إيكونوميست: مرض بوريس جونسون يخلق أزمة دستورية
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن مرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وقالت إنه في ظل الحكومة المتزعزعة التي يقودها، فمرضه يعتبر امتحانا للدستور البريطاني.
وقالت إن السياسة البريطانية مثل الذي أصابهم مرض كوفيد- 19، فبعد أسبوع أو يزيد من ظهور حالة استقرار عليهم تتدهور حالتهم للأسوأ.
وفي 5 أبريل وبعد 13 يوما من الإغلاق والوتيرة اليومية للأزمة، أعلن مقر رئيس الوزراء (10 داونينغ ستريت) عن نقل جونسون إلى المستشفى، فقد ضرب الفيروس الحكومة نفسها. وكان رئيس الوزراء يعمل من سريره ولكن حالته ساءت حيث أصبح بحاجة للأوكسجين وتم نقله إلى غرفة العناية المركزة كخطوة “احترازية”.
وأرسل رسالة إلى وزير الخارجية والوزير الأول دومينك راب أن عليه النيابة عنه “عندما تقتضي الضرورة”.
وتقول الحكومة إن حالة جونسون مستقرة ولا تزال معنوياته عالية وإنه لم يحتج إلى جهاز تنفس. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه وجه الشركات الأمريكية لتوفير عقار تجريبي إلى أطباء جونسون. ورد داونينغ ستريت الطلب بأدب مما سمح له لتأكيد دعمه للمؤسسة التي تقع في مركز مواجهة المرض “نحن واثقون من أن رئيس الوزراء يتلقى أفضل العلاج من الرعاية الصحية الوطنية”.
وفي بريطانيا مقابل كل مريض بكوفيد-19 خرج من المستشفى، هناك وفاة. وبالنسبة لجونسون وغيره ممن لا يحتاجون إلى جهاز تنفس في الأربع والعشرين ساعة الأولى ففرص نجاتهم عالية. كما أن جونسون أصغر من المعدل العمري، 55 مقارنة مع 60 عاما، مع أنه يعاني من إفراط في الوزن ولكن بدون مشاكل صحية. وكما يقول ديريك هيل، أستاذ التصوير الطبي بكينغز كوليج في لندن: “بلا شك فإن التحول في الأحداث يعني أن حالة جونسون خطيرة”.
ويدير راب الحكومة من مكتبه في وزارة الخارجية. وقال إن رئيس الوزراء ترك “خطة واضحة” لإدارة الحكومة أثناء غيابه. ويدير لقاءات يومية لمواجهة كوفيد- 19 والتي تتكون إلى جانب رئيس الوزراء من وزير الخزانة ريشي سوناك ووزير الصحة وراب نفسه. ويدير الأربعة لجانا فرعية بشأن الاقتصاد والقطاع الصحي والبنى التحتية الحيوية والقطاع العام والخارجية.
ويتم إدارة الأزمة من خلال تطبيق التواصل عبر الفيديو “زووم” في وقت عزل فيه الوزير مايكل غوف نفسه بعد إصابة أحد افراد عائلته بالفيروس، وكذا مستشار جونسون البارز دومينك كامينكز الذي ظهرت عليه أعراض الفيروس.
وتعلق المجلة أن أداء الحكومة حتى الآن كان مزيجا من النجاح والفشل. فقد ارتفعت شعبية جونسون بعدما ضربت الأزمة بريطانيا، وفي مجلس العموم كدليل على “الالتفاف حول العلم” وهي ظاهرة تحصل في وقت الأزمات. وتبدو إدارة الحكومة للأزمة ناجحة في بعض الملامح مثل توسيع غرف العناية المركزية لدى الرعاية الصحية الوطنية “إن إتش إس” ونجاح عملية الإغلاق بطريقة أفضل مما خشي البعض. إلا أن الحكومة تعرضت للانتقاد بسبب تحركها بشكل بطيء لفرض التباعد الإجتماعي وفشلها لعدم فرض عمليات فحص واسعة لملاحقة مستويات انتشار الفيروس. وظهرت خلافات داخل الحكومة، وبرز تنافس بين غوف ووزير الصحة مات هانكوك الذي يقود الحملة لمواجهة كوفيد- 19.
وفي 7 نيسان/ أبريل أبعد راب نفسه عن وعد قطعه هانكوك عندما قال إن الهدف هو الوصول إلى 100 ألف عملية فحص في نهاية هذا الشهر، مما أشار إلى مسؤولية هانكوك لو لم يتم الوصول إلى هذا الرقم. وتقول المجلة إن الخلافات داخل الحكومة ليست جيدة خاصة وقت الأزمة. وأكثر عندما يكون زعيمها غائبا، وقد تكون ذات أثر كارثي.
وأمام الحكومة قرارات حرجة عليها اتخاذها قريبا، فبحلول 13 أبريل على الوزراء التقرير بشأن تمديد الإغلاق أم رفعه. ويقول كريس ويتي المسؤول الطبي الأول إن الحديث عن تخفيف الإغلاق ليس موضوعا الآن إلا بعد أن تتجاوز بريطانيا فترة الذروة للوباء. إلا أن سوناك يخشى من تدهور الإقتصاد.
ويقول غوس ماكدونال إن القرارات تعتمد على عودة رئيس الوزراء لكي يعود ويفرض سلطته. وفي حالة تدهورت فيها صحة جونسون فالدستور سيمثل مشكلة. لأنه لا يوجد فيه حكم ينص على ما يجب عمله حالة طالت غيبة رئيس الوزراء أو مات. وسكت دليل الحكومة الذي تم تعديله آخر مرة عام 2011 على هذا الأمر. وفي الأزمات ملأت المؤسسات الأمنية الفراغ الذي تركه الدستور، ففي أثناء الحرب الباردة كان رئيس الوزراء يعين “نوابا نوويين” للانتقام لو تم ضرب لندن. وتم إحياء الممارسة في عهد توني بلير بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
وسيترأس راب مجلس الأمن القومي في غيبة جونسون، وستظل تعليمات جونسون للغواصات النووية البريطانية حال تم محو بريطانيا عن الخريطة في مكانها. إلا أن وفاة رئيس وزراء وهو في منصبه والذي لم يحدث منذ عام 1865 سيكون مشكلة حسب فيرنون بوغدانور، استاذ التاريخ في كينغز كوليج- لندن. فصفة راب كسكرتير أول للدولة يشير إلى مكانه البارز، ولكن لا يعطيه الحق ليتولى المنصب الأول، وهو رجل معروف ببروده في البرلمان ويفضل الزمالة أكثر، ولن يكون اختيارا مناسبا.
وتعين الملكة رئيس الوزراء الذي يحصل على دعم واسع في مجلس العموم- وعادة ما يكون زعيم الحزب الأكبر. وتنص قواعد حزب المحافظين أن الزعيم هو من يختار عبر انتخابات داخلية وعملية انتخابه بهذه الطريقة تحتاج وقتا، ومن هنا يجب اتخاذ قرار حول اختيار الحكومة رئيسا للوزراء أم من خلال النواب في البرلمان، أي بنفس الطريقة التي تم انتخاب الزعيم فيها عام 2011. والسرعة ضرورية واختيار الحكومة سيكون أسرع إلا أن التنافس داخلها والعداء قد يخرج للعلن. وهو خيار يأمل النواب والشعب البريطاني أن يصل إلى هذا الحد.