ابنة الرئيس اللبناني تؤيد مطالب المحتجين وتطالب بحكومة ثقة
على بعد أمتار من قصر بعبدا الرئاسي تقف كلودين ميشال عون عند منتصف طريق تجد فيه نفسها مؤيدة لمطالب المحتجين وأمينة على دورها كموظفة رسمية وابنة رئيس جمهورية لبنان.
ومن شرفتها في مكتبها الواقع في منطقة بعبدا تنظر كلودين إلى شوارع الغضب الحانق فتمنح ثقتها لمطالب المتظاهرين وتقول “بلدنا ليس على ما يرام”.
وتطلق كلودين على المظاهرات المستمرة في لبنان منذ 22 يوما وصف “الانتفاضة” التي تنطلق منها “أصوات صادقة”.
وتشغل كلودين منصب رئيسة الهيئة الوطنية لحقوق المرأة في لبنان وهي زوجة النائب في البرلمان اللبناني العميد شامل روكز.
والهيئة هي مؤسسة حكومية مرتبطة برئاسة الحكومة ويعين رئيس الجمهورية رئيسها.
وأدت موجة احتجاجات لم يسبق لها مثيل ضد النخبة الحاكمة في البلاد إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري ودفعت البلاد إلى أتون أزمة سياسية في وقت تواجه فيه أزمة اقتصادية طاحنة.
وقالت كلودين لرويترز إن ما حدث في لبنان أدى إلى أزمة ثقة. ورددت تعبيرات تعكس لسان حال الشارع قائلة “ليس لدينا ثقة بكم وأنتم لم تكونوا على قدر مستوى المسؤولية التي أعطيناكم إياها. لهذا طرحوا هم الثقة وأسقطوا الحكومة”.
وباتت ابنة رئيس الجمهورية على ثقة بأن ما تشهده بلادها جاء على مستوى كل لبنان ولم يقتصر على منطقة واحدة وتقول “جنوب وشمال وبعلبك وبيروت وجبل وسهل .هذه أول مرة تحصل مظاهرات بكل لبنان بذات الوقت وعابرة للطوائف وللطبقات الاجتماعية، كانت فعلا صدمة”.
لكن كلودين ترى في المقابل أن على المسؤولين أخذ هذا الأمر على المحمل الإيجابي واعتباره جرس إنذار، وتقول “بلدنا ليس على ما يرام. لا مش ماشي الحال”.
ولا تحكم كلودين على أحد وترفض اتهام أي جهة. غير أنها تبدي إصرارا على التغيير وتقول “أنا لا أجدها صعبة إلى هذا الحد أن تتغير حكومة لأن كلنا أشخاص بالنهاية. المؤسسات هي التي تبقى والأشخاص تتغير أصلا. وأنا أطالب بحكومة ثقة يعني أشخاص لديهم الكفاءة والخبرة والنظافة وأعتقد أنه حتى بالأحزاب يوجد هكذا أشخاص توحي بالثقة”.
وعلى مدى 22 يوما تعالت صرخات في وسط بيروت تطالب بإزاحة وزير الخارجية جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر الذي له أكبر كتلة نيابية في البرلمان. ورددت شعارات وهتافات ترفض عودته إلى الحكومة لكونه من “الوجوه المستفزة”.
وتقول كلودين عون ردا على هذه الحملة ضد زوج شقيقتها شانتال عون “يوجد صرخة ضد جبران باسيل ولكن هناك صرخات أخرى في الشمال والجنوب وأماكن أخرى ويجب ألا نحصر كل الانتفاضة بشخص واحد”.
وتعددت مطالب الشارع اللبناني لكن معظم شعاراته تريد التغيير وبعضها يحمل شعار “كلن يعني كلن” بما يعني رحيل الطبقة الحاكمة المتهمة بالفساد.
وتقول كلودين ردا على هذه المطالب “في الشارع في من كل شيء. أناس يريدون إسقاط النظام وأناس يدعون إلى استقالة رئيس الجمهورية وآخرون يدعون إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة ولهذا اضطر رئيس الجمهورية أن يسألهم من الذي سيتفاوض؟ من الذي يستطيع التحدث معنا لنرى ما هي المطالب الحقيقية؟ لا يوجد لديهم قيادة”.
وكان الرئيس ميشال عون وعد منذ بداية عهده قبل ثلاث سنوات بمحاربة الفساد تنفيذا لشعار التغيير والإصلاح الذي أطلقه ما قبل الرئاسة.
لكن عهد عون أخفق في تنفيذ ما أطلقه من وعود. وتقول ابنته في هذا المجال “الناس كانت منتظرة الكثير من التغيير والإصلاح. في هذا العهد كان في توقعات عالية للناس لأنهم كانوا ينتظرون أن يكون هناك محاسبة وتغيير وإصلاحات سريعة. مرت ثلاث سنوات أي نصف العهد. الناس طرحت الثقة لأنها لم تر المحاسبة التي تنتظرها ولم تر التغيير. يعني خاب أملهم في مكان معين وهذا أمر لا نستطيع نكرانه اليوم”.
وساهمت الأزمة الاقتصادية في تأجيج الشارع في لبنان وقالت كلودين “في التظاهرات هناك صوت صادق. وأكيد هناك الأزمة الاقتصادية التي أشعلت هذا الأمر”.
ومنذ توليها رئاسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كانت كلودين تعمل على قوانين ينشط فيها دور المرأة في حل النزاعات وإذ بها تجد أن المرأة قد أصبحت في قلب “الانتفاضة للتنفيذ على الأرض”. لكن رئيسة الهيئة اخفقت حتى اليوم في إقرار مشروع تطالب به النساء وهو منح الجنسية لأبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب. وتقول كلودين “عدد النساء كبير جدا، هؤلاء لبنانيون يتكلمون اللبنانية ويعيشون في لبنان ولا يعرف أحدهم أي بلد آخر وتقول له انت غير لبناني وهو أمه لبنانية يعني نصف دمه لبناني”.
وتتبنى كلودين صرخة الناس في الطريق وتقول إنها صرخة الهيئة التي تترأسها “فكل القضايا التي تهم الحركة النسائية في الساحة قوية جدا وهناك أمر إيجابي جدا بتكبر القلب وهو دور المرأة في الساحات التي وقفت درعا بين القوى الأمنية والمتظاهرين”.
ورغم دعمها قضايا الناس، لا تحصر كلودين الأسباب بمرحلة حكم والدها بل بتراكمات من عقود مضت.