الإسلاميون الموريتانيون يتحركون ويدعون للإصلاح وللحوار الشامل
أجمع قادة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) في سلسلة تدوينات أمس على نجاح حزبهم في إيصال مجموعة من الرسائل المهمة خلال مهرجانه الضخم الذي نظمه مساء السبت وشارك فيه المئات من نشطاء ونشيطات هذا الحزب الذي يقود مؤسسة المعارضة، والذي هو أكثر الأحزاب السياسية الموريتانية تنظيماً، وأكبرها كتلة في البرلمان.
وضمن تقييم للأشهر الثلاثة التي حكمها حتى الآن الرئيس الغزواني، أعلن الدكتور محمد محمود ولد سيدي، رئيس حزب التجمع، أمام المئات من أنصار الحزب «أنهم في حزب التجمع غير راضين تماماً عن الوتيرة التي يسير بها الإصلاح، وأنهم حريصون على أن يجد المجتمع الموريتاني ما يحتاجه من إصلاح على جميع المستويات».
وقال: «نحن نرحب بالنفس الانفتاحي الجديد على المعارضة، رغم ما شاب مرحلة ما بعد الانتخابات من احتقان كاد أن يخرج عن السيطرة».
وأضاف: «نحن لا نحتكر الإصلاح، وإنما نحن سعاة للإصلاح كغيرنا وعلى استعداد لنساعد من يعمل على الإصلاح، ونحتفظ بالشراكة السياسية والاجتماعية ونمد يدنا للجميع، ونتشرف بأن نكون شريكاً في الإصلاح من موقعنا في المعارضة، نريد مشروعاً موريتانياً يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، وإصلاحاً يتكامل فيه دور النظام والمعارضة، وندعو لحوار وطني شامل للتعاون في إيجاد رؤية موحدة وشاملة لهذا البلد».
وأكد الدكتور ولد سييدي «أنه يجب التحضير لحرب مع المزورين، فمزورو الأدوية قتلة يجب التصدي لهم، تماماً كما يجب التصدي لجميع أنواع التزوير، ونطالب السلطات العليا بالكشف عن حقيقة ثروتنا المرتقبة (إشارة للغاز المكتشف) وما هي أنواع الصفقات التي ستتخذ لاستخراج هذه الثروة».
وقال: «نطالب بتفعيل الحريات ومنح الجميع حقوقهم التي يتمتعون بها وسن قوانين تجرم التمييز العنصري، مضيفاً قوله: «أمننا أصبح مهترئاً، وعلى الجهات المعنية أن تتصدى للجريمة المنظمة ومحاربة تسويق المخدرات».
وأكد رئيس حزب التجمع «أن موريتانيا تمتلك أراضي شاسعة صالحة للزراعة لا يستغل منها سوى نسبة ضئيلة، فضلاً عن الثروات الحيوانية، ومع ذلك فهي رهينة استيراد حاجاتها الاستهلاكية الأساسية من الخارج».
وقال: «الهزات التي عرفها البلدان من حولنا مثل لبنان والعراق والسودان لا بد وأن تصل إلينا، وعلينا أن نتوحد لنهيئ للتغيير بإجماع يحمي بلدنا من الخراب».
وشدد رئيس حزب التجمع التأكيد على «أن حزبه يطالب بحوار وطني يشمل جميع القوى الوطنية حول التعليم والصحة والثروات»، مبرزاً «أن حزبه سيطلق رؤيته قريباً بخصوص جميع القضايا الوطنية المطروحة».
وأطلق إسلاميو موريتانيا المنضوون في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، مساء السبت، حراكاً سياسياً كبيراً عبر مهرجان ضخم تحت عنوان «إصلاح لا يحتمل التأجيل».
واستهدف المهرجان تسخين الساحة السياسية الموريتانية الراكدة بفعل السبات الذي دخلته أحزاب المعارضة بعد الانتخابات الرئاسية التي أفقدت المعارضة مصداقيتها السياسية لضآلة النتائج التي حصلت عليها في استحقاقات يونيو/حزيران الماضي.
وجاء هذا الحراك تالياً لمقابلات أجراها الرئيس الشيخ الغزواني مع زعماء المعارضة ومع مرشحيها خصص آخرها لرئيس حزب «تواصل»، وذلك في خطوة استهدفت تهدئة الساحة السياسية الموريتانية التي تركها الرئيس السابق في حالة بالغة التأزم.
