إيران تبني نظام جديد لتعزيز وجودها في جسد الدولة السورية مع تعزيز الأسد سيطرته
قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية،ان الأدلة التي تظهر في جنوب غرب سوريا تشير إلى أن نظام الأسد بدأ في تسوية الحسابات مع المتمردين السابقين الذين عملوا مع إسرائيل ومع الدول الغربية خلال السنوات التي كانت فيها هذه المنطقة خارجة عن سيطرة النظام.
وتشير الصحيفة إلي اختفاء بعض القادة السابقين من المتمردين في محافظتي درعا والقنيطرة بعد أن قبضت عليهم قوات النظام، ومُنع متمردون سابقون آخرون من مغادرة المنطقة إلى محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة في شمال شرق البلاد .
وأوضحت الصحيفة إن إجراءات النظام ضد من يراه غير مناسب لـ “المصالحة” مستمرة بالتوازي مع دمج المتمرّدين السابقين من الرتب في الهياكل الأمنية للنظام، ولكن في الجنوب السوري تلعب إيران دور مركزي بعد ما كان مهد الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد تحول الآن ليكون مهد سوريا جديدة، حيث تشكل إيران وحلفاؤها عنصراً حيوياً لا يمكن فصله عن المنطقة.
ولفتت الصحيفة إلي ان محافظتي “ديرا” و “القنيطرة” كانا من بين المناطق الأولى في سوريا التي تحررت من سيطرة النظام، وكانت بداية المظاهرات التي أطلقت الانتفاضة السورية في مدينة درعا في منتصف مارس 2011، وبحلول نهاية العام فقد النظام السيطرة على الجزء الأكبر من كلتا المحافظتين.
في السنوات الست اللاحقة ، ظهر واقع مزدهر بعد النظام، حيث بدأت المنظمات الدولية غير الحكومية في تنفيذ مشاريع في المناطق مع توفير عمل لسلطة محلية مؤقتة.
وأصبحت الحكومات الأجنبية أيضا تشارك، وقامت إسرائيل المصممة على منع وصول إيران والميليشيات التابعة لها إلى الحدود من مرتفعات الجولان ، بتطوير العلاقات مع عدد من الجماعات المتمردة غير الجهادية المحلية وساعدت لفرض سيطرتها على المنطقة الحدودية.، وكان من بين هذه المنظمات فرسان الجولان وأحرار نوى ، وهناك الكثير من المنظمات السورية التي استفادت من علاقتها مع إسرايل.
بينما في الشرق قدمت الحكومات الغربية ومن بينهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المساعدة للمعارضة في محافظة درعا، الدعم لبعض المشاريع مثل قوة الشرطة السورية الحرة ، وسعى الغرب إلى المساعدة في تطوير هياكل المجتمع المدني البدائية لتحل محل هياكل نظام الأسد.
ولكن كل هذا انتهى فجأة في نهاية صيف عام 2018، حيث قام النظام في شهر يونيو بعد أن أنهى التمرد في الغوطة الشرقية القريبة من دمشق ، بتحويل انتباهه إلى الجنوب الغربي، وبدأ هجوم جوي وبري ضخم تسبب في انهيار المتمردين بسرعة غير متوقعة، و بحلول يوليو كان انتهي الأمر.
وبمجرد استيلاء النظام على مناطق استراتيجية رئيسية ، اضطرت الجماعات المتمردة إلى الاختيار بين موقف دموي أو استسلام متفاوض عليه، واختاروا طريق الاستسلام والتفاوض، ثم اختارتالآلاف ركوب الحافلات المتجهة إلى إدلب التي يسيطر عليها المتمردون في الشمال الغربي.
وقد تم منح من يرغبون في البقاء فترة ستة أشهر بداية من أغسطس لزيارة مركز تسيطر عليه الحكومة و تطبيع وضعهم مع السلطات، وكان الاقتراح الضمني أنه إذا تم ذلك ، فلن يواجهوا أي عقاب آخر، ولكن هذا الأمر يبدو أنه ليس صحيح وفقا لسكان المنطقة الذين واجهوا موجة من الاعتقالات والاختفاء للقادة المتمرجين السابقين ونشطاء المعارضة.
