إيران نشرت فرق اغتيال في العراق بعد الانتخابات الأخيرة
كشفت صحيفة “التليجراف” البريطانية، نقلاً عن مسؤولين أمنيين في بريطانيا، أنَّ إيران تستخدم مجموعات من فرق الاغتيال لإسكات منتقدي محاولاتها التدخُّل في شؤون الحكومة العراقية الجديدة.
وقالت الصحيفة البريطانية إنَّ فرق الاغتيال نُشِرَت بناءً على أوامر من قاسم سليماني، قائد فيلق القدس النخبوي بالحرس الثوري الإيراني، بهدف تخويف العراقيين المعارضين للتدخُّل الإيراني في السياسة العراقية.
هدفهم تخويف العراقيين
ونُشِرت فرق الاغتيال بعد الانتخابات العراقية العامة التي جرت في مايو 2018، حين عُرقِلَت مساعي إيران لترسيخ نفوذٍ مُسيطر على الحكومة العراقية الجديدة، بسبب فشل المرشحين المدعومين من طهران في الفوز بأصوات كافية، بحسب الصحيفة البريطانية.
ودعمت إيران، خلال الحملة الانتخابية، رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، الذي كان ارتباطه الوثيق مع طهران عاملاً رئيسياً في إبعاده عن منصبه.
حاول الإيرانيون الحفاظ على رهاناتهم كذلك عن طريق دعم مرشحٍ آخر موالٍ لإيران، هادي العامري، مع أنَّ أي المرشحين لم ينجح في الحصول على الأصوات الكافية لتشكيل الحكومة.
ويقول مسؤولون أمنيون بريطانيون، يُقدِّمون الدعم والتدريب العسكري للقوات المسلحة العراقية، إنَّ إيران ردَّت بإرسال عدد من فرق الاغتيال التابعة لفيلق القدس، لإسكات المنتقدين العراقيين لمحاولات إيران تقرير مصير العراق السياسي.
أول ضحاياهم
كان أبرز ضحايا فرق الاغتيال الإيرانية حتى الآن، عادل شاكر التميمي -وهو حليف مقرب من رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي- والذي اغتيل على يد قوة تابعة لفيلق القدس في سبتمبر 2018.
كان التميمي (46 عاماً)، وهو مسلم شيعي يحمل الجنسيتين العراقية والكندية، منخرطاً في محاولاتٍ لرأب الصدع ببغداد بين الطائفتين الشيعية والسُنّيّة في البلاد، وعمل أيضاً باعتباره مبعوثاً من خلف الكواليس لاستعادة علاقات العراق مع الدول العربية المجاورة مثل الأردن والسعودية.
وتقول المصادر الأمنية إنَّ المغتالين الإيرانيين استهدفوا كذلك الخصوم من مختلف ألوان الطيف السياسي العراقي.
إذ كان ضمن الضحايا الآخرين لفرق الاغتيال الإيرانية شوقي الحداد، وهو حليف مقرب من الزعيم الشيعي المعارض مقتدى الصدر، والذي كان بدوره واحداً ممن ترعاهم طهران سابقاً وتبنّى مؤخراً أجندة قومية أكثر.
قُتِل الحداد في يوليو/تموز 2018، بعد اتهامه الإيرانيين بتزوير الانتخابات. في الوقت نفسه، كان راضي الطائي، أحد مستشاري رجل الدين العراقي الرائد آية الله العظمى علي السيستاني، هدفاً لمحاولة اغتيال فاشلة في أغسطس 2018، بعدما دعا إلى تقليص النفوذ الإيراني بالحكومة الجديدة.
إحباط الحكومة العراقية
وقال مسؤول أمني بريطاني رفيع لصحيفة “التليجراف” البريطانية: «إيران تُكثِّف حملتها التخويفية ضد الحكومة العراقية باستخدام فرق الاغتيال لإسكات منتقدي طهران».
وأضاف: «هذه محاولة سافرة لإحباط مساعي الحكومة العراقية الجديدة لإنهاء التدخل الإيراني في العراق».
وتُعَد إيران، القوة العظمى الشيعية المعترف بها في المنطقة، ملتزمةً بزيادة نفوذها على السكان الشيعة في البلدان العربية، وكان العراق المجاور، حيث يُشكِّل الشيعة أغلبية السكان، منذ أمدٍ طويل، هدفاً للنظام الإسلامي الحاكم في طهران.
وإيران الآن في خضم محاولة إقامة هلال شيعي عبر قلب المناطق العراقية بالعراق وسوريا عن طريق ربط المناطق الشيعية التقليدية، وهو برنامجٌ طموح تأمل إيران أن يمنحها قوساً من النفوذ يصل من طهران إلى الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط.
وأدَّى فشل المرشحين المدعومين من إيران في الفوز بأغلبية في انتخابات مايو 2018، إلى تولي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وهو شخص براغماتي، السلطة بتفويضٍ لكبح التدخُّل لإيراني.
وقال الجنرال مارك كارلتون سميث، رئيس هيئة الأركان البريطاني، لصحيفة “التليجراف” ، في مقابلة جرت مؤخراً، إنَّه يعتبر «التأثير الخبيث» لإيران واحداً من أكبر التهديدات التي تواجه العالم اليوم.
وبعيداً عن إرسال فرق الاغتيالات إلى العراق، يقول المسؤولون الأمنيون إنَّ فيلق القدس يسعى كذلك لتوطيد موقفه العسكري في البلاد.
ويُهرِّب الإيرانيون، باستخدام ميليشيات شيعية مترسخة مثل كتائب حزب الله، الأسلحة إلى داخل العراق، لاستخدامها ضد الولايات المتحدة وأهداف غربية أخرى.
واتُّهِمَت الميليشيا، في سبتمبر 2018، بشن هجومين ضد أهداف أميركية: السفارة الأميركية في بغداد والقنصلية الأمريكية بالبصرة.