وفي تعليق له على مهرجان السبت، أكد الأستاذ محمد جميل منصور، رئيس حزب التجمع السابق، وأحد كبار مفكري وقادة الحزب أن «مهرجان حزب التجمع نجح في توصيل رسائل سياسية مهمة وتشبعت كلمات المتحدثين والمتحدثات فيه بنفس إصلاحي واضح، ورحبوا بأي خطوة إصلاحية، مؤكدين أن موقعهم المعارض لا يمنعهم من ذلك، وفي كلمته الختامية، أكد الرئيس محمد محمود ولد سيدي على هذه المعاني، مبدياً استعدادهم في حزب التجمع لشراكة وطنية من أجل الإصلاح من موقع المعارضة».
«الإصلاح، يضيف الرئيس جميل، مطلب ملح وبعض منه لا يحتمل ولا يقبل التأجيل ولا يضر بالإصلاح والدعوة إلى شيء مثلما تفعل دعوات المبطنة الذين يرون في كل سبب مبرراً لتأجيله تأجيلاً يتحول إلى تجاهل أو إلغاء أو دعوات التعجيل من غير روية ولا تدرج، الحل في الإصلاح ومساراته ما بين الفورية في الذي يتطلبها والشروع في الذي يقتضي بعض تدرج أو تهيئة وتمهيد».
وقال: «من حق حزب التجمع ومعه في ذلك قطاع واسع من المواطنين، أن يطلبوا تسريع وتوسيع الإصلاحات، ومن واجب السلطة أن تسرع وتشرح وتطمئن».
وفي سياق متصل، أكد أحمدوا، الوديعة الإعلامي البارز والقيادي في حزب التجمع أن «مهرجان حزب «تواصل» نجح في رسم بوصلة يحتاجها الوطن والمعارضة ومجمل النظام السياسي؛ حين حدد الإصلاح هدفاً، وجدد التمسك بالشراكة الوطنية والرغبة فيها من موقع قيادة المعارضة، ووضع الإصبع على عناوين الإصلاح الذي لا يحتمل التأجيل».
وقال: «وفق رئيس الحزب الدكتور محمد محمود ولد سيدي في تقديم لوحة قيادة هي في الواقع عناوين برنامج عمل وطني شامل مفتتحه حوار وطني شامل يضع كل قضايا الوطن على طاولة يجلس حولها كل أبناء الوطن، وعماده تقوية البناء الداخلي وإقامة العدل والإنفاذ الصارم للقوانين المجرمة للاسترقاق وسن قوانين تجرم العنصرية وكل أشكال التمييز، وفي تفاصيله خطوات إصلاحية جوهرية تمس كل جوانب الحياة من محاسبة الضالعين في عشرية النهب إلى محاربة مزوري الأدوية والأغذية ومزوري إرادتنا الشعبية منذ عقود».
وقال: «أحسبه من أكثر مهرجانات الحزب نجاحاً بمعايير توقيته وحجم وتنوع ووضوح وتوازن وعمق رسائله، فهذا يوم وضع فيه التواصليون لبنة في مستقبل موريتانيا؛ والسياسة في جوهرها هي ملك رؤية في وقت الحيرة ورسم طريق في لحظة ارتباك وفتح أفق في مناخ يضرب فيه الضباب بالأطناب».
وبهذا المهرجان يتصدر حزب التجمع المشهد السياسي الموريتاني المعارض، مثبتاً بقدرته التعبوية وشعبيته الجاهزة أنه الحزب الوحيد القائم بمقره وقيادته وبرنامجه وتماسكه، وذلك بالرغم من أنه شهد انسحابات لعدد من رموزه خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وحصل الإسلاميون الموريتانيون بعد عناء كبير، عام 2007 في ظل حكم الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله، على الاعتراف السياسي بحزبهم، حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، الذي حقق منذ تأسيسه قفزات نوعية في التمدد على الساحة الموريتانية.
وقبل ذلك، حاول الإسلاميون الموريتانيون عام 1994 تأسيس حزب سياسي سموه تاريخئذ «حزب الأمة» غير أن نظام العقيد ولد الطايع وقف دون ذلك، فاضطر الإخوان لممارسة العمل السياسي من داخل الأحزاب المعترف بها، ثم أسسوا عام 2001 مجموعة الإصلاحيين الوسطيين التي قدمت نفسها للرأي العام على أنها «مجموعة معتدلة في فكرها وسطية في رؤاها بعيدة عن العنف مؤمنة بالديمقراطية»، ولم يشفع كل ذلك لها.وجددت الجماعة مساعي الحصول على الاعتراف بحزبها بعد سقوط نظام ولد الطايع في انقلاب عام 2005، غير أن المجلس العسكري الذي حكم بعده رفض ذلك.