وفي 7 نوفمبر عثر علي جثة غانم وهو الرئيس السابق للشرطة السورية الحرة في بلدة داعل ، على جانب أحد الطرق في ضواحي المدينة، ومنع الضباط الذين ينتمون إلى مخابرات الأسد المارة من الاقتراب من الجثة.
ويعد غانم هو واحد من بين 23 قائد للمتمردين السابقين ونشطاء المعارضة الذين اعتقلوا أو اختفوا من قبل أجهزة النظام في الأسابيع الأخيرة، وبجانب ذلك تم احتجاز المزيد من الشباب السوريين في المنطقة ممن تربطهم صلات أقل بالمعارضة.
ومن بين الأشخاص الآخرين المتأثرين بحملة النظام هم أفراد كانوا مرتبطين بشكل مباشر بإسرائيل. في 7 سبتمبر ، اعتقلت قوات النظام أيهم الجهماني ، القائد السابق لجماعة أحرار النواة في بلدة نوى في محافظة القنيطرة، ولم يسمع عنه شيءمنذ ذلك الحين. كانت أحرار النوى من بين الجماعات التي تعاونت بشكل وثيق مع إسرائيل، وكان الجهماني قضي بعض الوقت في مستشفى في إسرائيل أثناء الحرب السورية ، وكان يخضع للعلاج بعد إصابته بجروح أصيب بها في القتال.
وأضافت الصحيفة أن أجهزة الأمن التابعة للنظام تستهدف القادة السابقين للنظام الهش الذي ظهر في الفترة من 2011 إلى 2018 ، بدأت الإدارة الجديدة في جنوب غرب سوريا في الظهور، فيلق الحرس الثوري الإسلامي والميليشيات التابعة له، بما في ذلك حزب الله اللبناني والجماعات العراقية مثل عصائب أهل الحق، وهم جزء لا يتجزأ من المنطقة.
وكشفت بعض التقاير عن وجود قاعدة إيرانية كبيرة قيد الإنشاء في منطقة لجات بمحافظة درعا. ووفقًا لموقع المراقب السوري ، فإن عصائب أهل الحق وحزب الله ، اللذان يعملان نيابة عن الإيرانيين ، دمروا حوالي 650 منزلاً وقاموا بتطهير عدد من القرى في لاجات ، مما أدى إلى تسويتها على الأرض ، لإنشاء مساحة 30 كيلومترًا مربعًا.
وانشأت الميليشيات المدعومة من إيران في هذه القري، ثكنات تدريب ومستودعات للأسلحة والذخائر ، من أجل جعل هذه المنطقة قاعدة عسكرية للميليشيات الأجنبية المدعومة من إيران، ووصلت الدفعة الأولى من الأسلحة والذخائر إلى المليشيات في المنطقة على هذا الطريق في بداية أكتوبر، من خلال المعبر الحدودي بين العراق وسوريا في أبو كمال إلى لاجات ، تحت إشراف أفراد الحرس الثوري الإيراني.
كما ظهرت أدلة على وجود أفراد من حزب الله وغيرهم من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في زي الجيش العربي السوري ضمن قوات النظام العائدة إلى منطقة الحدود مع مرتفعات الجولان.
وأوضحت الصحيفة ان النشاط الإيراني القريب من الحدود يسير جنبا إلى جنب مع نشاط طهران في أماكن أبعد ، بما في ذلك نقل الشيعة من جنوب العراق إلى الأحياء السنية المهجورة.
وأضافت الصحيفة أن هذا النظام الطاريء الجديد يشكل فترة ما بعد الحرب في سوريا، وكل من يأمل التغيير من السوريين يتم اعتقاله او يختفي للأبد، وتعمل إيران علي بناء نظام جديد حيث يتشابك الوجود الإيراني المستقل مع جسد الدولة السورية ونفسها لدرجة لا يمكن تمييزه وهو ما تفعله في لبنان والعراق.