اختراقات استخباراتية وراء انقلابات الحرس الثوري الإيراني
وسط تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة، أقدم مرشد النظام الإيراني على إجراء تغييرات داخل قيادة الحرس الثوري، الجيش الموازي في البلاد.
وذكرت وسائل إعلام رسمية في إيران خلال الأيام الأخيرة أن علي خامنئي عيّن، حسين طالب، قائدا لجهاز الاستخبارات والأمن في الحرس الثوري، كما عيّن، حسن محقق، نائبا له.
وفي سياق التغييرات أيضا، جرى تعيين حسين نجات مساعدا للقائد العام للحرس للشؤون الثقافية، خلفا لمحمد رضا نقدي، الذي تولى منصب المنسق العام للحرس.
لكن التغيير الذي يبدو أنه الأكثر أهمية هو تعيين، علي فدوي، نائبا لقائد الحرس الثوري.
ودعا فدوي في أول كلمة له بعد تولي المنصب، بحسب وكالة “تنسيم” إلى “رفع مستوى الاستعدادات العسكرية وتطوير مهمات قوات الحرس”.
الحشد الأمريكي
وتأتي هذه التطورات في ظل حشد الولايات المتحدة قوة عسكرية ضاربة في المنطقة، ممثلة بحاملة الطائرات “أبراهام لينكولن” ومجموعة قاذفات “بي 52” الاستراتيجية.
وجاءت خطوة واشنطن بعدما رصدت تهديدات جدية، تشير إلى نية طهران استهداف قطع بحرية أميركية في مياه الخليج العربي.
وذكرت تقارير إعلامية أن الاستخبارات رصدت نصب الحرس الثوري لصواريخ باليستية على متن قوارب خشبية في الموانئ الإيرانية المطلة على الخليج العربي، الأمر الذي أثار قلق واشنطن ودفعها للتحرك عسكريا.
بداية التغيير
وكان خامنئي بدأ مهمة تغيير الهرم القيادي في الحرس الثوري، في أبريل الماضي، عندما عيّن الجنرال حسين سلامي، قائدا جديدا للحرس الثوري، خلفا لمحمد علي جعفري، وذلك بعد أيام من إدراج الولايات المتحدة الحرس على قائمة المنظمات الإرهابية.
ورأى مراقبون أن إقدام خامنئي على إقالة جعفري جاءت بسبب الخلافات بين قادة الحرس، وتردي سمعته كثيرا، إثر تعرضه لضربات إسرائيلية قوية.
وكان من المقرر أن تنتهي ولاية جعفري في 2017، لكن خامنئي مدد فترة ولايته، حتى بدا أنها ستطول.
حرب مخابرات
وقال متخصصون في الشأن الإيراني إن اختراقات أجهزة الاستخبارات الأجنبية للكيانات السياسية والعسكرية في إيران، وخاصة الاستيلاء على أرشيف البرنامج النووي، عجلت من إقالة جعفري، وسط توقعات بأن الاختراقات الاستخبارية طالت الحرس نفسه.
وتحدث سلامي أخيرا، وفق وسائل إعلام إيرانية، عن أن بلاده تخوض “حربا استخباراتية شاملة” مع الولايات المتحدة، التي تمكن من اكتشاف تحركاته أخيرا في مياه الخليج.
وربما يسعى المرشد إلى ترميم حالة الاستخبارات في الحرس الثوري، خاصة أن التغييرات شملت قائد الاستخبارات والأمن فيه.
ويمكن عزو هذه التغييرات إلى التوتر مع واشنطن، خاصة في ظل مخاوف النظام الإيراني من احتمال زيادة الضغوط الأميركية الاقتصادية والعسكرية عليه بصورة غير مسبوقة، إلى درجة خنقه اقتصاديا.
ويريد النظام في هذه المرحلة، قادة عسكريين أكثر ولاءً، وهو ما يجمع القادة الجدد الذين يكثرون من إطلاق التصريحات النارية ضد الولايات المتحدة، خاصة في حالة تصاعد التوتر.
الخوف من الاحتجاجات
ويبدو أن التغييرات التي أجراها خامنئي على الحرس تنبع نتيجة مخاوف أخرى منها: اندلاع احتجاجات واسعة النطاق في البلاد، من جانب المواطنين الذين سئموا الأوضاع المتردية ، بحسب موقع “راديو فرادا” المتخصص في الشأن الإيراني.
ويمكن النظر إلى قاسم مشترك بين القادة الجدد في الحرس الثوري، هو إيمانهم واشتراكهم في القمع الوحشي للمتظاهرين المعارضين في إيران، فعل سبيل المثال كان فدوي يشغل في السابق، منصب قائد ميليشيات “الباسيج” التي مارست أشكال القمع ضد الإيرانيين، الذين خرجوا احتجاجا على تزوير الانتخابات عام 2009، وقد شارك سلامي أيضا في قمعها.
ويخضع محمد رضا نقدي منذ 2011 لعقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية بسبب مسؤوليته عن انتهاكات خطيرة داخل إيران.
كما يخشى النظام الإيراني من احتمال السقوط، في حال وفاة مفاجئة للمرشد خامنئي، الذي يبلغ من العمر (80 عاما)، وفق الموقع ذاته.
ويسود اعتقاد أن الحرس الثوري يفوق بقدراته وإمكانياته الجيش النظامي الإيراني، الذي لا يبدو أن المرشد يثق به.
ويخضع الحرس الثوري لسلطة المرشد مباشرة، ويمارس نفوذا عميقا في السياسة والاقتصاد داخل إيران، ولديه فضلا عن قوات المشاة أسلحة بحرية وجوية واستخبارية، ومن مهمته الإشراف على نشاطات الميليشيات الإرهابية التي تزعزع استقرار عدد من الدول العربية المجاورة.