الأسد منح المزيد من القوة بعد العدوان الثلاثي
رأى الكاتب الأمريكي مارك ثيسن، أن بشار الأسد، رئيس النظام السوري، “خرج منتصراً” عقب الضربة التي وجّهتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فجر السبت الماضي، واستهدفت البنية التحتية للسلاح الكيماوي السوري رداً على مجزرة دوما.
وأوضح الكاتب في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست”، أنه في العام 2013، وبعد أن عبر الديكتاتور السوري بشار الأسد، الخط الأحمر الذي حدّده الرئيس السابق، باراك أوباما، واستخدم الأسلحة الكيماوية، قال مسؤول أمريكي لصحيفة “لوس أنجلس تايمز” إن ضربة انتقامية ليست مدمّرة لدرجة تثير ردّ فعل إيران وروسيا كان ينوي توجيهها، لكنه تراجع.
واعتبر أن الرئيس دونالد ترامب يستحقّ لقب الأفضل في التمثيل لمرتين؛ فهو فعل ما لم يفعله أوباما، كما أنه نجح في الحصول على دعم الحلفاء، عكس أوباما.
ولكن دعونا نكن صريحين، يقول الكاتب، إن ضربات فجر السبت الماضي كانت مجرد استعراض عضلات، ونتيجة لذلك فإنها ألحقت مزيداً من الضرر بمصداقية الولايات المتحدة على المستوى العالمي أكثر من الضّرر الذي لحق بالأسد.
وقال إن الضربة العسكرية لم تستهدف طائرة أو مطاراً، وانتهت دون أن تدمّر قدرات الأسد الكيماوية، فحتى المواقع التي تم استهدافها كان لدى النظام متّسع من الوقت لنقل المعدّات والمخزونات الكيماوية منها، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات على الأرض.
ويرى الكاتب أن الأسد يدرك أنه “خرج منتصراً” من تلك المواجهة؛ فالأهداف التي وضعها التحالف الغربي لم تتحقّق، وبحسب الجنرال المتقاعد جاك كين، نائب رئيس الأركان السابق، فإن لدى السوريين المؤيّدين للنظام سبباً وجيهاً للاحتفال عقب الضربة.
وأضاف: “لقد كان الردّ ضعيفاً، بينما كان ينبغي أن يكون حاسماً. قام الأسد بالرهان على الكيماوي وفاز؛ لقد أراد أن يُخرج المقاتلين المعارضين من آخر معاقلهم قرب دمشق، فلجأ إلى استخدام الكيماوي بعد مقاومة المعارضة المسلّحة طوال سنوات”.
ولفت إلى أن الأسد أدرك أن استخدامه السلاح الكيماوي سيحقق له النصر، وأن أي ضربة عقابية له عقب استخدام هذا السلاح لن تكون كبيرة. “برأيي لم تتم معاقبته، بل على العكس تماماً”، بحسب الكاتب.
واستطرد الكاتب: “الردّ الضعيف على استخدام الأسد للسلاح الكيماوي سيشجّع حلفاءه (روسيا وإيران) على المزيد من التوسّع وتقديم الدعم لهذا النظام الديكتاتوري”.
كما أن هذا الردّ الضعيف، بوصف الكاتب، أوصل رسالة إلى كوريا الشمالية التي حتماً ستقرأ ردّ ترامب بأنه ضعيف، فإذا كان خائفاً من ردّ فعل روسيا على أي عمل عسكري كبير قد يلجأ إليه في سوريا، فإن كيم جونغ أون، الزعيم الكوري الشمالي، يفهم أن الرئيس الأمريكي “لن يُقدم على أي عمل ضد بيونغ يانغ يمكن أن يدفعها إلى قصف جارتها الجنوبية”.
ويشير إلى أن ما جرى في سوريا يمثّل نكسة كبيرة لجهود ترامب في كوريا الشمالية ومنعها من تطوير قدراتها الصاروخية التي تهدّد المدن الأمريكية بالقذائف النووية؛ فالطريقة الوحيدة التي تستطيع الولايات المتحدة إقناع كوريا الشمالية بالتخلّي السلمي عن سعيها للحصول على هذه الأسلحة هو إذا كان كيم يعتقد أن تهديد ترامب بالقوة العسكرية له مصداقيّة، لكن بعد تصرّف الولايات المتحدة الأخير في سوريا فإن مصداقية واشنطن ضعفت.
وتشير التقارير الإخبارية إلى أن ترامب يريد توجيه ضربات أكثر قوة، لكنه يواجه بمقاومة من وزير دفاعه جيمس ماتيس، وهو نفس الرجل الذي قاوم إعطاء خيارات ترامب العسكرية القوية لكوريا الشمالية.
وإذا كانت هذه التقارير دقيقة فإن ماتيس، بدلاً من تحجيم ردّ الفعل الأمريكي في سوريا حتى لا يظهر بأنه مبالغ فيه، ومن ثم سقوط عدد كبير من الضحايا، فإنه أوصل رسالة بأن ما قامت به الولايات المتحدة دليل ضعف وليس دليل قوة.