الإندبندنت: إنهاء الحروب الأهلية في الشرق الأوسط سينهي على داعش لا ملاحقته عبر الإنترنت
نشر الكاتب باتريك كوكبيرن مقال في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية تقرير تحت عنوان “نستطيع وقف إرهاب تنظيم الدولة ولكن على الدولة الغربية حروب الوكالة في الشرق الأوسط”.
وقال كوكبيرن إن التنظيم ينتعش حيث توجد الفوضى وعلينا أن نحرمه من أوكسجين الفوضى لكي نقضي عليه، واشار إلي موقف الدول الغربية التي التزمت بالتحرك السريع لمواجهة تنظيم الدولة بعدما بدا واضحا أنه المسؤول عن مجازر الأحد في سريلانكا والتي قتل فيها 253 شخصا.
ونشر التنظيم شريط فيديو ظهر فيه زعيم المجموعة التي قادت الهجمات وهو زهران هاشم والذي أعلن مع المنفذين عن ولائهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وينتقد كوكبيرن ما اقترحه القادة الأوروبيون من أفعال لا تفعل الكثير لتدمير قدرات تنظيم الدولة، من مثل الحد من وصوله واستخدامه منابر التواصل الإجتماعي، وابتعدوا قدر الإمكان عن الحلول الناجعة التي تؤدي في النهاية للقضاء على التنظيم وتنفي أسباب وجوده.
ويرى الكاتب أن الطريقة المناسبة لإضعاف التنظيم ومنعه من تنظيم مذابح كتلك التي نفذها أتباعه في سريلانكا وهي وقف الحروب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الدائرة منذ أربعين عاما وأدت إلى ظهور تنظيم القاعدة وتلك التي استنسخت منه، وكان تنظيم الدولة الأشهر والأخطر.
وتنفي الحكومات مسؤوليتها عن بقاء تنظيم الدولة وتشير للحملة التي شنت ضده وانتهت بخسارته آخر قطعة من الأرض كانت واقعة تحت سيطرته في 23 آذار (مارس). فخسارته مناطقه لا تعني عدم قدرته على شن حرب عصابات كما فعل في سوريا والعراق. وهي هجمات لم يتم الإنتباه إليها لأنها جرت في الصحراء العراقية – السورية الواسعة أو لأنها استهدفت قوات نظام بشار الأسد.
ونشأ تنظيم الدولة من الحرب. ففي عام 2001 وبعد هجمات 9/11 كانت القاعدة مجرد مجموعة من الفروع الصغيرة التي لا يتعدى أعدادها المئات لدرجة أنها في أفغانستان استعانت بأبناء القبائل لكي يظهروا في أشرطتها الدعائية.
ومنح غزو العراق عام 2003 القاعدة الفرصة للتحول إلى خطر حقيقي على يد أبو مصعب الزرقاوي، لتتراجع إلى مجموعة صغيرة ومخابي تنتظر الفرصة بعد تعاون القوات الأمريكية مع الصحوات العراقية لإخراجها من معاقلها القوية.
ولم ينتظر التنظيم طويلا حيث حول الثورة السورية التي اندلعت عام 2011 لصالحه نظرا للخبرة والسلاح والرجال.
ويتذكر ما قاله قادة عراقيون في 2012/2013 أن استمرار الحرب السورية ستؤدي إلى تمرد في العراق. وكانوا محقين عندما شن التنظيم حربا خاطفة مكنته من احتلال ثلث العراق وسوريا، وسيطرة على الموصل ثاني كبرى المدن العراقية والرقة التي جعلها عاصمة لخلافته.
وتردد الغرب بعمل شيء ضد التهديد الجديد يمكن أن يستفيد من الروس والإيرانيون ونظام الأسد الذين ظلوا يطالبون برحيله مع أنه كان ينتصر.
وكان تحريك خلية النحل السورية لوقف إيران وروسيا والأسد من صالح التنظيم الذي تأكد من تشرذم المعارضة ضده. فالفرصة لنمو وازدهار التنظيم تحدث عندما تكون الحكومة المركزية ضعيفة أو غير موجودة.
وعندما خسر التنظيم مناطقه نقل ما تبقى لديه من قوات إلى العراق والصحراء السورية حيث بدأ حملات اغتيال وتفجيرات انتحارية ونصب مكامن للمقاتلين الأكراد وقتل في تدمر هذا الشهر 37 من المقاتلين الموالين لنظام دمشق.
وتم تفعيل الخلايا النائمة حول العاصمة بغداد والتي شن التنظيم عبرها حملات دموية قتلت الألاف. ولن يمر وقت طويل قبل أن ينفذ مذبحة كسريلانكا في بغداد التي قتلت آخر عملية في 3 يوليو 2017 340 عندما انفجرت سيارة إطفاء محشوة بالمتفجرات.
ويرى الكاتب أن هذه هي اللحظة التي يجب أن تتحرك فيها الولايات المتحدة لعمل شيء. وبدلا من ذلك تقوم بالضغط على الحكومة العراقية لتطبيق العقوبات الأمريكية على إيران. ونفس الوضع يتكرر في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تدور أكثر من سبع حروب، صغيرة وكبيرة من أفغانستان إلى العراق واليمن وليبيا والصومال إلى نيجيريا، وهي حروب تتصاعد وتيرتها وتخفت أحيانا لكنها لا تتوقف.
والحروب هذه تعد أرضية خصبة لتنظيم الدولة، وأهم مثال على هذا هي ليبيا التي تدعم فيها مصر والسعودية والإمارات وروسيا وفرنسا الجنرال خليفة حفتر في هجومه على الحكومة الشرعية في طرابلس التي تحظى بدعم إيطالي وتونسي وجزائري وقطري وتركي.
وتتكرر الإنقسامات في كل نزاع مما يعطي تنظيم الدولة الفرصة للإنتعاش والنمو والتنظيم والهجوم. وفي النهاية يجب وضع هجمات التنظيم بطريقة متناسبة، فكما في باريس وبغداد وكولومبو لا تؤدي هذه المذابح للإنتصار بالحرب، وهزيمة الجهاديين على الأرض حقيقية ولا تراجع عنها. وهذا لا يعني عدم محاولة التنظيم إعادة خلق نفسه وشن حرب عصابات يعتمد على الهجمات الإرهابية.
ومن هنا فالحديث عن قطع شريان الحياة عن التنظيم عبر وسائل التواصل الإجتماعي مضلل. فهو يستطيع العيش بدونها، فالحركات النازية والخمير الحمر في كمبوديا عاشت واستمرت قبل ظهور منابر تواصل اجتماعي. والحل هو وقف الحروب الأهلية التي انتجته، فمعظم مناطق الشرق الأوسط تحولت إلى ساحات حروب وتنافس إقليمي ودولي وطالما بقيت سيظل التنظيم موجودا.