الإرهاب من سريلانكا إلي سيناء
بين تهديدات الإرهاب في سيناء وعمليات الإرهاب التي نفذت في سيريلانكا، تطفو دروس ينبغي استيعابها.
قبل نحو ثلاث سنوات زرت مع عدد من رجال الأمن الإسرائيليين السابقين سيريلانكا. قدمنا هناك ورشة عمل قصيرة في موضوع التقديرات لعمليات الإرهاب. الجمهور، في معظمه ضباط في أذرع الأمن في الدولة ـ استمع بأدب، ولكن مشكوك أن يكون قد تأثر واستوعب الرسائل. ففي نهاية المطاف شكلت سيريلانكا مثالاً على نجاح أمني مثير للانطباع. في 2009 نجحت قوات الحكومة في القضاء على مقاومة «النمور التميلية» ـ ميليشيا عنيفة كانت تمثل الأقلية التميلية التي طالبت بإقامة دولة مستقلة في القسم الشمالي من الجزيرة. وأجادت الحكومة في سيريلانكا في حينه في قمع التمرد ولكن فور ذلك حققت أيضاً مصالحة وطنية. لشدة الأسف، كما رأينا هذا الأسبوع ـ هذا لا يدور أبداً.
لقد فشل الحكم الحالي في سيريلانكا مثل الفشل الأمريكي في 2001. وبقدر كبير أيضاً مثل فشلنا في بداية الانتفاضة الثانية. في أوروبا أيضاً يمكن أن نرى المرة تلو الأخرى فشلًا مشابهاً. يدور الحديث عن صعوبة الحكم وقوات الأمن في ملاءمة الرد الأمني مع الظروف المتغيرة. هناك ثلاثة دروس صحيحة لكل الدول التي أشرت إليها ولكثيرة غيرها وثلاثتها تتعلق بموضوع الاستخبارات.
إن الصعوبة في مكافحة الإرهاب تنبع أولاً وقبل كل شيء من عدم معرفة «من هو العدو». لشدة الحظ توجد اليوم تكنولوجيات مذهلة قادرة على أن تدمج بين معلومات في الإنترنت (حتى في جانبها «الغامض») والقدرة على الاستماع لكل هاتف أو حاسوب ومعرفة كل شيء.
يمكن لمحركات البحث المتطورة أن تعثر بشكل مذهل تقريباً على كل واحد يعنى بالتخطيط لعملية إرهابية. وبشكل غريب تواصل حكومات أجنبية استثمار المليارات في شراء الطائرات، والدبابات والسفن الحربية بدلاً من استثمار ملايين غير كثيرة في اقتناء قدرة استخبارية متطورة. أمر ثان هو الاتصال بين محافل الاستخبارات المختلفة. مثلما كان في الولايات المتحدة قبل 11 سبتمبر، ومثلما كان عندنا قبل 20 سنة، هكذا على ما يبدو كانت هذه المرة في سيريلانكا. ثمة معلومات استخبارية محددة ولكنها لم تصل على ما يبدو لمن يفترض به أن يعمل. حدث تأسيسي في إسرائيل كانت العملية في بار «مايكس بليس» في نيسان 2003. مخربان مع جواز سفر بريطاني سافرا إلى الأردن، ومن هناك انتقلا إلى الضفة الغربية ومنها إلى إسرائيل، وإلى غزة وعادا إلى تل أبيب، حيث نفذا العملية. من كان يفترض أن يحبط ذلك؟ وبالفعل، حين كان الرجلان في انجلترا كانت المسؤولية على الموساد. وعندما كانا في الأردن كانت المسؤولية على «أمان» (شعبة الاستخبارات العسكرية)، وعندما كان في الضفة أو في غزة كانت المسؤولية على الشاباك. وعندما كانا في إسرائيل كانت المسؤولية (أيضاً) على الشرطة. وبالتالي فقد كان الاستنتاج في إسرائيل بسيطاً ـ كل جهاز استخبارات: الموساد، أمان، الشاباك، يعمل في جبهته، ولكن المعلومات كلها تتدفق «إلى وعاء واحد كبير» وكل واحد يمكنه بل ومطلوب منه أن يستخدمها. الدرس الثالث هو أهمية التعاون الدولي. فمنذ وجود القاعدة وداعش أصبح الإرهاب نشاطاً دولياً. أمس أخذ داعش المسؤولية عن العملية في سيريلانكا. والاستخبارات التي جمعت في الدولة أ يمكن أن تكون مفيدة للدولة ب. وعليه، فحتى لو كان هناك توتر سياسي بين الدول (الهند -سيريلانكا؛ إسرائيل ـ مصر) فإن الحاجة إلى التعاون في كل ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، يفترض أن تكون مصلحة عليا.
هذه الدروس الثلاثة قديمة ومعروفة، ولكن لشدة الأسف فإن حدثاً صادماً يقع لديها في البيت وحده يدفع الحكومات إلى تبني السياسة الصحيحة.