الأردن يلغي تأشيرة الدخول لحاملي الجنسية الإسرائيلية
لم تنته التكهنات والتساؤلات خلال الأيام الماضية في الأردن، بعد تناقل وسائل إعلام إسرائيلية وأخرى محلية، خبر قرار أردني يتضمن إلغاء رسوم تأشيرة دخول السياح الإسرائيليين القادمين من معبر وادي عربة.
القرار الذي قيل إنه جاء مستهدِفاً فلسطينيي الداخل، بسبب أعدادهم غير القليلة التي تزور منطقة العقبة والبحر الميت ووادي رم، بُرِّر بهدف تنشيط السياحة، إلا أن مراقبين للشأن المحلي، وإن اقتنعوا بمبررات القرار، يؤكدون أنه لا فصل بين السياسة والسياحة، باعتبار أن تسهيل حركة مواطنين عبر بلدين يعني أن له ملحقات سياسية.
وبحسب الخبراء، فإن القرار المتعلق بالجانب السياحي، يأتي في ظلِّ الحديث عن قضايا سياسية ذات علاقة مع الجانب الإسرائيلي.
لماذا هذا القرار؟
في العاشر من يوليو/تموز الجاري، اتُّخذ قرارٌ من قبل مجلس المفوضين في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، بعدم شمول حَمَلَة الجنسية الإسرائيلية بكافة الترتيبات والإجراءات المتَّخذة في معبر وادي عربة، بموجب قرارات المجلس السابقة، واستثناء حملة هذه الجنسية من شرط المبيت لمدة يومين أو دفع البدلات فقط.
وأكد الخبر أن السلطات الأردنية قرَّرت إلغاء رسوم تأشيرة الدخول للسياح الإسرائيليين، الذين يتوجهون إلى المملكة بهدف السياحة؛ إذ كان على السائح الإسرائيلي الذي يريد دخول الأردن لساعات دفع رسوم دخول بمقدار 60 ديناراً أردنياً، فيما مَن أراد قضاء أكثر من ليلتين في الأردن عليه دفع 40 ديناراً.
الناطق الإعلامي لسلطة مفوضية العقبة عبدالمهدي القطامين، شرح تفاصيل القرار، والأسباب التي دعت لاتخاذه، وقال: «إنه قبل سنتين في يوليو/تموز 2015، اتَّخذت مفوضية العقبة قراراً بفرض رسوم دخول للسياحة الإسرائيلية للأراضي الأردنية من معبر وادي عربة، قدرها 60 ديناراً، لمن يحمل الجنسية الإسرائيلية، أو جواز السفر الإسرائيلي من فلسطينيي 48».
وتابع القطامين في حديثه لـ «عربي بوست»، في حينها كانت السياحة الإسرائيلية تتم ليوم واحد، من خلال المعبر، إلى العقبة ووادي رم والبتراء، حتى إن السائح كان يجلب وجبات طعامه من حيث أتى، ويعود بنفس اليوم، على نحو لا يخلق تأثيراً أو استفادة على صعيد الحركة السياحية والتجارية في المنطقة.
وأشار أنه، في حينها أيضاً، كان القرار مشروطاً بأنه في حال أثبت السائح أنه قام بالمبيت في العقبة أو وادي رم أو البتراء أو أي منطقة أردنية، عندما يعود من المعبر تُصرف له الـ60 ديناراً، على نحو يشير إلى أن المبيت قد خلق حركة تجارية وسياحية استفادت منها قطاعات مختلفة.
فلسطنيو الداخل طلبوا ذلك
القطامين شرح أنه في اتصالات مع عدد من فلسطينيي الداخل، ولقاءات جرت مع المكاتب السياحية داخل الخط الأخضر، طلب الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية إزالة الرسم المالي، مشيرين إلى قدرتهم على زيادة الحركة السياحية، الأمر الذي دعا مفوضية العقبة إلى إيقاف العمل بالقرار السابق، وعدم تقاضي أي رسم من حملة الجنسية الإسرائيلية لعرب 48.
يلفت الناطق الإعلامي إلى أن القرار يشمل كلَّ مَن يحمل الجنسية الإسرائيلية، لكن القرار جاء مستهدفاً عرب 48، الذين يمثلون العدد الأكبر من السياح القادمين للأردن، عبر معبر وادي عربة، على نحو يتوقع معه زيادة الحركة السياحية وانعكاسها على الجانب السياحي والاقتصادي.
وعلى الرغم من أن اتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994 أنهت قرابة خمسة عقود من الصراع الرسمي بين الأردن ودولة الاحتلال، إلا أن العلاقة لم تشهد تحسناً وتطبيعاً شعبياً، فأصبحت العلاقات محصورة بين الحكومات وبعض العلاقات التجارية لأصحاب رؤوس الأموال.
السياحة الإسرائيلية قد تنشط الاقتصاد الأردني
يؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، على وجود أعداد كثيرة من عرب 48 يزورون الأردن للسياحة، والإقامة بفنادق البحر الميت والعقبة ومناطق سياحية أخرى، لافتاً إلى أن الأردن بموضوع السياحة مع الإسرائيلين لم يكن يستفيد من تلك السياحة؛ إذ كانوا يأتون لزيارة سياحية ويعودون في نفس اليوم، حتى إنهم تكون معهم وجبات طعامهم، ومنهم مَن يسرق مستلزمات الفنادق التي كانوا يقيمون فيها.
يتابع، من خلال القرار يعول على السياحة الإسرائيلية لتفعيل الحركة السياحية في الأردن، واستفادة القطاعات الاقتصادية المختلفة من تلك الحركة السياحية، خاصة في ظل الأرقام التي تُطرح على الصعيد الرسمي، المتعلقة بزيادة الإيرادات السياحية خلال الفترة الحالية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
يعاني الفلسطينيون المقيمون في غزة والضفة الغربية من حملة جوازات السلطة الفلسطينية أثناء مغادرة أراضيهم لأي مكان في العالم سواء كان ذلك عبر مصر أو الأردن
يوضح عايش في حديثه لـ «عربي بوست»، أن القرار يعتبر خطوة تعكس رغبة الأردن في زيادة النشاط السياحي مع الجانب الإسرائيلي، بتسهيل حركة المواطنين بين البلدين، وهو ما لا ينفصل عن السياسة، لافتاً إلى أن العلاقة مع الجانب الإسرائيلي قد تعكس نية غير معلنة، بزيادة العلاقة على خلفيات سياسية منتظرة.
وبحسبه، فإن تطوير العلاقات قد يبدأ في السياحة، من خلال أنشطة صغيرة تمهِّد لأنشطة أكبر في تطوير العلاقات.
وكانت العلاقات الأردنية الإسرائيلية قد شهدت توتراً حاداً، الصيف الماضي، عقب إقدام حارس السفارة الإسرائيلية على قتل أردنيين اثنين، قبل أن يستطيع الإسرائيليون تهريبه خارج الأردن سريعاً، اعتماداً على الحصانة الدبلوماسية التي توفرها الاتفاقات الدولية. على الجانب الآخر فإن الإسرائيليين يعتبرون العلاقات مع الأردن «عميقة وغير معلنة»، بحسب ما يصفها الإعلام الإسرائيلي.
ويتمتع أكثر من 2 مليون لاجئ فلسطيني بالمواطنة الأردنية الكاملة، فيما يمتلك بعضهم وثائق سفر أردنية مؤقتة، لا تخوّلهم حقَّ المواطنة الكاملة، كحق التصويت، وحق التوظيف في الدوائر الحكومية.