اكتشاف أقدم قبو في لندن
كُشِفَ عن قبو تجميد ضخم يعود تاريخه للقرن الثامن عشر وكان يُستخدَم مخزناً للحانات والمستشفيات القريبة منه في لندن.
القبو البيضاوي المبني بالطوب الأحمر اكتشف أثناء أعمال مشروع إعادة تطوير الهلال الملكي الذي بُنِيَ في العصر الجورجي ويقع في شارع ريجنت.
وجديرٌ بالذكر أنَّ مُصمِّم هذا القبو التاريخي المُصنَّف ضمن مباني الدرجة الأولى في لندن هو المعماري الويلزي البارع جون ناش، الذي صمَّم كذلك قصر باكنغهام في أوائل القرن التاسع عشر.
واستخدمه رائد الأعمال ويليام ليفتويتش الذي كان يُتاجِر في الثلج.
استيراد 300 طن من الجليد للتخزين في القبو
استورد ليفتويتش 300 طنٍّ من الجليد من بحيرات النرويج في عشرينيات القرن التاسع عشر، وخزَّنها في ذلك القبو.
وكان الثلج النظيف يُستخَدم في تخدير المرضى قبل خضوعهم للإجراءات الطبية وعلاج أسنانهم، وكذلك للحفاظ على الغذاء، وإعداد أطعمةٍ شهية مُجمَّدة غريبة.
وجديرٌ بالذكر أنَّ القبو نفسه -الذي تبلغ أبعاده 7.5 متر و9.5 متر- نجا من قصف لندن، على الرغم من تدمير المنازل الموجودة أعلاه.
وكان هذا القبو واحداً من أكبر الأقباء حين بُنِيَ في ذلك الوقت.
ويُعتَقَد أنَّ سامويل داش -الذي كان له ارتباطٌ عائلي بصناعة الخمور- كان وراء بنائه في الأساس.
وبعد ذلك بعقود، سُمِح لليفتويتش بتخزين ثلج عالي الجودة وتوريده إلى نُخب لندن في العصر الجورجي، قبل وقتٍ طويل من اكتشاف إمكانية تصنيع الثلج بطُرقٍ صناعية.
إذ كان من العادات الراقية آنذاك تقديم جميع أنواع الحلويات المجمدة وغيرها من الأطعمة المُجمَّدة في الولائم الفخمة.
الطلب على الثلج كان مرتفعاً في هذه الفترة..
وكان الطلب على الثلج مرتفعاً أيضاً من جانب تُجَّار الأطعمة والمؤسسات الطبية وتُجَّار المواد الغذائية.
وكان الثلج يُجمَع عادةً من القنوات والبحيرات البريطانية في فصل الشتاء ثم يُخزَّن، لكنَّه كان قذراً في كثير من الأحيان، والكميات المعروضة منه كانت غير جديرةٍ بالثقة.
لذا كان ليفتويتش من أوائل الأشخاص الذين أدركوا إمكانية تحقيق ربحٍ من الثلج المستورد.
وقال ديفيد سورابيور رئيس التراث المبني في متحف لندن للآثار: «عند الوقوف داخل القبو الكهفي المبني بطريقةٍ جميلة، يكون من المذهل التفكير في أنَّه كان يُملأ بأطنانٍ من كتل الثلج التي كانت تُنقَل عبر بحر الشمال وعلى طول قناة ريجنت للمجيء إلى هنا».
وأضاف: «يوضِّح هيكل القبو النطاق الاستثنائي الذي وصلوا إليه آنذاك لتقديم الحلويات المُجمَّدة الراقية الفاخرة وإمداد تُجار المواد الغذائية بالثلج».
وفور ترميم القبو، سيُدمَج في حدائق الهلال الملكي الواقع في شارع ريجنت.
وجديرٌ بالذكر أنَّ مُصمِّم هذه الحدائق هو كيم ويلكي، مهندس المناظر الطبيعية الشهير الذي صمَّم حدائق متحف فكتوريا وألبرت ومتحف التاريخ الطبيعي.
وتعمل شركة Great Marlborough Estates، التي تمتلك مبنى الهلال الملكي، على ترميم المعالم التاريخية الأخرى في المنطقة إلى جانب القبو.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ مُصمِّم الهلال الملكي -الذي بُني في عام 1819 والمُصنَّف ضمن مباني الدرجة الأولى- في الأصل هو جون ناش.
ويُذكَر أنَّ منازل الهلال الشهيرة دُمّرت على يد النازيين في قصف لندن، وحلَّت محلها نسخةٌ طبق الأصل منها في عام 1960.
وتكريماً لرؤية ناش الأصلية، يهدف مشروع إعادة تطوير المجمع إلى الحفاظ على أصالته التاريخية، بدءاً من شكل النوافذ إلى شكل الحجر الجيري المُستخدَم على الواجهة.