الآلاف يتطوعون ليمرضوا عمداً بكورونا
بينما أُصيب معظم سكان الأراضي بهوس تجنّب الإصابة بمرض كوفيد-19 على حساب أي شيء، هناك مجموعة من الناس حول العالم وتزداد عدداً يوماً بعد يوم، يقولون إنهم مستعدون للإصابة بالفيروس عن عمد.
وتقول شبكة CNN الأمريكية إن عشرات الآلاف من الناس سجلوا في حملة تابعة لمجموعة تدعى 1 Day Sooner لتلقِّي لقاح تجريبي مرشَّح وبعدها يتعرضون لفيروس كورونا في ظروف محكومة.
تجارب التحدي البشرية
بالرغم من الجدل المحيط بما يعرف باسم تجارب التحدي البشرية، فإنها ليست جديدة. فقد سبق استخدامها مع الكوليرا والتيفود والملاريا وحتى نزلات البرد. لكن المختلف عن هذه الأمراض، هو أننا لم نصل بعد لعلاج كامل فعال لكوفيد-19، في حال فشل اللقاح التجريبي.
ويقول الخبراء إن المتطوعين في تجارب التحدي يتلقون عادة تعويضاً عن وقتهم ومجهودهم، لكن المنظِّمين لا بد لهم من الحذر من دفع الكثير حتى لا يتحول الأمر لقوة مادية لا تقاوم.
فيما يقول النقاد كذلك إن تجارب التحدي محدودة لأن الشباب الأصحاء الذين يشاركون لا يمثلون الطبقة العريضة من السكان.
التعرض للفيروس عمداً
لكن منذ بداية الشهر الماضي، قالت الحكومة البريطانية إنها تخوض محادثات للاشتراك في مثل هذه التجربة، التي ستكون الأولى في العالم بالنسبة لفيروس كورونا.
وأوضح بالفعل العديد من كبار صناع اللقاحات، مثل شركة AstraZeneca وشركة Sanofi وشركة BioNTech ، أنهم ليسوا مهتمين بالمشاركة. وهناك 11 لقاحاً مرشحاً في تجارب المرحلة الثالثة، يتلقى فيها عشرات الآلاف من الأشخاص اللقاح، ويخرجون ليعيشون حياتهم الطبيعية، ويُفحصون باستمرار لمعرفة ما إذا أُصيبوا بكوفيد-19.
في تجارب المرحلة الثالثة، هناك دائماً مجموعة تتلقى علاجاً مزيفاً، لوجود مرجعية لمعدلات العدوى. لكنَّ هناك اختلافاً كبيراً بين الإصابة بالمرض في حياتك اليومية، والتعرض للفيروس عمداً، حتى مع الوجود في بيئة طبية.
هناك جدل مثار حول حاجة تجارب فيروس كورونا لمجموعة تحكم تتلقى علاجاً وهمياً. قال تيرينس ستيفنسون، الذي يرأس هيئة البحوث الصحية، إن الأمر لن يتطلب ذلك. بينما قال ستيفنسون وقال بيتر سميث من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي إن الأمر ليس أكيداً بعد.
قال سميث: “المشكلة تتجسد بالأساس في أنك إذا أعطيت مجموعة من المتطوعين لقاحاً، ثم تحديتهم، ولم يصب أي منهم بالمرض، فهل هذا بسبب أن اللقاح كان فعالاً، أم لأنه كان هناك خطأ ما بالطريقة التي عرضتهم بها للعدوى وهو ما جعلهم لا يصابون؟ ولا يمكنك الإجابة على هذا السؤال إجابة قاطعة دون مجموعة تتلقى علاجاً وهمياً لتحكم التجربة”.
مخاطرة وتحدي
ولا عجب في أن مشاركة أليستر فريزر أوركهارت -أحد المتطوعين- الحماسية في التجارب جعلت والده يتردد. قال والده أندرو أوركهارت، 52 عاماً: “بالتأكيد هذا ليس شيئاً تتمنى أن يفعله ابنك”. وأضاف ضاحكاً: “أول ما خطر ببالي كان، حسناً الآن أعرف ما الذي كان يفعله في غرفته في الأسابيع الثلاثة الماضية على حاسوبه”.
وقد تحدثا عما قد تتضمنه التجربة، وبرغم وجود “تورم في الحلق” أدرك أليستر، الذي يتحدث عن تعقيد العلوم في تجارب التحدي بلسان لا يتناسب مع سنه، أنه في مرحلة اللاعودة.
وقال أندرو: “إنها مهمة في طليعة العلوم والتكنولوجيا”. وأضاف: “إنها منفعة للآخرين. إنه عمل أكثر من شجاع. إنه أمر مختلف قليلاً. وتلك هي صفات ابني باختصار. وبالتالي عندما تصيغها بهذه الطريقة، فلا عجب إطلاقاً”.
تجدر الإشارة إلى أن الخطر قليل بكل تأكيد، لكنه ليس معدوماً. إذ إن أقل من 1% من وفيات كوفيد-19 في الولايات المتحدة كانت من بين من سنهم 34 أو أصغر. لكن العواقب الصحية طويلة المدى للإصابة بالفيروس لا تزال غير مفهومة بالكامل.
بالنسبة لأليستر، كان هذا السبب وحده كافياً لإجراء تجارب التحدي، للإسراع من نهاية الجائحة، ومساعدة المزيد من عموم الناس على مواجهة هذه العواقب طويلة المدى. وقال: “إذا كان سيحين وقتٌ مناسبٌ من أجل أن نجمح ونكتشف مدى قدرتنا لإنجاز الأشياء بسرعة، ومدى جودتها، ونخاطر من أجل آخرين، فإنه الآن”.