجسدية”، لافتا إلى أن السجن الإسرائيلي أصبح مكاناً لقمع الفلسطينيين، ونموذجاً تتجلى فيه “الحالة الأسوأ” في الاحتلال، على مدار التاريخ.
وبمناسبة “يوم الأسير” أعلنت الهيئة، أن هناك 218 أسيرا ارتقوا شهداء بعد اعتقالهم، منذ عام 1967، منهم 73 بسبب التعذيب الذي تمارسه سلطات، وآخرين جراء الإهمال الطبي، والحرمان من العلاج، إضافة إلى7 معتقلين آخرين ارتقوا جراء إصابتهم برصاصات قاتلة من جنود جيش الاحتلال تحت حجج واهية.
وفي هذا اليوم، أوردت تقارير متخصصة أعداد الأسرى في سجون الاحتلال، وذكرت أنه لا يزال هناك أكثر من 6000 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، موزعين على 22 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، من بينها سحون تقع في “صحراء النقب”، ومن بينهم 250 من الأطفال، و47 أسيرة فلسطينية بينهن 22 أماً، إضافة إلى 430 معتقلا إداريا دون تهمة أو محاكمة، و19 صحافياً، ومئات من الأكاديميين والكفاءات العلمية والرياضيين.
ومن بين الأسرى هناك 1800 أسير يعانون من أمراض مختلفة، بينهم 180 أسيراً يعانون من أمراض خطيرة، و30 أسيراً يعانون من مرض السرطان، بالإضافة إلى 80 أسيرا يعانون من إعاقات جسدية وذهنية ونفسية.
وفي هذا السياق قال مركز أسرى فلسطين للدراسات، إن هناك 587 أسيرًا في سجون الاحتلال محكوم عليهم بالسجن المؤبد مدى الحياة، وأوضح المركز بمناسبة “يوم الأسير”، أن أعداد الأسرى المحكومين بالمؤبد ارتفعت خلال “انتفاضة القدس” التي اندلعت قبل ثلاث سنوات ونصف، ومن بين مجموع أسرى المؤبدات، هناك 46 أسيرا يطلق عليهم مصطلح “عمداء الأسرى”، كون أقلهم أمضى 20 عاماً خلف القضبان.
وفي هذه المناسبة، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن حريّة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين “تتصدر أهم أولويات سياستها الخارجية”، وأشادت في بيان لها، بتضحيات الأسرى، ووصفتهم بأنهم “حاملي لواء الأمل والحرية، والصامدين في وجه الاحتلال الغاشم”.
وأكدت أن استمرار “سياسة الاعتقال الجماعي التعسفي” التي تتبعها إسرائيل، ، تعد “جزءا لا يتجزأ من منظومة الاضطهاد والقمع التي تمارسها لديمومة نظامها الاستعماري في دولة فلسطين المحتلة”، لافتة إلى أن منظومة المحاكم الإسرائيلية، ومن ضمنها العسكرية “هي أذرع للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن سياسة الاعتقال تعد “جريمة ممنهجة وواسعة النطاق”، وتستخدم ضمن جملة من العقوبات الجماعية، وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسئوليته وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وخاصة الأطفال.
من جهتها أكدت حركة فتح على أولوية قضية تحرير الأسرى على أجندة العمل اليومي الوطني، واعتبرت النضال لتحريرهم معياراً للوفاء والاخلاص لمبادئ وأهداف حركة التحرر الوطنية، مؤكدة على استمرار الكفاح والنضال حتى تحقيق الأهداف الوطنية التي دفع الأسرى حريتهم ثمنا على دربها.
وأشارت إلى أن “جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية الاسرائيلية العنصرية بحق الأسرى جريمة حرب، يجب دفع المسؤولين عنها في المستويين العسكري والسياسي الى المحاكم الدولية المختصة”، وأكدت على ضرورة توفير كل أشكل الدعم والمؤازرة للأسرى في معاركهم البطولية.
من جهتها هنأت حركة حماس الأسرى بما حققوه من نصر في معركتهم الأخيرة بالإضراب عن الطعام، معتبرة أنها “جزء أصيل من مسيرة الثورة والتحرير، ومن انتصارات يراكمها شعبنا للوصول إلى التحرير الكامل”، وأكدت بمناسبة “يوم الأسير” أن قضيتهم “ستبقى على سلّم أولوياتنا”، مبينةً أن مناصرتهم في هذه المرحلة “ما هي إلا خطوة نحو نيل حريتهم الكبرى التي باتت قريبة”.
ودعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية وأحرار العالم إلى التحرّك الفاعل للضغط على الاحتلال من أجل وقف كل أشكال القمع والإجرام بحقهم والإفراج الفوري عنهم.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدري أبو بكر، في كلمة له خلال المسيرة “إن الأسرى رجال حرية وليسوا إرهابيين كما يصفهم ترامب”، وشدد “أن لا تراجع لموقف القيادة الفلسطينية من قضية الأسرى، ودفع رواتبهم مهما بلغت الضغوط”.
وفي الخليل جنوب الضفة، نظم العشرات وقفة تضامنية، وأكدوا على ضرورة إسناد الأسرى والوقوف إلى جانبهم والاستمرار في تنظيم المسيرات والوقفات لرفع معنويات الاسرى، وحتى تبقى قضية الأسرى على رأس الأولويات.
وفي نابلس شمال الضفة، نظم العشرات من أهالي الأسرى وقفة تضامنية طالبوا فيها المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الانسان التدخل لحماية الأسرى ووقف سياسة الإهمال الطبي.
ونظمت وقفات تضامنية في مدينة جنين، وطولكرم شمال الضفة الغربية، شارك فيها العشرات من أهالي الأسرى والنشطاء.
ويوافق 17 أبريل من كل عام، اليوم الوطني والعالمي لنصرة الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، والذي أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير عام 1974، خلال دورته العادية، وفاءً لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة وتضحياتهم، وللأسرى القابعين في المعتقلات الإسرائيلية، واعتباره يومًا لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم ودعم حقهم المشروع بالحرّية